انطلقت صرخة مشوبة بحشرجة صوت شخص اندفع فجأة من باب منزل بمقاطعة عين السبع نحو الشارع العام، كانت تبدو عليه آثار ضرب تركت ندوبا وجروحا، ويرتمي على الأرض يتأوه من شدة الألم...فوجئ سكان الحي الواقع خلف مسجد، فوقفوا واجمين أمام حالة الشخص الذي كان في عقده الثالث، بملابس متسخة قيدت يداه ورجلاه، تشبه حالته حالة سجناء " كوانتنامو". مشهد خلق لدى السكان حالة من الهلع والاستنكار للمنظر. رجل مقيد اليدين والرجلين بسلاسل غليظة ذات أقفال من النوع الكبير، لم يستطع الشخص تحمل المشي أكثر من خطوات بفعل ثقلها ليسقط على الأرض متأوها لفرط ما تعرض له من تنكيل. كانت على جسده جروح ونذوب انتشرت في معظم آنحاء جسده، فيما ارتفع صراخه بطلب استدعاء النجدة، ورفض حل وثاقه من طرف المواطنين إلى حين حضور رجال الشرطة. كريم(اسم مستعار) البالغ عقده الثالث يتحدر من منطقة طان طان، تم استدراجه بشكل محكم إلى شقة سعيد (اسم مستعار) بعين السبع منذ 22 أبريل إلى غاية 24منه.. يوم " الهربة"، تعرض كريم خلال اليومين للتنكيل والتعذيب. حكى بصوت تغلب على نبراته الحسرة والحكرة، كيف تم استدراجه لبيت سعيد بعد اختطافه من طان طان بعد تخديره، وكيف تم تكبيله من طرف المعتدي وشقيقه للعنف، حيث قاما بتكبيله بواسطة لصاق من الحجم الكبير، قاما بضربه بجميع أنحاد جسده، قبل أن يفكا وثاقه ليقيداه بسلسلة حديدية ذات أقفال على مستوى يديه ورجليه، وهدداه بهتك عرضه في حالة امتنع عن دفع مبلغ مالي كان قد سلمه له سعيد من أجل ارساله لشقيقته بالإمارات لشراء عطور وأثواب لإعادة تسويقها بالمغرب ، عنف وتهديد وركل ...ضاق كريم شتى أنواع التعذيب قبل أن يطالبه سعيد بمنحه هاتفه المحمول للاتصال بأقاربه بطان طان لطلب الفدية مقابل الإفراج عنه. انقضى يومان، قبل أن يفاجئ كريم بباب الغرفة المظلمة التي احتجز فيها يفتح، لتدخل امرأة في قرابة 37 سنة من عمرها لم تكن سوى زوجة المختطف سعيد بصحبة طفل صغير لم يتجاوز السنتين. اقتربت منه الزوجة وبصقت على وجهه قبل أن تغادر الغرفة وتقفل الباب عليه، لكن الطفل لمس مزلاج الباب لينفتح. اغتنم كريم الفرصة ليهجم على المرأة ويصيبها بضربات رأسية و يهددها بقتل ابنها إن لم تفرج عنه، ما دفعها إلى فتح الباب الرئيسي للشقة مجبرة تحت التهديد، فرصة لم يفلتها كريم ليخرج بقيوده لا يلوي على شيء سوى الوصول للشارع حيث تتواجد مدرستان للتعليم الخاص وسوق لبيع الخضر والفواكه وحمام وكثير من البائعين المتجولين .... لا تكاد أحداث عملية الاحتجاز تكاد تغيب عن ذاكرة كريم، بعد أن استدرجه المعتدي واتهمه بالنصب عليه بمبلغ 625 ألف درهم، وطالب أسرته بالجنوب بتوفير قيمة الفدية 220.000,00، لم يستطع عمه في طان طان من تدبر سوى 20.000,00 كانت دينا للضحية عند أحد التجار بالمنطقة، تسلمه المختطف قبل أن يختفي عن الأنظار كمن " بلعته الأرض"، تاركا زوجته التي اعتقلت بمطار طنجة، أثناء محاولتها مغادرة عندما كانت تهم بمغادرة المغرب في اتجاه اسبانيا. أمام الموقف المحرج، نفت الزوجة علمها بحادث الاختطاف والاحتجاز، مؤكدة أن زوجها هاتفها قبل أيام وأخبرها بسفره المفاجئ، وطلب منها التوجه إلى اسبانيا حيث تقيم بشكل مؤقت لتجديد الأوراق. عملية اختطاف ومطالبة بالفدية على شاكلة الأفلام الهوليودية عاشها كريم بكل تفاصيلها، من احتجاز وتكبيل على شاكلة معتلقي سجون "كوانتانامو" و"ألكاتراز" ، لكن بطبعة مغربية في شقة بيضاوية وقيود محلية.