يعود الديربي رقم 117 بين الغريمين الأزليين الوداد والرجاء البيضاويين، الذي سيكون ملعب المركب الرياضي محمد الخامس بالدارالبيضاء مسرحا له الأحد المقبل، برسم الدورة العاشرة من منافسات البطولة الوطنية الاحترافية لأندية القسم الأول لكرة القدم، ليشكل مرة أخرى فرصة مواتية للفريقين العريقين لتكريس مكانتهما الرائدة على الساحة الرياضية الوطنية. واعتبارا لما يشكله هذا اللقاء، الذي تنتظره بشغف كبير مرتين كل سنة ليس جماهير وعشاق الأحمر والأخضر فقط بل الجماهير الرياضية المغربية على اختلاف مشاربها، فإن جميع مكونات الفريقين مطالبة بأن تكون كالعادة في الموعد وتقدم صورة حضارية رائعة تنهل من تاريخهما الحافل بالبطولات والألقاب وترقى لتجعل من الدقائق ال90 للقاء مناسبة لإثبات علو كعب كل منهما من خلال تقديم طبق كروي يغري بالمشاهدة ويشفي غليل الملايين من الجماهير الرياضية التي تحرص على متابعة أطواره وكذا تزكية المكانة التي يحتلها "الديربي البيضاوي" كواحد من بين أفضل الديربيات المشهود لها بالعراقة والقوة والإثارة والتشويق عبر العالم. وبشهادة الموقع الرسمي للاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) فإن ديربي الدارالبيضاء يعتبر من بين الأفضل في العالم ويشكل أكثر من مباراة رياضية بين اثنين من أكثر الأندية نجاحا في المغرب (فاز الوداد ب11 لقبا للبطولة و9 كؤوس للعرش ولقب واحد في دوري أبطال إفريقيا، فيما فاز الرجاء بلقب البطولة 8 مرات وبكأس العرش 7 مرات وبدوري أبطال إفريقيا مرتين وشارك مرتين في أرقى تظاهرة كونية خاصة بالأندية (كأس العالم للأندية 2000 و2013 حيث احتل مركز الوصافة)، الشيء الذي يزيد من الضغط على جميع مكونات العاصمة الاقتصادية للمملكة (سلطات محلية وأمنية وإدارة مسيرة ولاعبون وحكام وجمهور …) ويحثهم على ضرورة تظافر الجهود والالتفاف من أجل إنجاح هذا العرس الكروي الكبير. وتميز تاريخ المواجهات بين الفريقين بذكريات لا تمحى، فعلى امتداد الديربيات ال116 السابقة ومنذ أول لقاء جمع بين الفريقين سنة 1957، ظلت لقاءات الوداد والرجاء حدثا استثنائيا مرتقبا يلقي بظلاله على الساحة الرياضية الوطنية ويشكل متنفسا يبدع ويتفنن من خلاله جمهور الفريقين في رسم لوحات مبهرة جديدة ومتجددة تتزين معها مدرجات الملعب بالألوان الحمراء والخضراء وبمختلف أنواع الاحتفالية والتشجيع ما يساهم بشكل وافر في حفاظ الديربي البيضاوي، الذي يستأثر باهتمام المراسلين الرياضيين لكبار وسائل الإعلام الرياضية العربية والإفريقية والعالمية، على مكانته المتوهجة والرائدة. كما أن من شأن عوامل التحكم في الجانب النفسي والعروض الكروية القوية والمستوى التقني والتكتيكي الجيد والتركيز واستغلال أخطاء الفريق المنافس أن تلعب دورا أساسيا في حسم نتيجة اللقاء خاصة وأن فريق "القلعة الخضراء" يمني النفس بتكريس تفوقه في عدد مرات الفوز (35 انتصارا)، في الوقت الذي لن يدخر فريق "القلعة الحمراء" أي جهد لتقليص الفارق من خلال تحقيق فوزه رقم 28، علما بأن الفريقين تعادلا في 54 مباراة والتقيا في 12 مناسبة على مستوى منافسات كأس العرش (تعادلا في مباراتين وفاز كل ناد بخمس مباريات). فبخلاف ديربي الموسم الماضي، الذي عرف مقاطعة جمهور الوداد احتجاجا على إدارة الفريق "الأحمر" ما أثر سلبا على رونق وجمالية اللقاء، فإن الظروف تبدو هذه المرة مواتية لإشباع نهم الجمهور خاصة وأن الفريقين يعيشان على طرفي نقيض مع بداية الموسم إذ يوقع الوداد على انطلاقة موفقة مكنته حتى الآن من اعتلاء صدارة ترتيب البطولة الوطنية الاحترافية عن جدارة واستحقاق برصيد 17 نقطة حققها من أربعة انتصارات وخمسة تعادلات ليبقى إلى جانب النهضة البركانية الفريقان اللذان لم يتجرعا طعم الهزيمة بعد مرور تسع دورات، وهو ما سيشكل دافعا لأصدقاء المدافع هشام العمراني للسير على نفس الإيقاع في سبيل تعزيز آماله وطموحاته الكبيرة والمشروعة في إهداء قاعدته الجماهيرية العريضة لقبا للبطولة انتظرته منذ موسم 2009-2010. أما فريق الرجاء، الذي ضاع منه لقب البطولة الموسم الماضي في آخر دورة لفائدة فريق المغرب التطواني، فسيعمل على وقف نزيف النقاط وتحسين وضعه في سبورة الترتيب حيث يحتل مركزا لا يليق بسمعته وإمكاناته (العاشر) برصيد 12 نقطة حصدها من ثلاثة انتصارات ومثلها تعادلات وهزائم، وتفادي خسارة أمام الغريم قد تؤزم وضعيته أكثر. فبالرجوع إلى التاريخ المجيد والمشرق والمكانة الرائدة التي يحظى بها كل من الفريقين إضافة إلى توفرهما على تركيبتين بشريتين تجمعان بين عنصري الفتوة والشباب ومدججتين بالعديد من الأسماء الموهوبة، يتحتم على لاعبي القلعتين الحمراء والخضراء إخراج ما في جعبتهم وتقديم أفضل ما لديهم وتتويج هذا الموعد الكروي التاريخي وإخراجه في أبهى حلة والترويج من خلاله لكرة القدم المغربية المقبلة على رهان دولي جديد يتمثل في استضافة نهائيات النسخة الحادية عشرة لكأس العالم للأندية (المغرب 2014) بمدينتي الرباط ومراكش ما بين 10 و20 دجنبر المقبل. (إعداد: عبد الحفيظ المنصوري ) الرباط /27 نونبر 2014 /ومع