حرك نشطاء الجمعية المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان بالمغرب ملف حادثة شغل، انتهت بإصابة شاب في مقتبل العمر بكسور حادة بمختلف أنحاء جسده، قبل أن يقدم صاحب العمل (طبيب) على محاولة طمس معالم الحادثة. النيابة العامة بمراكش، التي توصلت بشكاية في الموضوع من طرف الهيأة الحقوقية المذكورة، لم تتردد في إحالة القضية على الشرطة القضائية، وإعطاء تعليمات صارمة بضرورة فتح تحقيق في الموضوع، في أفق تحديد المسؤوليات وترتيب الجزاءات. فصول الواقعة حسب مضامين الشكاية، انطلقت حين تقدمت أم الضحية بطلب مؤازرة لمساعدة ابنها بفتح تحقيق حول ظروف حادثة الشغل، التي ذهب ضحيتها، ونقل على إثرها«في ظروف غامضة إلى مستعجلات ابن طفيل ثم إلى مصحة خاصة». خطورة القضية تجلت وفق مضمون الشكاية، في كون المتهم يعمل طبيبا، ويملك مصحة خاصة بالمدينة. لم تمنعه الصفة المذكورة عن «تجاهل القانون، وعدم التبليغ عن الحادثة»، التي وقعت داخل ورش بناء بممر النخيل. كان الضحية يعمل بالورش الخاص بإنشاء مشروع سياحي تابع للطبيب المذكور، حين انهار عليه جدار، وهو بصدد إنجاز حفرة كبيرة لاستعمالها في تصريف المياه العادمة، حيث «سارع صاحب المشروع لاستدعاء سيارة إسعاف، عملت على نقل المصاب صوب مستشفى ابن طفيل، ومنه إلى مصحة خاصة في ملكيته دون إخطار المصالح الأمنية بظروف الحادثة». وتؤكد أم الضحية أنها فوجئت ببعض زملاء ابنها في العمل يربطون الاتصال بها، ويطلبون منها الالتحاق بالمستشفى العمومي لمعاينة ابنها، الذي تعرض لحادثة شغل، حيث ظلت طيلة ساعات في انتظار تدخلات طبية لإسعافه وإنقاذه. وتحت ضغط اللحظة قامت بربط الاتصال بالطبيب صاحب ورش البناء، الذي قام باستقدام سيارة إسعاف لنقل المصاب صوب مصحته الخاصة، ومن ثمة إخضاعه لسبع عمليات جراحية، لمعالجة الكسور التي تعرض لها على مستوى الساق والحوض وعموده الفقري، مع رتق جزء من الأمعاء وعلاج المتانة. كما وعد الطبيب العامل المصاب بالتكفل بكافة مراحل العلاج، غير أنه استدعى الأم من جديد وطالبها بنقل ابنها إلى المنزل بالرغم من ظروفه الصحية، التي كانت تبدو في غاية السوء والتردي. رفض الأم لأوامر الطبيب جعلته، حسب الشكاية، يثور في وجهها، ويخاطبها بقوله «راه أنا خسرت الملايين على هاذ الولد، أوما يمكنش يبقى عندي هنا فالكلينيك»، وبالتالي الإصرار على إبعاده خارج المصحة. أمام هذه التصريحات طالبت الأم بتمكينها من الملف الصحي لفلذة كبدها، قصد إحالته على شركة التأمين، إلا أن الطبيب، على حد قولها، أنكر أية علاقة شغل تربطه بالضحية، وأن إحدى المقاولات هي المسؤولة عن العمال والمستخدمين، وبالتالي انتداب أحد العاملين لديه، الذي تقدم منها باعتباره المقاول، ومطالبتها بصورتين للضحية ونسخة من بطاقته الوطنية قصد إنجاز وثائق التأمين الصحي، ليبقى الانتظار منذ تلك اللحطة سيد الموقف، وبالتالي اضطرت الأم إلى الاحتماء بالهيأة الحقوقية المذكورة، وتقديم شكاية في الموضوع للنيابة العامة، ما فتح باب التحقيق القضائي على مصراعيه. اسماعيل احريملة