«غير غادي يسالي المهرجان. الصويرة ما بقى يدور فيها حد». «من نهار الاثنين غادي تبقى غير العوا». تعاليق لسائقي الطاكسي وأصحاب المحلات التجارية بالمدينة القديمة تؤكد على حقيقة أن مهرجان كناوة وموسيقى العالم ينفخ حياة جديدة في المدينة، تنتهي مع نهايته، وتعود من جديد مع عودته. الصويرة عاشت السبت يوما طويلا لم ينته إلا مع بزوغ فجر اليوم الموالي. حفل المعلم الكبير محمود غينيا على خشبة الشاطئ لميديتيل انتهى مع الثالثة صباحا، وظلت الشوارع آهلة بالوافدين الجدد عليها أجانب كانوا أومن الداخل، منهم من ينزل إلى الشاطئ وينصب خيمته الصغيرة لينام هناك، ومنهم من يكمل ليلته في زاوية سيدنا بلال ويحضر إلى ليلات كناوية خاصة، ومنهم من يفضل التيهان في أزقة ومنعرجات المدينة القديمة. الدورة 14 طوت صفحتها بحفل الاختتام على خشبة مولاي الحسن الأحد الماضي. حفل استثنائي شارك في إحيائه أربعة من أيقونات تمعلميت في فن كناوة، محمود غينيا وعبد الكبير مرشان ومحمد كويو وحسن بوسو. أربعة معلمين على خشبة واحدة حدث لا يتكرر إلا نادرا، والجميل في الحفل جمعه بين الجيل القديم والجيل الجديد، إذ رافق المعلمين تسعة شبان من الراقصين قدموا لوحات كوريغرافية كناوية شدت إليها الأنظار لما تضمنته من لمسات جديدة كانت أهم ما في الحفل، أما الباقي فكان عاديا، لم يخرج عن المألوف ويقدم شيئا مفاجئا يبتعد عن اجترار الغناء الكناوي المعروف. مجموعة «رباب فيزيون» بقيادة عازف الرباب فولان بوحسين استهلت حفل الاختتام، وقدمت قطعا غنائية بالأمازيغية والعربية من ألبوم جديد سيصدر في قادم الشهور المقبلة. بيد أن أقوى لحظات الدورة الرابعة عشر من مهرجان كناوة وموسيقى العالم حفلات يوم السبت سواء على خشبتي الشاطئ أو خشبة مولاي الحسن. الخشبة الأولى عرفت صعود مجموعة «ضركة» والمعلم المراكشي عبد الكبير مرشان، والمعلم محمود غينيا. مجموعة ضركة حضرت بجميع عناصر الفرقة وقدمت أغانيها المعروفة من ألبوم سطوب باركة، أودنا حفل للفيزيون مع المعلم مرشان، لكن الحضور ظل ينتظر صعود نجم مدينة الصويرة المعلم محمود غينيا، ظل يلبي طلبات الجمهور حتى أنهى كل ريبرطواره. خشبة مولاي الحسن اكتظت عن آخرها ولم يعد من مكان للوقوف عليه حتى، هي هكذا حفلات المعلم الكبير مصطفى باقبو له أتباعه يلاحقونه أينما كان. جميع حفلاته بمهرجان كناوة تستقطب جمهورا كبيرا، يتفاعل مع أغانيه، ويحرك سواكنهم. وتجد الجميع يندمج روحانيا مع موسيقى آلة الكنبري لمصطفى باقبو. لكن حفل النجم العالمي المالي ساليف كايطا فند ما قد يكون اعتقادا أن الجدبة لا تكون إلا في حضرة موسيقى كناوة. حفله على خشبة مولاي الحسن السبت الماضي كان باذخا، وحرك الفضاء بجميع جنباته، لم يتوقف الحاضرون عن الرقص مدفوعين وملبين نداء إيقاعات قوية يستحيل عدم الاستسلام لها خاصة إيقاعات عازف طبل ماهر. ساليف كايطا كان من بين نقط الضوء المضيئة القليلة جدا في الدورة 14، عرف حضور جمهور غفير من السياح الأجانب وضيوف المهرجان من سفراء دول أمريكا اللاتينية، إذ حضر وفد يقوده المستشار الملكي أندري أزولاي ( أرنب المهرجان يحرص على الحضور في جميع الأنشطة بما فيها ندوات «شجرة الكلمات») ووزير الثقافة بن سالم حميش وزوجته، الوفد بالكاد خلق له رجال الأمن بزي مدني ممرا وسط الجمهور. من تابع دورة مهرجان كناوة وموسيقى العالم لهذا العام يضع يده على قلبه، ويطلب من الله ألا تكون دورة بداية النهاية، مستواها كان بعيدا عن مستوى سالف الدورات، وتحس أن عزيمة المنظمين فترت أخطاء بسيطة لا ترتكب إلا مع بداية تجربة أي مهرجان. يمكن أن نقدم مثالا بسيطا، موعد الحفلات المسطر في المطويات لم يكن مضبوطا، ولم يحترم ترتيب المعلمين كما وضع فيها. جملة لقطات من الدورة 14، التوليف في ما بينها لا يبشر بالخير، ونتمنى ألا يفت العائق المالي من عضد وعزيمة المنظمين، ففي نهاية للمهرجان نهاية لمدينة الصويرة.