AHDATH.INFO – برلين – خاص صدمة حقيقية، تلك التي أصبت بها، وأنا أرى الصفحة الأولى للزميلة الوطن الآن، معززة بافتتاحية للزميل والصديق عبد الرحيم أريري، تحت عنوان ما الفرق بين أولاند وهتلر؟ يحاول فيها أريري أن يقارن بين ضواحي المدن الفرنسية ومعسكرات الاعتقال النازي. ومن تمة يستخلص مدير تحرير "الوطن الآن" أن أولاند صورة شبيهة لهتلر. وفي بداية الأسبوع نشر الصديق الشاعر ياسين عدنان على صفحته الفايسبوكية خبرا عن حلقة هذا الأسبوع من مشارف والتي تستضيف المترجم الألماني غونتر أورت، فجاء تعليق لشخص ما "سنتابع ما يجري في بلاد هتلر". وفي خضم تعليقه على المبارة التي جمعت فريقي بايرن ميونخ وروما برسم دوري أبطال أوروبا قبل شهور، صرح المعلق الرياضي عصام الشوالي "أن العقلية الهتليرية حاضرة في الغريزة الألمانية، ولكن بشكل إيجابي". هذا بالاضافة إلى العديد من العرب، رواد المواقع الاجتماعية الذين ينشرون صور هتلر أو يستشهدون بأقواله. إنها صدمة حقيقة عن صورة زعيم النازية في المخيلة العربية. فهل يتعلق الأمر بانبهار بصورة هذا المجرم، أم بجهل بتاريخه الحافل بالفضاعات، خاصة وأن العالم الآن يحيي ذكرى مرور سبعة عقود على معسكر الاعتقال النازي آوشفيتز السيء الذكر.؟ من دون شك أن سياسة فرنسا في علاقتها مع المهاجرين والضواحي، تعتريها الكثير من الهفوات والانتقادات. غير أن تشبيه أولاند بهتلر ، والادعاء بأن ما قام به هذا الأخير في معسكرات الاعتقال النازي، شبيه بسياسية فرنسا تجاه مهاجريها وضواحي المدن الكبرى، يعتبر قصور ا في لنظر ومبالغة غير مفهومة تماما. معسكر أوشفيتز : عقدة الذنب الألمانية إلى الأبد. في السابع والعشرين من يناير 1945، قام الجيش السوفياتي بتحرير المعسكر ، حيث قضى 1,1 مليون شخص حتفهم، من بينهم مليون يهودي من دول أوروبية عديدة. ويعتبر معسكر اوشفيتز الأكبر والأكثر دموية بين معسكرات الموت النازية الذي تم الحفاظ على معالمه كما هي، بعد انسحاب الالمان منه أمام الزحف الروسي. يقع معسكر "آوشفيتز" على بعد 60 كيلومتر من مدينة كراكاو في بولندا، وتبلغ مساحته الكلية 40 كيلومتر ، عبر ثلاث وحدات أساسية و39 معسكر صغير. ورغم وصول أخبار من التاريخ عن الهمجية والبربرية التي حفت مسار التقدم البشري ، إلا أن "أوشفيتس" وبقية معسكرات التعذيب النازية كانت قمة ما شاهده وما سمعه الإنسان على مر الزمان، فعدد الضحايا المقدر في السجلات التاريخية لجرائم النازيين تفوق ال 6 ملايين فرد، معظمهم كانوا من اليهود والبولنديين. كما شملت عمليات الإبادة بعض الأقليات مثل الغجر والشيوعيين والمثليين ومعارضي النظام النازي. كان نقل المعتقلين إلى هناك يتم عن طريق قطارات مكدسة في سفر يستمر عشرات الساعات، مما ترتب عليه موت العديد منهم خنقا قبل وصولهم إلى المعسكرات. لينتقلوا بعد التفريق بينهم وبين أسرهم إلى داخل المعسكرات التي كانت تمارس فيها أنظمة صارمة، حيث الإقامة في أكواخ قذرة ومناخ غير صحي. وهو ما أدى في كل الأحوال إلى انتشار الأمراض والقضاء على الكثيرين ممن لم تهلكه رحلات القطارات. لقد كان هذا المناخ والعمل الإجباري القاسي والطعام القذر سببا أساسيا في تحول الكثير من المعتقلين إلى مرضى أو معوقين يتحتم التخلص منهم بالقذف بالرصاص أو وضعهم داخل المحارق وغرف الغاز وإجراء التجارب المعملية عليهم والدفن الحي أو التعذيب الجسدي والتجويع حتى الموت. لم يكن أوشفيتز هو مكان القتل الوحيد، فقد كانت هناك "معسكرات إبادة" أخرى في رافنسبروك، وداخاو، وبوخنفالد، وماوتهاوزن وغيرها، عن طريق الأعمال الشاقة والتعذيب والتجويع أو إطلاق النار عليهم، أومن خلال إطلاق النار عليهم بشكل جماعي، كما حدث في وادي بابين جار بالقرب من العاصمة الأوكرانية كييف أو في غابة بونار قرب فيلنيوس. ألمانيا والفترة النازية. أحيا البرلمان الألماني يوم الثلاثاء 27 يناير الذكرى السبعين لتحرير معتقل آوشفيتز النازي بحضور كبار القيادات السياسية في البلاد وعلى رأسها الرئيس يوآخيم غاوك والمستشارة أنغيلا ميركل. ولقد حذر الرئيس الألماني غاوك مواطنيه من تناسي تاريخ محرقة النازية "هولوكوست". وقال غاوك في خطابه أمام البرلمان الألماني "لا هوية ألمانية بدون أوشفيتس… ذكرى الهولوكوست ستبقى أمرا يخص كل المواطنين الذين يعيشون في ألمانيا. إنها جزء من تاريخ هذا البلد". وذكر غاوك أن التذكر يحمل تكليفا، وقال: "إنه يقول لنا: احموا وحافظوا على الإنسانية. احموا وحافظوا على حقوق كل فرد". وتأتي مناشدات غاوك على خلفية استطلاع حديث للرأي أجرته مؤسسة "بيرتلسمان" الألمانية، والذي أظهر أن غالبية كبيرة من الألمان لم تعد منشغلة بتاريخ الهولوكوست. وتبين من خلال الاستطلاع أن 81% من الألمان يريدون تخطي حقبة ملاحقة اليهود في تاريخ بلادهم، كما أعرب 58% من الألمان عن رغبتهم في طي تلك الصفحة من التاريخ. هذا وسجل معسكر آوشفيتز في العام السابق، رقما قياسيا، حيث بلغ عدد الزوار أكثر من 1.5 مليون زائر. الهولوكست بين الإنكار وضعف الاهتمام في العالم العربي بخلاف الاهتمام الكبير الذي توليه وسائل الإعلام والأوساط السياسية والشعبية في أوروبا بالهولوكوست، فإن تناول هذا الموضوع ظل في العالم العربي محدودا جدا، وحتى الحالات التي يثار فيها أحيانا، تهيمن عليها نزعات التشكيك في حقيقة الهولوكوست. وما هي الأسباب التي جعلت الاهتمام تاريخيا بالمحرقة ضعيفا أو منعدما لدى العرب؟ يعتقد بعضد الباحثين أن "المآسي والمصائب التي حلت بالعرب إبان فترة الحرب العالمية جعلتهم منشغلين عما يحل بغيرهم من الأمم". كما أن " العرب كانوا يعتبرون الهولوكوست موضوعا يهم تاريخ أوروبا". هذا بالاضافة إلى أن "تاريخ أوروبا مختلف عن العالم العربي حيث كانت معاملة اليهود جيدة بل إن اليهود الفارين من الإضطهاد الأوروبي سواء النازية أو حكومة فيشي الفرنسية في بداية الأربعينات، قد تم احتضانهم في بلدان المغرب العربي والدولة العثمانية". وفي هذا الصدد، يأتي الإعلان الشهير لسلطان المغرب الملك محمد الخامس عام 1941 بأنه "حامي الرعايا اليهود" ضد ملاحقتهم من قبل النازية. وهو نفس الموقف الذي اتخذه ملك تونس العثماني المنصف باي عام 1942 إبان غزو القوات الألمانية لتونس وبدأت بمضايقة اليهود وترحيل بعضهم إلى ألمانيا. ويرجع بعض الباحثين العرب إلى أن بعض العوامل التاريخية التي يمكن أن تفسر ضعف الاهتمام العربي بمأساة اليهود في عهد النظام النازي، قياسا للاهتمام الذي يوليه الأوروبيون والأميركيون ، إلى أن الدعاية النازية، كانت تجد تجاوبا من قبل بعض الفئات الشعبية البسيطة البلدان العربية، حيث كانت نسبة الأمية مرتفعة، وكانت أجهزة الدعاية الألمانية تضرب على وتر حساس لشعوب المنطقة حيث تقدم القوات الألمانية نفسها "كمحرر لشعوب المنطقة من الاستعمار ".