كلما كشفت الصحافة المختصة عن صفقة تسلح بين المغرب وإسبانيا إلا وتحركت الجزائر من أجل الضغط في اتجاه منعها، كم مرة دفع عملاؤها بقيادات البوليساريو إلى عقد اتصالات مع أحزاب يمينية ويسارية من أجل ثني الرئيس ثاباتيرو على إتمام الصفقات العسكرية مع المغرب؟ وكم مرة تدخلت بمبالغ مالية ضخمة للظفر بصفقات أسلحة إسبانية، ذكرت الرباط كإحدى وجهاتها المحتملة؟ ترى كيف سيكون رد جنرالات الجزائر عندما سيسمعون الحكومة الإسبانية وهي تعرض خدماتها العسكرية على المغرب ؟ فقد أعربت وزارة الدفاع الإسبانية عن رغبتها في تعزيز علاقاتها العسكرية مع المغرب، وقررت عرض خدماتها العسكرية عليه واصفة منطقة المغرب العربي ب «ذات أولوية بالنسبة لأمن إسبانيا». وكالة الأنباء الإسبانية الرسمية «إيفي» ذهبت إلى أكثر من ذلك عندما كشفت عن مشروع خطة جديدة للسياسة الإقليمية، التي تعتزم وزارة الدفاع الإسبانية تنفيذها على مستوى محيطها الإقليمي، وصفتها الوكالة بأنها «تتعلق أساسا بإقامة آليات علاقات ممتازة مع دول المغرب العربي وفي مقدمتها المغرب».الخطة، التي قدمتها وزيرة الدفاع، كارمي تشاكون، الأسبوع الماضي، في مدريد بحضور سفراء دول المغرب العربي، اشتملت على تقديم إسبانيا عروض خدماتها للمساعدة في التدريب العسكري وبناء الأجهزة الأمنية والعسكرية، ووضع خبرتها في هذا المجال تحت تصرف دول المغرب العربي. «عمليات التغيير والانتقال للديمقراطية في دول البحر المتوسط مثل مصر وتونس، تدعو إلى توفير المزيد من الاهتمام للإسهام في إصلاح البنيات العسكرية في دول المنطقة، توضح الخطة . «الوكالة الإسبانية أشارت إلى أن مشروع وزيرة الدفاع الإسبانية يحدد خطوط العمل للسنوات المقبلة من أجل تعزيز مصالح إسبانيا بالتنسيق مع وزارة الخارجية، للوصول إلى تعاون موسع، مكثف وديناميكي مع دول المغرب العربي، من شأنه أن يتيح لإسبانيا الحصول على الأفضلية في المستقبل في المنطقة. وتعتبر إسبانيا أن قربها من الجزائر والمغرب وموريتانيا يوفر لها عاملا إضافيا في إنجاح علاقاتها العسكرية والأمنية مع دول المنطقة، التي تراجع حضورها فيها، رغم العلاقات التاريخية، في مقابل تزايد النفوذ الفرنسي والأمريكي في المنطقة.طريق الأسلحة الإسبانية كانت مدريد قد مهدت له بالاتفاقية الثنائية الموقعة في شتنبر 1989، التي تجري إسبانيا بمقتضاها مناورات مشتركة ودورية مع المغرب، ذلك بهدف زيادة «الثقة والأمن»، فضلا عن تبادل المراقبين بين جيوش البر والبحر والجو في البلدين حسب نص الاتفاقية . وتشكل سوق الأسلحة الإسبانية أحد أهم مصادر الأسلحة و العتاد الحربي بالنسبة للمغرب خلف كل من الولاياتالمتحدةالأمريكية وفرنسا، مقتنيات كانت أخرها 1200 مركبة حربية وحوالي 800 شاحنة عسكرية من مختلف الأنواع بالإضافة إلى 50 دبابة مستعملة من نوع (ليوباردوّ). ياسين قُطيب