علي الشعباني أستاذ في علم الاجتماع يعتبر بعض الأزواج عمل المرأة نوعا من المنافسة وتنقيصا من رجولتهم، لذلك يصرون على الارتباط بنساء يكتفين بالقيام بأشغال البيت دون التفكير في العمل خارجه. في الحوار التالي يحاول أستاذ علم الاجتماع علي الشعباني، الحديث عن الأسباب التي تدفع بعض الرجال إلى رفض اشتغال زوجاتهم. ما هي الأسباب التي تدفع بعض الأزواج إلى رفض اشتغال زوجاتهم خارج البيت؟ في حقيقة الأمر هذه المسألة ترجع إلى تركيبة المجتمع المغربي المتشبع بالتقاليد التي لم تكن تسمح للمرأة بالعمل، ولم يحدث هذا الأمر إلا في سنوات ما بعد الاستقلال نتيجة لانفتاح المجتمع المغربي على ثقافات وحضارات أخرى، وبالتالي بسبب انتشار قيم جديدة مرتبطة بالعلاقة بين الجنسين، ثم الحركات التي تنادي بها الكثير من الجهات والحركات والمنظمات الوطنية والدولية بتحقيق المساواة بين الرجل والمرأة في الحقوق والواجبات بما فيها العمل. لكن هذه القوانين والتشريعات التي استفادت منها المرأة للخروج للعمل، فاجأت الرجال ولم يقتنعوا بها، لذلك نجد بعض الرجال المحافظين والمتعلقين بالتقاليد القديمة، يرون أن خروج المرأة للعمل سيسيء إلى أخلاقها وإلى علاقاتها بمنزلها وزوجها، وسيجعلها تتعرض للكثير من التحرشات. لذلك يتضرع هؤلاء الرجال بمنع زوجاتهم من الخروج إلى العمل. إذن، فالسبب في حقيقة الأمر أخلاقي ديني واجتماعي، وأحيانا ثقافي أيضا لأن هناك ثقافات تمنع وتحول دون خروج المرأة إلى العمل باعتبار أن خروجها سيعرضها للعديد من المشاكل، وسيعرض الأزواج لمجموعة من الانتقادات من طرف المحيطين به. ما هو التبرير الذي يقدمه الزوج لإظهار تأثير عمل المرأة على واجباتها المنزلية وحياتها الزوجية؟ الذريعة الأولى التي يقدمها هؤلاء الأزواج هو أنهم يقومون بتقسيم العمل من ذوات أنفسهم بجعل دور المرأة محصورا على العمل داخل البيت والرجل خارجه، وكأن المرأة غير صالحة للعمل خارج البيت، وبما أنها فطرت -في نظرهم- على دور واحد هو ولادة الأطفال فأولى بها البقاء حبيسة المنزل للاعتناء بهم وتربيتهم، وكل تخل أو تقصير منها في أداء هذه الوظيفة هو إخلال بالوظيفة الاجتماعية للأسرة. لذلك فهؤلاء الأزواج الذين يرفضون خروج زوجاتهم للعمل، يتذرعون بهذه المسألة وبطرح التساؤل حول من سيقوم بالمهام التي تقوم بها المرأة من تربية الأطفال والاهتمام بشؤون البيت وغيرها من الوظائف التي أسندها المجتمع للمرأة بشكل تلقائي. هذه هي التبريرات التي يعتمد عليها هؤلاء الأزواج لإبقاء زوجاتهم داخل البيوت. إذن فالمسألة الأولى تربوية أساسا، والمسألة الثانية اجتماعية باعتبار أن تقسيم العمل تم بشكل طبيعي، فالرجل هوالذي يتكفل بكل ما هو خارج البيت باعتباره يتحمل كافة المصاريف والمتطلبات، والمرأة يجب عليها أن تبقى داخل بيتها لتقوم بالواجبات التي أسندها إليها المجتمع والثقافة السائدة فيه، بتربية أبنائها ورعاية زوجها الذي يجدها في انتظاره موفرة له كل وسائل الراحة. وعمل المرأة لا ينقص بالضرورة من رجولة الزوج ويهين كرامته، لكن رفض الزوج لعمل زوجته يكون نابعا من خوفه من المنافسة لأن المرأة حينما تعمل وتحقق استقلالها من خلال أجرها وعملها وكدها، فالرجل يحس نوعا ما بالمنافسة، ويحس بأن المرأة تستحوذ على الوظائف التي كان يقوم بها. ففي الوقت الذي كان يعتبر فيه سيد البيت من حيث الإنفاق والتسيير كانت له تلك السلطة الرمزية، لكن حينما أصبحت الزوجة تعمل وتساهم في مصاريف البيت وأعبائه صار يخاف من هذه المنافسة. متى يمكن للمرأة المتزوجة أن تكتفي بعملها داخل المنزل؟ هذه المسألة كانت دائما وأبدا متوفرة، فالمرأة لديها دائما الإمكانية بالبقاء في المنزل، خاصة إذا ما كان الزوج ميسورا وقادرا على توفير كل متطلباتها المادية. وهناك الكثير من النساء اللواتي يتخلين بطواعية وعن اقتناع عن مناصبهن في الوظائف العمومية أو في القطاعات الخاصة، لإحساسهن بأن عملهن لا يضيف شيئا للبيت وأن أزواجهن في حاجة إليهن وليس بالضرورة للقيام بأشغال البيت لأن هناك العديد من الزوجات اللواتي فضلن التخلي عن وظائفهن والجلوس بالبيت بالرغم من وجود من يقوم بالأشغال المنزلية. لذلك كلما كانت الأسرة ميسورة وكان التفاهم بين الأزواج موجودا وكلما كانت الظروف المواتية لتحقيق هذه المساواة، سيعطى الاعتبار للمرأة حتى بدون عمل خارج المنزل، لأن مسؤوليات المرأة داخل البيت تعتبر عملا نبيلا ومسؤولية كبيرة. حاورته مجيدة أبو الخيرات