مثلها مثل باريس، نيويورك، لندن أو استانبول التركية أصبحت المدينة الحمراء مراكش الحاضرة الأكثر جذبا للشخصيات العالمية من سياسين ورجال دولة وفنانين ورياضيين ورجال أعمال وأثرياء. استهوتهم المدينة بعبقها وأجوائها وناسها وسكينتها فامتلكوا فيها رياضات أصبحوا يقيمون فيها إما بصفة دائمة أو لفترات متقطعة في السنة، وتجاوز عشق مراكش الشخصيات العالمية البارزة وامتد حتى إلى البسطاء من الأجانب وخاصة من الأوروبيين الذين أصبحوا يفضلون قضاء سنوات تقاعدهم في حاضرة المدينة وبين ظهرانيها. «بغيتي الرياض ديال «ستراوس كان» ولاديال «هنري ليفي»؟ هاهو هنا في درب سيدي ميمون راه حدا الاقامة ديال سيدنا». ما أن يلج المرء الباب الكبير المقوس لحي سيدي ميمون وعلى مقربة من الاقامة الملكية حتى يباغثه الجميع نساء ورجالا وحتى أطفال كل غريب عن الحي بالتطوع لإرشاد الزائر إلى رياض «هنري ليفي» أو «ستراوس كان». السكان الطيبون يعتقدون أن كل زائر غريب أو أجنبي حل بحييهم جاء بحثا عن إقامات هاتين الشخصيتين. الأمر لايقف عند حدود أهل وساكنة حي سيدي ميمون في المدينة العتيقة للمدينة بل يتعداه إلى العديد من سائقي الطاكسيات الكبيرة والصغيرة ونادلي المقاهي، الكل أصبح يعرف عنوان رياض ستراوس كان المعروف برياض «الشريفة» أو رياض الزاهية للكاتب والفيلسوف الفرنسي بيرنارد هنري ليفي الذي كان في الأصل في ملكية الممثل الفرنسي العالمي آلان دولون والمعروف برياض الزاهية. رياض الزاهية سكان المدينة الذين يسعون نحو مستشفى ابن زهر لابد أن يعرجو على رياض الزاهية المعروف لدى العديد من ساكنة المدينة. يلفت الرياض أنظار كل الزائرين بقبابه المغطاة بالقرميد الملون وأبوابه المقوسة المبنية بالحجر المنحوث. رياض الزاهية الذي اقتناه الفنان الفرنسي آلان دولون في العام1980 وكان بذلك أول شخصية عالمية تقتني رياضا في مراكش حتى قبل أن تطفو على السطح ظاهرة اقتناء الرياضات في المدينة العتيقة من قبل أجانب والتي ابتدأت مع بداية التسعينات. عند زيارات آلان دولون المتكررة على مدار السنة لمراكش التي استبد به عشقها، كان الفنان الفرنسي من المعجبين بفندق المامونية حيث ظل لسنوات أحد زبنائه الأوفياء والمميزين، ولما قرر «آلان دولون» امتلاك سكن خارج باريس فضل اقتناء الرياض المعروف برياض الزاهية غير بعيد عن فندق المامونية والمتواجد بحي سيدي ميمون الصحرواي الذي يقصده مرضى العقول للمبيت به قصد العلاج . لم يكن الاختيار على حي سيدي ميمون اعتباطا من قبل آلان دولون بل نتيجة لعدة اعتبارات في مقدمتها أن الرياض يقع في حي من أعرق الأحياء المراكشية إذ يعود تأسيسه إلى عهد يعقوب المنصور الموحدي والتي أشار إليها القبطان الفرنسي لاراس في الخريطة التي وضعها سنة1899 لمدينة مراكش، ولايبعد عن ساحة جامع الفنا والأسواق إلا ببضعة دقائق. يعشق آلان دولون التجوال بين أزقة المدينة القديمة وفي جنباتها على بعد بضعة أمتار من فندق المامونية والكازينو الملحق به، حيث ظل لسنوات يستقبل ضيوفه ويجالسهم كلما حل بمراكش للابتعاد عن صخب استديوهات التصوير. رياض الزاهية الذي يغري الناظرين كان في الأصل في ملك الفرنسي «بول كيتي» خلال سنوات السبعينات قبل أن يقوم بتفويته إلى «آلان دولون» في بداية الثمانينات. بعد اقتناء الرياض قام آلان دولون بإعادة ترميمه وبناء نافورة في بهو الرياض وحديقة صغيرة وذلك دون المساس بالطابع العتيق للرياضات المراكشية. بعد سنوات سيتحول الرياض من مقر إقامة آلان دولون إلى هدية. اللحظة التي قرر فيها «آلان دولون» الانفصال عن زوجته «ميغيل دارك» فكر في الهدية التي يضع بها نقطة نهاية لهذه العلاقة، فكان الراض عربون وفاء لسنوات من العيش المشترك بينهما. إلا أن «ميغيل» لم تستسغ الاقامة في الرياض دون «آلان دولون» وقررت في سنة 1996 تفويته إلى صديق الأسرة الكاتب والفيلسوف الفرنسي ذي الأصوال اليهودية «بيرنارد هنري ليفي» ورفيقته آرييل دومباسل» بعدما تأكدت أن تحفة رياض «الزاهية» ستكون بين أيدي أمينة. عندما قرر «بيرنارد هنري ليفي» الفيلسوف الفرنسي المزداد في الجزائر الاستقرار في بلد خارج فرنسا توجه إلى مراكش ولم يجد أحسن من رياض «الزاهية» الذي يعود إلى صديقة «آلان دولون» ليكون مستقره الجديد. يستقبل الرئيس الأفغاني كارزاي كل من يلج إلى رياض الزاهية، ليس بلحمه وشحمه، ولكن بصورته مع هنري ليفي، التي أصر هذا الأخير على وضعها بمدخل الرياض شأنها في ذلك شأن باقي الصور التي جمعته مع شخصيات عالمية بارزة. بالرغم من شساعة الرياض فقد ظل صغيرا في عيني بيرنارد هنري ليفي، خاصة أنه كان يضيق بضيوفه الكثيرين الذين يزورونه على مدار السنة وفي المقدمة «كارلا بروني» سيدة فرنسا الأولى والتي عاشت قبل ارتباطها بزوجها الحالي نيكولا ساركوزي قصة حب في أحضان الرياض مع الناشر «جون بول أنتوفين» الأمر الذي دفع ليفي إلى اقتناء العديد من الدور السكنية القريبة من الرياض وقام بتهديمها من أجل توسيع الرياض وقام تكسية واجهة الرياض بالأجور الأحمر وغطى الأزقة المؤدية للرياض من أجل تلطيف الأجواء خاصة في أوقات الحر الظويلة في المدينة رياض محرر بيعة السلطان مولاي عبد العزيز «ستراوس كان» وزير المالية الفرنسي ورئيس صندوق النقد الدولي السابق لم يتمكن من مقاومة سحر المدينة الحمراء التي ظل يترد عليها في كل مناسبة تسنح بها مسؤولياته العديدة وكان مقصده دائما فندق المامونية وأحيانا فندق السعدي المتواجد في الحي الشتوي وعندما قرر «سترواس كان» اقتناء مسكن خارج باريس ونيويورك حيث يملك شقتين لم تكن وجهته عاصمة سوس أكادير التي قضى فيها جزءا من طفولته في سنوات الخمسينات وخاصة في حي تلبورجت بل كانت الوجهة إلى مراكش وإلى حي سيدي ميمون بالذات. في العام 2000 اقتنى «ستراوس كان» الرياض المعروف برياض «الشريفة للا عائشة» الذي يعود إلى ملكية القاضي «مولاي المصطفى» صهر السلطان المولى الحسن الأول جد الملك «محمد الخامس» والذي كان من الشخصيات البارزة في البلاط المخزني المغربي نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، وحيث كان «مولاي المصطفى» هو محرر بيعة السلطان «مولاي عبد العزيز» بعد وصوله السن القانونية. رياض الشريفة الذي يوجد بجوار رياض بيرنارد هنري ليفي يقع على مقربة من ضريح مؤسس مراكش يوسف بن تاشفين وعلى بعد بضعة أمتار من فندق المامونية وملاصقا للاقامة الملكية المتواجدة بباب اكناو. قبل أن يصبح في ملكية «سترواس كان» والاعلامية «آن سان كلير» عاش بين أسوار الرياض العديد من ورثة القاضي «مولاي مصطفى» والذي كان يملك إلى جانب الرياض بسيدي ميمون رياضا آخر في درب أكادير ملاصقا لمقبرة السعدين بجوار مسجد السلطان «مولاي اليزيد» بالقصبة وآخر في مشور القصر الملكي بنفس الحي قبل أن يتحول إلى مدرسة المشور الابتدائية ومركز تكوين المعلمين. آخر من امتلك «رياض الشريفة» للا عائشة وفي العام 1988 وبعد وفاتها باع ورثثها الرياض لأحد المغاربة ذي الأصول اليهودية قبل أن يفوته هذا الأخير في العام1997 ل«لورا كوميز» الزوجة السابقة لابن الممثل الأمريكي كلينت استوود. الأحياء الارستقراطية انصب اهتمام الشخصيات العالمية التي قررت امتلاك رياضات في المدينة الحمراء على الأحياء ذات الطابع الارستقراطي التي كانت مستقرا للسلاطين والوزراء والحجاب ورجال البلاط المخزني. الممثل الفرنسي «آلان دولون» وعندما قرر اقتناء رياض في المدينة الحمراء أغرم بحي القصبة السلطانية التي بنيت على عهد يعقوب المنصور الموحدي لتكون مدينة سلطانية صغيرة قائمة بذاتها تحتضن القصور الملكية وسكنى الحاشية ورجال البلاط وبذلك كانت منعزلة عن باقي المدينة، ولعل هذا مافسر موقعها حيث أنشئت خارج الأسوار بالجنوب من المدينة وجهزت بكل ماتحتاج إليه من مرافق اقتصادية واجتماعية ولعل الوظيفة التي أنشأت من أجلها القصبة السلطانية بعيدا عن العامة من الناس القاطنين في الأحياء الشعبية إلى الشمال من المدينة ماميز القصبة عن باقي الأحياء الأخرى من المدينة وأضفى عليها ذلك الطابع الارستقراطي الذي لازمها منذ تأسيها إلى بداية القرن العشرين. ثاني حي اجتذب الشخصيات العالمية والأثرياء هو حي المواسين القريب من ساحة جامع الفنا واسم المواسين يعود إلى أهل ماسة الذين انخرطوا في جيش أهل سوس السعدي، انتقلوا معهم إلى مراكش وأقطعوهم الحي ونسب إليهم وكان حي المواسين من قبل حيا لليهود قبل أن ينقلوا إلى الملاح بالقرب من القصر الملكي من جهة مدخل باب القصادرية قرب قصر البديع. المشاهير الذين اقتنوا رياضات في هذا الحي كان اختيارهم على درب عزوز، درب السنان، درب الشرفا، ومما زاد الحي جاذبية وجود ضريح «الغزواني» أحد أقطاب سبعة رجال المعروف لدى سكان المدينة ب «مول القصور». ثالث حي من حيث إقبال الأجانب هو حي سيدي بنسليمان الجزولي يقع بجوار حي الزاوية العباسية، يرجع تاريخ إنشائه إلى مدفن شيخ الطريقة الجزولية «محمد بن سليمان الجازولي»، كان الحي في الأصل تقطنه أسر ميسورة اختارت السكن فيه تيركا بجوار الشيخ الجازولي مؤلف دليل الخيرات، وخص السعديون حي سيدي بن سليمان الجازولي بعناية خاصة وشيدوا للشيخ الجازولي قيها قبة وجامعا ومرافق اجتماعية وعلى منوالهم سار العلويون من بعدهم. «تحالفات» السياسيين الفرنسيين في رياضات مراكش كما كان حال الانتخابات التمهيدية للانتخابات الرئاسية السابقة في فرنسا سواء داخل الحزب الاشتراكي الفرنسي أو حزب الاتحاد من أجل حركة شعبية اليميني لاختيار المرشحين الحزبين لخوض الانتخابات والتي فاز بها الرئيس «نيكولا ساركوزي» على المرشحة الاشتراكية «سيغولين روايال» نفس الأمر ينطبق على الانتخابات القادمة حيث من المنتظر أن يشهد رياض الشريفة اجتماعات متتالية بين أقطاب الحزب الاشتراكي الفرنسي للاتفاق على أسماء المنافسين للدخول في غمار المنافسة الداخلية للحزب الاشتراكي لمنافسة ساركوزي العام القادم وعلى استراتيجية الحملة الانتخابية التي ستواجه بها مرشح حزب لاتحاد من أجل حركة شعبية نيكولا ساركوزي، ومن الشخصيات التي ألفت النزول ضيفة على ستراوس كان «مارتين دوبري»، «رولان فابيوس» و«جاك لانغ» وآخرين من زعامات الحزب الاشتراكي الفرنسي. في حي سيحتضن رياض الزاهية وفي رعاية «هنري ليفي» المتعاطف مع الحزب الشيوعي الفرنسي مسؤؤلي هذا الأخير ومسؤولين عن نقابة سي. جي. تي وزعماء تشكيلات يسارية أخرى صغيرة تمهيدا للانتخابات الرئاسية الفرنسية.