هذه حكايات فتيات قاصرات وشابات بالغات، تزوجن برجال مهاجرين طمعا في الانتقال إلى العيش في الفردوس الأوربي. منهن من تركت دراستها في سبيل تحقيق حلمها، ومنهن من أجبرت من طرف العائلة على الاقتران بزماكري ... وفي الأخير انتهت تجربتهن نهاية مأساوية. “اخطبني ودرت حفل خطوبة فالقاعة، ولكن ما عقدش عليا حيت أنا قاصر، وكال لي غادي نديك معايا لاسبانيا من بعد مانديرو العرس.. واحد النهار تحايل علي بعد ما مشات ماما للخدمة وداني لدارهم وكال لي الوالدة مريضة تمشي تشوفيها واغتصبني، وجاني انهيار عصبي خصوصا بعدما عرفتو مزوج برا”.. بألم كبير باحت مونية بقصتها الأليمة، ثم أضافت المراهقة التي لم تتجاوز عامها الثالث عشر، “قامت أمي برفع دعوى قضائية في موضوع اغتصابي»، ثم استدركت التلميذة التي تتابع دراستها في مستوى السابعة إعدادي، لتشير إلى أن والدتها تعرضت للمساومة إن رغبت في الحصول على حكم لصالحها، ووضعت شكاية في هذا الموضوع. حكاية مونية واحدة من حكايات كثيرة لقاصرات تركن دراستهن عن طيب خاطر ليتزوجن بمهاجرين، طمعا في الانتقال إلى العيش في الفردوس الأوربي، أو أجبرن من طرف أسرهن على ذلك الزواج قبل أن يستفقن على نهاية مأساوية لزواجهن الذي لم ينبن منذ البداية على أسس متينة. مشى للطاليان وخلاها كريمة شابة في عامها التاسع، نحدر من المجال القروي، وتدرس في مستوى الأولى ثانوي، حكايتها لاتقل مأساوية عن قصة مونية، حيث تقدم لخطبتها شخص لم تكن تعرفه من قبل، وقبلت الزواج منه طمعا في الأوراق والعيش في أوروبا. أقيم العرس، وانتقلت للعيش مع أسرته، لكن كل الأحلام التي عاشتها في مخيلتها قبل الانتقال إلى فراش الزوجية، تبخرت حينما ستستفيق على الأمر الواقع. عاد العريس إلى الديار الإيطالية وتركها مع عائلته. تقول كريمة “دازت شهرين ومشى وخلاني مع دارهم.. وخوه الكبير كيضربني ودايرني بحال الخدامة”. تتذكر كريمة تفاصيل تلك المعاناة ثم تضيف “واحد النهار خوه الكبير ربطني من يدي ودخلني لواحد البيت وسد عليا ليلة كاملا قضيتها بلا ما ناكل ولا نشرب”. هذه الواقعة ستحكيها العروس لزوجها عند عودته من إيطاليا ظانة أنه سينصفها وسيأخذ لها حقها، لكن صدمتها كانت قوية، حينما وجدت الزوج ينحاز لموقف أخيه “قال لي اللي دارو خويا هو اللي كاين خاصك تصبري ليه.. ومن بعد جابوني لدارنا وخلاوني”. رفعت كريمة دعوى طلاق ونفقة، ولكنها ظلت دائما تصطدم بمشكل التبليغ والتنفيذ، وتشرح ذلك قائلة “حيت ماكنعرفش إمتى جا راجلي من برا”، قبل أن تضيف موضحة أنها صرفت أموالا كثيرة بين الأعوان والمحامي، وأنها لو كانت تعرف نتائج الزواج من مهاجر لما تزوجت. وليت بحال الخدامة بوشرى تلميذة في السنة الثامنة عشرة من عمرها، تنحدر من قرية تبعد عن مركز مدينة بني ملال بحوالي عشر كيلومترات، أجبرتها العائلة على الزواج من شخص لم يسبق لها معرفته. غادرت الدراسة مكرهة وأقيم العرس ونقلت مباشرة لبيت والديه “ومن بعد مامشى راجلي لبرا وخلاني مع دارهم.. عندهم الشقا بزاف ولقيت راسي بحال شي خدامة”. أحست بالحكرة وسط هذا الجو الذي لم تتعود عليه، ولم تتخيل يوما أنها ستتجرع مراراته “ماكيعاملونيش مزيان، و خواتاتو كثارات مع خوتو وأنا ماموالفاش هذا الشقا وكانديرو “. تحملت بوشرى هذا الوضع ريثما يعود زوجها وتحكي له معاناتها، ويأخذها معه لإيطاليا أو يوفر لها منزلا مستقلا عن أسرته، لكن كل ما خططت تبخر، فالزوج مباشرة ما حكت له كان رده باللامبالاة”راجلي قلت هاد الشي قال لي خاصك تصبري مع خواتاتي ومع مي بزاف”. وصلت الزوجة إلى الباب المسدود ولم تعد تتحمل الذل والمهانة “ملي عييت قلت ليهم بغيت نمشي نشوف أمي وجابوني وخلاوني”. زوجات معلقات بعد العنف الذي مورس عليها من طرف الزوج، اتجهت غزلان نحو الطبيب لإنجاز شهادة طبية فإذابها تفاجأ بالمبلغ الذي طلبه الطبيب (300درهم) مقابل إنجاز شهادة تستحقها بسبب آثار العنف الممارس عليها. تدخلت جمعية إنصات للاحتجاج على هذا السلوك فأعاد إليها الطبيب مائة درهم، ورفعت دعوى الطلاق بعد أن هاجر الزوج إلى أوربا، وبالتالي سوف تعترضها المشاكل. تبلغ غزلان عامها الرابع والعشرين، لم تتجاوز في دراستها المستوى الابتدائي بإحدى القرى بدير بني ملال، زوجها مهاجر بإسبانيا ومستواه الدراسي إعدادي، عقد عليها القران ووعدها بمرافقته إلى الديار الإسبانية، إلا أنه ظل يتصل بها خلال ستة أشهر الأولى فقط، وبعد ذلك انقطعت أخباره، فبقيت مدة ثلاث سنوات تعاني مشاكل اقتصادية وقانونية، وندمت على قبولها بهذا الزواج، وتعلن من كان سببا في هذه العلاقة. كرهت الحياة وفكرت في الانتحار بعدما يئست من ملاقاة الزوج لتبليغه باستدعاء النفقة والطلاق، تقول “ما أنا من المتزوجات ما أنا من المطلقات حتى والديا راه وليت كنحس ثقيلة عليهم حيت كيعطيوني باش نركب لبني ملال، وباش نخلص الأعوان القضائيين واخا كيرفضو يمشيو معايا حيت دار راجلي في الجبل وبعيدة بزاف”، عبارة ظلت تلازم لسانها كلما حلت بجمعية إنصات لمتابعة قضيتها. رفعت دعوى الطلاق، وألغيت لعدم توصل الزوج بالاستدعاء، وعدم معرفة الضحية بالمسطرة القانونية. آزرتها جمعية إنصات عن طريق محامي الجمعية وبفضله حصلت على الطلاق، إلا أن دعوى النفقة مازالت لم تنفذ على الزوج الغائب الذي يحل بالمغرب بدون علمها. لاتختلف قصة زينب 32 سنة ومستواها الدراسي التاسعة إعدادي، عن باقي القصص. تقدم لخطبتها شخص لم تكن تعرفه، فرفضت لكن مقاومتها لم تصمد أمام إلحاح عائلتها، وتم الزواج. “ومن بعد خلاني عند دارهم خمسة أشهر”. ستحبل لكن المفاجأة أنها ستكتشف أنه يشك فيها “بدا كيضربني.. ديما خارج بالساروت وداخل بيه.. اللي لقى كدامو كيضربني بيه.. وملي كنجي نهضر كيضربني ومن بعد خلاني عند دارهم ومشى لبرا.. ومن بعد مابقى كايرسل لي لفلوس ومابقى كايتصل بيا.. وجيت دابا للجمعية باش يساعدوني نطلق”. حاولت جمعية إنصات مؤازرتها عن طريق محامي الجمعية في دعوى الطلاق، وقامت بمحاولات كثيرة مع مقدم الحي ليمنحها شهادة السكنى لكن دون جدوى، فبقيت حالتها معلقة. صلّع ليها ظلت عزيزة، 19 سنة ومستواها الدراسي إعدادي، تتعرض للعنف الجسدي والاقتصادي والطرد باستمرار من طرف الزوج المهاجر الذي تركها بمعية عائلته. تطور النزاع إلى الولوج إلى المحاكم وحكم على الزوج بمستحقات النفقة. ظل يرغب ويستعطف لإرجاع الزوجة وضمان التنازل عن النفقة. وافقت الزوجة وعادت من جديد إلى بيت زوجها، إلا أن هذا الرجوع كان فرضته للانتقام منها، حيث ظل يعنفها إلى درجة أنه اعتقلها بإحدى غرف المنزل، وكبل يديها وشرع في تحليق شعرها عن آخره! تقول المسكينة “شفتي هاذ الميكة آش فيها؟! شوفي شعري.. شوفي راه باقية فيه الباندة اللي كنت شاداه بيها.. حسنو ليا كامل”. تستنجد بالصور التي تظهر فيها بشعر طويل ثم تشهر الصور التي تدين الزوج وتضيف “وها الصور بعد ما حسنو ليا وعراني وكان الليل، وقال ليا خرجي دابا، وقلت له خليني غير نلبس حوايجي الله يرحم والديك”، استعطفته “وقلت ليه علاش درتي لي هاد الحالة؟! وقال لي جبتك غير باش انتقم منك على هاديك الدعوى ديال النفقة وصافي”. حبسها ف الطاليان الضحايا السابقات لم يعبرن ضفة البحر الأبيض المتوسط، أما فاطمة فنجحت، في في العقد الثاني من عمرها، في مرافقة زوجها إلي إيطاليا. اعتقلها هناك في البيت، ومنعها من الحق في الخروج أو العمل، مع الضرب والمعاناة النفسية إلى أن عادا إلى المغرب، فتحايل عليها وسرق منها أوراق الإقامة وجواز السفر، وتركها تنذب حظها بعد كل محاولاتها اليائسة لاسترجاع وثائقها. تقول الضحية “اخرج عليا ماخلاني نقرا وماخلاني في الخارج.. دابا ماعرفت آش ندير.. مشيت عند الوكيل قال لي جيبي الشهود.. امشيت للقنصلية قال لي واحد خدام تام سيري دوري بالفلوس وغادي ترجعي للطاليان وأنا ماعندي فلوس”. الكبيرة ثعبان