يبدو أن معاناة سجناء معقل ابن احمد تتجاوز الحرمان من الحرية إلى تصريف ساعات الاعتقال اليومية ضمن أنواع غريبة من العلاقات داخل المؤسسة السجنية مع مسؤوليها. غريبة لأنها لا تقتصر على التدبير العادي للحياة داخل المعقل، حسب شهادات عديدة من متصلين ب«الأحداث المغربية» من السجناء أنفسهم وذويهم أيضا، بل تتعداه إلى التهميش والرفض والمعاملة السيئة والعزل والحبس الانفرادي، إذا لم يرض عنك وعن «عطاياك» مدير المعقل ومن ورائه ثلة الأطر في السجن، الذي تذكره الشكايات بالاسم. للحبس الانفرادي في سجن ابن احمد مرادف آخر هو جنان الكرمة. الاسم لمن لا يعرفه، يحيل على زنازن انفرادية يوضع فيها كل من تثبت في حقه مخالفة قوانين السجن في التداول المتعارف عليه. لكنها في سجن ابن احمد قد يتحول إلى عقاب لمن امتنع عن الرش !! مصطلح آخر وجب التعريف به لمن هم غرباء عن الاستعمالات اللفظية داخل أسوار السجن المذكور. والصحيح فيه أن ترش المسؤولين، إذا أردت أن لا تفتش في كل حين وآن، وأن يسمح لك بتدخين ما تريد وقتما تريد، وأن يستمر الضوء في زنزانتك «مشعول حتى يديك النعاس» ... وخصوصا أن لا يرمى بك في جنان الكرمة. من السجناء، زوار جنان الكرمة الأوفياء خلال الأسابيع القليلة الماضية، الذين تكرر اسمهم في الاتصالات التي تلقتها الجريدة سواء من داخل السجن أو من خارجه، تبدو حالة «صارو محمد» مثالا صارخا على ما يحدث داخل معقل ابن احمد. السجين ذو رقم الاعتقال 5952 يتعرض لمعاملة خاصة منذ ما يقارب الأسبوعين، فقط لأنه رشاته المالية تأخرت قليلا أو ضعفت، حسب ما جاء في اتصالات المشتكين. فبالرغم من كونه يقتسم زنزانة الاعتقال إلى جانب 36 سجينا، إلا أنه الوحيد الذي يفتش يوميا وترمى أمتعته ومواده الغذائية بطريقة مستفزة. مصادر من سجن ابن احمد نفت الاتهامات التي سيقت ضد مدير المعقل وباقي الأطر الموظفة جملة وتفصيلا، حيث أكدت أن كل التدابير المتخذة ضد السجناء قانونية ولها ما يثبتها بالحجج والوثائق. وأشارت المصادر ذاتها إلى أن نزلاء المؤسسة السجنية، الذين يبلغ عددهم 380 سجينا، يعاملون بسواسية دون تمييز، ودون معاملات انتقائية تصب لفائدة البعض ضدا عن الكل. واعتبرت المصادر من سجن ابن احمد أن الزيارة الأخيرة التي قامت بها اللجنة الإقليمية، التي حلت بالسجن المذكور لتفقد أحواله، لم تقف عند أي حالة لخرق القانون، وهي الشهادة التامة على السير العادي والحسن للأمور داخل أسوار السجن. ولم تنف المصادر نفسها إرسال بعض السجناء إلى المكان المسمى جنان الكرمة، إذا ثبت في حقهم بعض الخروقات مثل الشجار أو السرقة... وليس لأي غرض آخر كالانتقام أو الابتزاز.