«ما مفاكينش مع الرياضية وما غاديش نْطْلَقْهَا طالما مكتب ليا الله نبقى في هاد المسؤولية». لازمة أعاد تكرارها الرئيس المدير العام للشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة فيصل العرايشي أكثر من مرة في حفل التنصيب الرسمي للمدير الجديد لقناة الرياضية حسن بوطبسيل الأربعاء الماضي. الحفل غاب عنه المدير السابق طارق الناجم، حضره المدير العام للشركة الوطنية محمد عياد متأخرا، ظل مجرد كومبارس في المشهد، يبتسم حينما يستدعي الموقف الابتسام، ويصفق حينما يعلو التصفيق قاعة اجتماع هيئة التحرير. الحفل لم يخل من غمز وتمرير لرسائل تحت الماء. مدير البرمجة سعيد زدوق ظل مسمرا في مكانه، صامتا وتعابير وجهه توحي بحالة نفسية غير عادية. طلب كلمة انفجر في وجه الجميع «أهنئ زميلي حسن ونعرف بعضنا ما غاديش نهضر كمسؤول ولكن كمواطن، جلست مع الجميع راس براس لحل مشاكل الرياضية لي كان فيها غليان حقيقي وجميعهم في سن أولادي لكن الأمور كان فيها كلها بلوكاج وتقال ليا والله لقلعات معاك وكأننا غادي نقلعو سبوتنيك. التورناج تيوقف على ربعة دراهم وعلى الأوتوروت، صحفي لا يحضر لتصوير برنامج من 52 دقيقة بحجة أنه ما عندوش ببيل، وتقال لي كلام في وجهي والله لا تحركات ولازادت، كانت هناك إرادة قوية للعرقلة ولو كان إصلاحا. لذلك أطلب من السيد العرايشي لي يدو طويلة...». في هذه اللحظة تدخل فيصل العرايشي، ورفع الراية معلنا عن حالة شرود في تدخل زدوق «العرايشي يدو قصيرة وليست طويلة... وهاد القضية ديال ربعات دراهم في طريق حلها وجميع المشاكل مع النقابة، لمدة 12 عاما اشتغلت لوحدي وتقدمت إلى الأمام، ونحن في هذه اللحظة يجب أن نتسلح بروح التسامح للمضي إلى الأمام. وإيلا بقينا تنظرو إلى الوراء غادي نخرجو في الحايط. أنا وأنت يجب أن نترك الماضي وراءنا. شباب الرياضية هم من سيبنون مغرب الغد. عانيت من المشاكل ومازلت ودائما كنت متفائلا وأتغلب عليها وأزيد إلىالأمام. متنتخلصش باش نحل المشاكل. ما عندي ما ندير»... بعدها التزم زدوق الصمت، وبدا صوته وتدخله نشازا في المشهد، الحفل حفل تنصيب، وليس حفل عتاب وتصفية حساب. الجميع يحذوه الأمل لطي صفحة سوداء من تاريخ قناة بالكاد انطلقت. سعيد زدوق لم يحسب حسابه جيدا وكان تحت تأثير ضغط نفسي جعله يفقد بوصلة التحكم في أعصابه... في كلام مدير البرامج سعيد زدوق، رد مباشر على تدخل الكاتب العام لنقابة مهنيي الرياضية طارق السقي «لا نريد مديرا يعزف على وتر النوستالجيا ويكتفي بهذا الأسلوب في الاشتغال، بل نريد مديرا ينزل إلى التيران حنا معاه ليد في ليد مستعدين للاشتغال معه عشرين ساعة في اليوم، نرحب به وحظ طيب، ولنا طلب واحد أن يكون حسن بوطبسيل مديرا للجميع، ويتعامل مع الجميع دون النظر إلى انتماءاتهم النقابية، أو كونهم صحفيين أو تقنيين». سعيد زدوق قرأ في استخدام نوستالجيا إشارة إليه، إذ ظل يردد في لقائه مع العاملين -حسب شهادة البعض منهم- خطابا يحن إلى ماضيه، وإلى ظروف اشتغال في زمن قد مضى. حفل التنصيب الرسمي للمدير الجديد تحول إلى ساحة للبوليميك الخاوي، ولا يناسب طبيعة الحدث، وعكس الجو المحتقن داخل ثالثة العرايشي. طارق السقي تدخل من جديد للرد على اتهامات مقدم برنامج «سمر رياضي» بعرقلة عمله «هذه مسألة خطيرة ويجب معاقبة من ثبت تورطهم في عرقلة سير العمل المهني، نحن مع معاقبتهم لأنهم لا يستحقون الانتماء إلى القناة». القائد العام فيصل العرايشي يتدخل بحكمة لإعادة النقاش إلى جادة الصواب «نحن لسنا محكمة لاتهام أي شخص»، وعاد مرة أخرى لكشف مادار بينه وبين سعيد زدوق قبل توليه زمام المسؤولية في الرياضية «قلت له المهمة صعبة، سير خمم معا راسك مزيان، وسولتو واش تقدر أم لا؟» وحينما لا يستطيع الشخص لا داعي للتذرع «ماكاينش الإرادة، هناك أياد خفية. وصلنا إلى مرحلة الموت والسكتة القلبية داك شي كان واقف عندما جاء». المدير الجديد حسن بو طبسيل يبدو أنه على اطلاع ومتابعة لما يمور داخل جسم القناة، وبعث برسالة غير مباشرة إلى مدير البرامج سعيد زدوق، فحواها أنه جاء لبناء المستقبل وليس للغرق في طين الماضي، «وهادا داير ليا. وهادا كتب عليا في الصحافة» وحدد خطته الجديدة كمدرب لفريق الرياضية شعارها إلى الأمام. الهجوم. ولا ركون إلىالوراء. «نساو الماضي. الحزازات موجودة بشكل كبير في الصحافة. غدا يجب أن تكون هناك 17 كاميرا تصور في الميدان. أن نبلور شبكة برامج جيدة. أن نبحث في من يستحق الظهور على الشاشة. غير مستعد لسماع شريط الماضي لأنه يسمم اليوم كله، ولن يفيد في بناء المستقبل. أترجاكم أمام الرئيس تنساو الماضي». هل يمكن نسيان الماضي قبل تصفية كل مخلفاته؟ أن نطالب بنسيان الماضي أمر سهل لمن لم يكتو بناره، لكن يستحيل المرور إلى المستقبل إذا لم تقطع الصلة بشكل نهائي مع هذا الماضي، وألا يعاد اجترار أخطائه حاضرا ومستقبلا. الرئيس المدير العام فيصل العرايشي ينوء بحمل ثقيل، ومن شاهده في حفل التنصيب يطلق قفشاته ويبتسم للجميع، يخال أن أوضاع أبنائه بقنوات قطبه العمومي بألف خير، جاء من الرباط حاملا معه رسالة تفاؤل حاول بثها في نفوس شباب الرياضية اليائس. في استهلال كلمته قال «المشاكل ستحل. جاء وقت التغيير، ولكن ليس على نفس النموذج. لا أحد يملك مؤسسة أو منصبا الدوام لله. حسن بوطبسيل من المهنيين لي بداو المهنة أكثر من عشرين عاما، له رؤية تحدثنا حولها متوافق معه حولها وأقدم له الدعم المطلق». إلى أي حد ستكون هذه الرؤية فعالة وذات مردودية لمحو صورة وصفها المدير الجديد «بغير المشرفة» للرياضية. هل يكفي أن يكون الشخص مهنيا، قضى عشرين عاما أو خمسين في الصحافة الرياضية ليتولى تدبير قناة تلفزية؟ فليس كل صحفي ناجح، يمكن بالضرورة أن يكون مديرا ناجحا في جو مهني سليم، فبالأحرى إذا كان الجو ملوثا، والقرار غير سلس ويتدخل فيه مدراء كثر. وهذا ما لا نتمناه أن يكون مصير حسن بوطبسيل في مهمته الجديدة.