القلائل في العالم العربي والإسلام يعرفون ديودوني عندما كان فنانا يضحك حقا. الأمر يعود إلي قرن آخر، لمع فيه نجم هذا الفتى الأسمر رفقة نجم شاب صاعد هو إيلي سيمون. الخلطة السحرية التي جمعت هذا الثنائي كانت أكثر من رائعة في المشهد الفني والسمعي البصري الفرنسي: شاب من أصول كامرونية مع شاب بديانة يهودية من أصول مغربية، وبضحك يجمع الشابين ويقدمهما لفرنسا الراغبة في رؤية اندماجها على ششة التلفزيون. بسرعة لمع نجم ديودوني وأصبح الفتى المدلل لكل تلفزيونات فرنسا. حينها لم يقل أحد إن اللوبي اليهودي أو الصهيوني هو الذي يفتح الأبواب لديودو مثلما كان يلقب أيام مجده لكي يلمع ويصبح الأكثر تألقا. لا، الكل كان مقتنعا أن موهبة الفتى في الضحك هي التي أتاحت له هذا الازدهار الفني والانتشار الإعلامي وأن يصبح فعلا واحدا من كبار القوم في الضحك الفرنسي. لكن الرياح الشهيرة سارت بما لم تشتهه أبدا سفن الإبداع. انحرف ديودو يوما عن الخط الفكاهي واكتشف كآبة السياسة. لم يعد فنانا، وأصبح سياسيا. في البدء ضايقه مشاهير عديدون في التلفزيون الفرنسي. كانوا يناقشونه عن ميول واضحة في كلامه، وفي سكيتشاته للهجوم على مايشكل الإجماع في فرنسا، وشيئا فشيئا اختار ديودوني أن يواجه التحدي بتحد فارغ أكبر منه: أن يزايد وأن يدفع الأمور إلى التأزيم، كذلك كان. أصبح ديودوني متخصصا في التشكيك في المأساة التي تعرض لها اليهود في الحرب العالمية وهي مأساة هزت الإنسانية كلها ولا يمكن لآدمي سوي أن يدافع عنها. أصبح ديودوني يدافع عن الإرهاب، وأًبح ديودوني صديقا لرؤساء دول بعيدين تماما عن الديمقراطية أو الإنسانية أو الانفتاح. باختصار أصبح ديودوني كئيبا لا يضحك إلا نفسه وبعض العنصريين. يوما ما قرر أن يغير إسمه أن يطلب من الفرنسيين بأن ينادوه "إمبالا إمبالا" ويوما آخر طلب منهم أن يحترموا زيه الكاميروني لأنه لم يعد يعتبر نفسه فرنسيا، لكنه بقي في فرنسا ولم يعد إلى موطنه الأصلي الكامرون. يوما ما لم يعد ديودو الفتى الفرنسي ذا الأصول الإفريقية الذي يضحك أصبح عنصريا يفتخر بتحية النازية، وبإثارة أعصاب فرنسا كل مرة لكي تذهب به إلى السجن هذه المرة اختار ديودوني أن يضرب في مكان مؤلم للغاية: اختار لحظة حزن وحداد كبيرة في البلد كله وكتب على صفحته الشخصية في استفزاز أخير غير مقبول "أنا شارلي كوليبالي". لن تضحك منه فرنسا هذه المرة ولن تضحك معه. سترسله إلى السجن. سيمضي فيه خمس سنوات، وسيعرف جيدا أن الضحك من الاغتيال الجبان لين ضحك أبدا أي إنسان سوي في هذا العالم. إنتهى السكيتش المحزن المسمى إمبالا إمبالا . وانتهى معه الفتى المضحك المسمى يوما "ديودوني" لمياء الديلامي