الاقتصاد والمالية، التخطيط، السكنى.. رئاسة إحدى المؤسسات العمومية الوازنة، أو البنكية أو شركة للتأمينات.. أبالاقواب موصدة في وجه النساء المغربيات، ومازالت حلما بعيد المنال، في الوقت الذي قطعت دول أخرى أشواطا كبيرة. كريستين لاكارد وزيرة المالية الفرنسية السابقة، تسلمت قبل أشهر أرفع منصب مالي على الإطلاق عندما عوضت مواطنها دومينيك ستراوس كان على رأس صندوق النقد الدولي وما أدراك ما صندوق النقد الدولي، فهل يحدث هذا بالمغرب؟ في زيارة لبعض المؤسسات العمومية وشبه العمومية والشركات الخاصة الكبرى، يلاحظ تواجد كثيف للمرأة، خبيرات ماليات، محاسبات، مهندسات.. بل إنك تجد بعض المصالح وكأنها حكر على النساء، وتلك هي المفارقة، ويحملن مسؤوليات إدارات كاملة بحزم وانضباط بل إن أكثرهن أضفن لمسة إنسانية وعائلية خاصة على محيطهن في العمل ، ويتعهدن مرؤسيهن بكل الرعاية حتى خارج العمل، كما تروي عدة شهادات عن رئيسات مصالح لم يترددن في تقديم المساعدات حتى خارج العمل. بين فترة الحصول على الاستقلال واليوم، خطت المرأة المغربية خطوات كبرى على درب التعلم والتكوين، بل إنها كسبت تحدي دخول أدق المجالات العلمية والتقنية التي كانت حكرا على الرجل حتى في المجتمعات الغربية، وهي وتيرة تتزايد يوما عن يوم، حتى إن نتائج الباكالوريا أفرزت خلال الموسم الدارسي الماضي، 50 في المائة من نسبة النجاح كانت من نصيب الإناث. «لكنه تواجد يجب أن لاننخدع له»، تقول مسؤولة بأحد الفروع البنكية، وهي امرأة أربعينية حاصلة دبلوم الدراسات المعمقة في الاقتصاد وإجازة في القانون وتكوين في «إنجليزية الأعمال»، مضيفة أن الواقع غير ذلك، حيث تسود عقلية ذكورية تحول دون وصول المرأة إلى مراكز القرار، هذا مع العلم، أن المفروض في رجال الاقتصاد التحلي بأعلى درجة من «اللبرالية والبراغماتية» تسترسل بتشنج هذه المسؤولة. في رحلة تقصي، لاقتفاء أثر المرأة في القرار الاقتصادي، لم يتطلب ذلك كبير عناء، حيث ظهر بشكل جلي شبه انعدام لتواجد المرأة. على صعيد الحكومة لاتوجد إلا امرأة واحدة تتقلد حقيبة وازنة لها علاقة وطيدة بالقرار الاقتصادي، يتعلق الأمر بأمينة بنخضرا وزيرة الطاقة والمعادن والماء والبيئة، بدا ذلك أيضا على مستوى المؤسسات العمومية وشبه العمومية، حيث إن بعض المجالس الإدارية، خلت من الأسماء النسائية. نفس الشيء بالنسبة للمؤسسات البنكية والتأمينات وكذلك الشركات الصناعية الكبرى، بل إنه لحد الآن لاوجود لامرأة على رأس مؤسسة بنكية بالمغرب. المشوار طويل.. تؤكد عضو بالجمعية المغربية للنساء المقاولات «الأمر يرجع بالأساس إلى سيروة طويلة يتداخل فيها الثقافي والاجتماعي والاقتصادي والمالي. الآن الأمور نضجت، والمرأة المغربية متواجدة اليوم في كل المجالات، فهي الآن على سبيل المثال لا الحصر تقود مقاولات ناجحة تظهر إلى أي حد البعد الاستراتيجي الذي تمتلكه، مكنها من تحقيق نتائج إيجابية. صحيح أن هذه المشاريع تتركز حاليا أكثر في قطاع الخدمات، لكن بإزاحة عدة عوائق، يمكن للمرأة المغربية المقاولة من ربح التحدي في قطاعات أخرى تضاهي نفس ما يحققه الرجل». الحل؟ «كوطا اقتصادية إسوة بالكوطا السياسية، فالدستور الجديد واضح.. المناصفة» ذلك ما تقرأه الجمعية المغربية للنساء المقاولات التي تضم في عضويتها اليوم 50 مقاولة نسائية. فالجمعية التي صوتت ب «نعم» كبيرة للدستور تريد، تطبيق هذا الدستور، الذي تقول إحدى فصوله «يتمتع الرجل والمرأة على قدم المساواة، بالحقوق والحريات المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية الواردة في هذا الباب من الدستور، وفي مقتضياته الأخرى، وكذا في الاتفاقيات والمواثيق الدولية، كما صادق عليها المغرب، وكل ذلك في نطاق أحكام الدستور وثوابت المملكة وقوانينها كما أن الدولة تسعى إلى تحقيق المناصفة بين الرجال والنساء وتحدث إلى هذه الغاية هيئة للمناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز». باب جديد، تفتحه القراءة الأورتدوكسية للدستور الجديد، لتنضاف إلى قراءة أخرى لاتقل عنها وسط التنسيقيات النسائية، التي تتهيأ للطعن في القانون التنظيمي لمجلس النواب أمام المحكمة الدستورية، في مسلسل جديد انطلقت فصوله وتحت عنوان عريض «لا لكل أشكال التمييز ضد النساء» لكن كيف سيستجيب الطرف الآخر؟