اخترن الخيانة لأسباب تظل في الغالب حبيسة صدورهن، وتخطين خط الأحمر. التقين بمن تواطأ معهن في صمت على قبول الخيانة بصيغة المذكر، ليقدمن فعلتهن بصيغة المؤنث. تتفاوت خسائرهن، وتتقادم التهمة لكنها لا تسقط أبدا من ذاكرة مجتمع يختم العفة بتاء التآنيث.. تدير «الفاسية»، كما يناديها سكان الحي، استوديو للتصوير الفوتغرافي رفقة زوجها بإحدى ضواحي مدينة الدارالبيضاء منذ رجوعهما من إيطاليا. كانت الأمور تسير بشكل يوحي بالمثالية ووجود أسرة مكونة من زوجين وطفلين هادئين. وقوفها وزوجها داخل المحل، جعلهما يتعرفان على نفس الوجوه، يتبادلان كلمات لطيفة مع الكل وبدون استثناء. بعد استقرارهما بالمنطقة لمدة سنتين، ستعرف بعض الوشوشات طريقها إلى مسامع الزوجة بخصوص علاقة ما تجمع بين زوجها وشابة كانت تحضر للمحل بمناسبة وبدون مناسبة. لم تفاتح زوجها في الموضوع، لكنها بدأت تدقق ملاحظاتها بخصوص الزائرات لتتأكد لها الشائعات. لم ترغب في المواجهة المباشرة، مفضلة أن تتابع أطوار قصة اعتقدت أنها مجرد نزوة، لكن زوجها فاتحها برغبته في الإرتباط على كتاب الله وسنة رسوله بالشابة التي لم يعد يقوى على مفارقتها. لم تبد الزوجة أي رد فعل اتجاه كلام زوجها لتتم الأمور كما أراد، ويستقل بحياته رفقة الزوجة الجديدة بطلب من زوجته التي أعلنت رغبتها بالابتعاد المرحلي عن زوجها... مرت الشهور لتصل بعض الكلمات التي لم يستسغها الزوج بخصوص استضافة زوجته لشاب استعانت به لمساعدتها في العمل بالأستوديو بعد غياب زوجها المتكرر عن المحل. بدأ الرجل في مراقبة زوجته ليكتشف بسهولة تردد الشاب على المنزل أثناء غياب الأبناء. لم يتهور الزوج المعروف بهدوء أعصابه، لكن أحدا لم يتصور أن هدوءه سيصل لهذا الحد، ليقرر مراقبة منزل زوجته في انتظار دخول شريك زوجته، ثم يتصل بالشرطة التي ضبطت المتهمين في حالة تلبس. انتشار الخبر بين ساكنة الحي قوبل باستغراب كبير لرد فعل الزوج الذي لم يتوانى عن مسامحة زوجته وتطليقها. بالنسبة لحكاية الزوجين انتهت فصولها رغم لقائهما شبه اليومي بالمحل المشترك بينهما، لكن مأساة المرأة التي انتهت بطي صفحة الزوجة الخائنة، ستواجه في السنوات اللاحقة بتهمة الأم غير المسؤولة أمام أبنائها الذين أبوا أن يغفروا لها خطأها. المتمردة الخائنة لم يكن أحد ينجو من شرر عينيها الخضراوين ومزاجها الحاد، هكذا تصفها شقيقتها التي تتذكر طقوس القصة المأساوية. لم يكن أحد يستطيع الوقوف في وجه مريم باستثناء والدها، الرجل البدوي صعب المراس. تخوفا مما قد تقدم عليه هذه المشاغبة مستقبلا، كان الحل الوحيد هو التفكير في تزويجها من رجل متشدد يحكم سيطرته على شابة لا تهاب أحد. انتهى بها الأمر زوجة لرجل يكبرها بأعوام، داخل إحدى قبائل دكالة، لم يتغير سلوك الزوجة لتذيق المحيطين بها مرارة العيش بعيدا عن عين زوجها الذي يستعرض أمامه المغلوبون على أمرهم قصصهم كل مساء. لم يكن زوج مريم يعلم سبب تلك النظرة التي يرمقه بها بعض المحيطين. لا أحد كان يمتلك الجرأة ليخبر الرجل أن زوجته تخونه رفقة ابن أخيه الذي لم يبلغ العشرين عاما بعد. قد لا يصدق كلامهم بسبب العداء المسبق بين الطرفين. أما البعض فقد أشفق على كرامة الرجل وهيبته التي تجاوزت القبائل المجاورة. ملاسنة بسيطة بين الزوج وأحد الوافدين على السوق الأسبوعي، ستكشف المستور حين سيطلب الرجل من الزوج إحكام قبضته على زوجته بدل التباهي برجولته وسط السوق. لم يمهل الزوج الرجل إكمال جملته قبل أن يسدد له بضع لكمات ويتوجه لمنزله الذي وجده فارغا بعد وصول الخبر للزوجة التي لاذت بالفرار. توجه الزوج نحو بيت أسرتها، ليجد والد الزوجة عند الباب يحاول إيجاد مخرج ما للموقف، لكنه فوجئ بطعنة من زوج غاضب. شرع في طعن كل من يقف أمامه دون أن يستطيع أحد إيقافه، وهو يبحث في جنبات المسكن عن زوجته التي اختبأت داخل الفرن الطيني بمدخل البيت. كتب لها عمر جديد، وليقضي الزوج ما بقي من أيامه خلف أسوار السجن، متحسرا عن فشله في تصفية الزوجة الخائنة. سكينة بنزين