AHDATH.INFO – خاص السيد وزير الاتصال، السيد مدير المركز السينمائي المغربي، وأنا بكامل قواي العقلية، أعترف بأني قمت بعمل يخالف القانون. اشتريت شريطا مقرصنا. اقتنيت فيلم "إيكسوديس" بخمسة دراهم… وأعترف لكما صراحة بأني لم أعجب بالفيلم. ليس لأنه زعزع عقيدتي، بل لأنه لم يكن بالمستوى الفني الذي توقعته في مثل هذه الإنتاجات. هي في النهاية مسألة أذواق… أليس كذلك؟ لن أتحدث عن المغالطات التاريخية التي يحملها الفيلم؛ لأني أؤمن بأن الأفلام التخييلية ليست وثائق تاريخية. ليست مراجع تُدَرّس في الجامعات أو في حصص التاريخ. هي أفلام تخييلية تستلهم أحداثها من وقائع حقيقية/تاريخية وتبني حولها عوالم مبتكرة جديدة. السيدان الوزير والمدير، لست أعلم أيكما مسؤول عن منع عرض الفيلم في القاعات السينمائية المغربية. ليس هذا المهم، فالعبرة بالخواتم وبالنتائج. الوثيقة الرسمية الموقعة من طرف المركز السينمائي المغربي والموجهة للموزعين، تقول بأن "لجنة النظر في صلاحية الأشرطة السينماتوغرافية لم تمنح لكم تأشيرة عرض فيلم "Exodus" بالإجماع لأنه يجسد الذات الإلهية في شخص طفل أثناء نزول الوحي على نبي الله موسى عليه السلام، فإن هذا التجسيد باطل وأن الله لا يتمثل في جميع الأديان السماوية. وهذا سبب جد كافي لمنع عرض هذا الفيلم". أولا، هذه الفقرة تزعجني لأنها تحمل الكثير من الأخطاء اللغوية والتركيبية. لكن فليكن… هذا ليس موضوعنا. لنعد للفيلم ولتجسيد الله. لدي سؤال مهم وأساسي: هل شاهدت اللجنة الفيلم حقا؟ لقد شاهدتُه، سيدي الوزير وسيدي المدير، والطفل الصغير الذي كان موسى يقابله، لم يقل في أية لحظة بأنه الله. كما أن موسى، في الدقيقة 95 من الفيلم، قال في حديثه مع الطفل: "لم أعد أحتمل إجبارية الحديث إلى رسول" (Je ne supporte plus d'être obligée de parler à un messager)، أي أن الطفل الصغير لم يكن تجسيدا لله بل لوسيط بين الله والنبي موسى. لنعتبر أنها مسألة تأويلات. الأساسي بالنسبة لي هو أن المنع هو سلاح الضعفاء. لماذا لم نتعلم كيف نرد بفيلم أقوى، بكتاب، ببرامج حوارية تنتقد وتفتح النقاش بين مختلف الأطراف والآراء، حتى نقوي الوعي لدى المتتبعين، بدل أن نمارس عليهم الوصاية؟ دون أن ننسى أن المنع يوفر دعاية مجانية للفيلم. سيشاهده اليوم أشخاص ما كانوا ربما ليشاهدوه في القاعات السينمائية. ستدعم الدولة، من حيث تدري أو لا تدري، سوق القرصنة. باختصار، اليوم، لدينا مسؤولون يعتبرون بأننا شعب بعقيدة شديدة الهشاشة. يزعزها فيلم. يزعزها مقال. تزعزعها نكتة… بدل أن نقوي الوعي بالنقاش الحر بين مختلف الأطراف ووجهات النظر. بدل أن نشجع على القراءة وعلى مشاهدة الأفلام وعلى مقارعة الأفكار؛ نختار الأسهل: اعتبار شعب بأسره شعبا قاصرا لا يعرف مصلحته ولا يعرف كيف يحمي معتقداته. نحمي نحن تدينه ونحمي عقيدته الهشة. السيد المدير، السيد الوزير… إذا كنتم تعتقدون بأن فيلم ريدلي سكوت الأخير سيزعزع عقيدة المسلمين، فاسمحوا لي أن أقول لكم بأنكم أخطأتم. بالمقابل، فقد سببتم أذى اقتصاديا للموزعين وأرباب القاعات، شجعتم القرصنة، قدمتم دعاية مجانية لفيلم ليس عظيما في النهاية، قدمتم دعاية سيئة للمغرب كبلد يستقبل على أرضه تصوير إنتاجات أجنبية ضخمة ويكسب منها الملايين من الدولارات… وزعزعتم، ليس عقيدة المغاربة، بل ثقتهم في وطنهم الذي يرونه يتراجع تدريجيا إلى الخلف في ميدان الحريات العامة والفردية. فشكرا لكم…