البرلمان الأوروبي حلبة الصراع الشرسة للمغرب مع خصوم وحدته الترابية، آخر هذه المعارك تصويت البرلمان الأوروبي، أول أمس الثلاثاء، خلال جلسة عامة،على تقرير حول وضعية حقوق الإنسان بمنطقة الساحل، الذي قدمه عضو البرلمان الأوروبي البريطاني شارلز تانوك، وهو التقرير الذي سبق للمغرب أن خاض معركة حقوقية بشأنه في شهر شتنبر الماضي، قبل أن يتم التصويت على الصيغة النهائية. المغاربة الذين شاركوا عبر وفد يمثل الدبلوماسية البرلمانية عبر عن ارتياحه للتصويت النهائي الذي أحبط مناورات بعض البرلمانيين الأروبيين المساندين للطرح الانفصالي، والذي تأكدت قوتهم في التصويت الأولي بلجنة الشؤون الخارجية. عبد الرحيم عثمون، الرئيس المشارك للجنة البرلمانية المغربية الأوروبية، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، عبر عن ارتياحه للتصويت النهائي على هذا التقرير الذي كشف، من بين أمور أخرى، خروقات حقوق الإنسان بمخيمات تندوف، مضيفا أن هذا التقرير «يؤكد على ضرورة إيجاد حل سياسي متفاوض بشأنه، مستدام ومقبول من الأطراف للنزاع حول الصحراء. الضربة الموجعة التي تلقاها الانفصاليون ومساندوهم كانت تهم ملف الصيد البحري والمراهنة على رفض بروتوكول اتفاق الصيد البحري بين المغرب والاتحاد الأوروبي، لتسجيل انتصار ملموس لمجمل التعديلات المكثفة التي تقدموا بها، والتي حاولت تصوير المغرب كسجن كبير يسوده التعذيب والاختطاف، والاحتجاز التعسفي، وحالات الاختفاء القصري، بل وفضاء للمقابر الجماعية. تصويت البرلمان الأوروبي أعاد التوازن لتقرير البريطاني شارلز تانوك، والذي كان مكلفا بإنجاز تقرير حول حالة حقوق الإنسان بالساحل والصحراء، قبل أن يسقط في شباك خصوم المغرب من خلال المغالاة في اتهام المغرب، من دون وجود إثباتات دامغة، ناهيك عن الصمت المريب إزاء أوضاع حقوق الانسان بمخيمات تندوف. المسؤولون المغاربة الذين حضروا جلسات المناقشة أكدوا أنه على الرغم من تحامل خصوم المغرب والطرح المكثف لعدد من التعديلات المعادية لمصالح المغرب فقد ساهم العمل المنسق للبرلمانيين المغاربة والدبلوماسية الرسمية، بشكل ملموس، في الحيلولة دون اعتماد هذه التعديلات التي تعاكس مصالح المغرب أصوات من البرلمان الأوروبي ارتفعت بقوة للتنبيه إلى انحياز بعض النواب الأوروبيين الذين حاولوا استهداف المغرب من خلال تخصيص ثلث التقرير لوضعية حقوق الإنسان بمنطقة الساحل ولوضعية حقوق الانسان بالصحراء، واجترار اتهامات قديمة وجديدة لإدانة المغرب. جيل بارنيو «وهو أحد النواب الأوروبيين الذين انتبهوا لهذا الاصطفاف المعادي للمغرب خاطب النواب الأوروبيين قائلا «يجب ألا تغفلوا، زملائي، أن المغرب هو واحد من البلدان التي نهجت سياسة حقيقية في مجال التنمية في منطقة الساحل والصحراء، كما أرسى دعائم دولة للقانون تحظى بالاحترام، وهي الجهود التي أتاحت وقف تنامي الإرهاب بالمنطقة»، مضيفا أن بعض النواب الأوروبيين أغمضوا مع ذلك أعينهم عما حققته المملكة النائب الأوروبي جان رواتا ذهب لعمق الاشكال القانوني الذي طرحه تقرير شارلز تانوك، معتبرا أنه «لو اتبعنا القانون فإن الوضعية بالساحل والصحراء لا علاقة لها بالصحراء»، مشيرا إلى أن بعض السياسيين حاولوا استهداف اتفاق الصيد البحري «في الوقت الذي يخضع فيه للتفاوض بحيثيات جديدة بالنسبة للمغرب تكتسي أهمية بالغة». التقرير الذي تم التصويت عليه يتألف من اثنتين وخمسين صفحة يكشف أن خصوم الوحدة الترابية لم ينالوا كل أمانيهم التي دافعوا عنها بشراسة في لجنة الخارجية، بل إن التقرير استعاد بعض التوازن حين أشار لمجهودات المغرب على مستوى حقوق الانسان وإرساء مؤسسات لها سمعتها في الدفاع عن حقوق الإنسان. التقرير لم يتوقف عند هذا الحد، بل أشار إلى وضعية السكان في مخيمات الحمادة، وتوقف عند الوضعية المعيشية المزرية للسكان، بل وذهب بعيدا حين أشار إلى دور الجزائر في الوضعية التي يعيشها السكان في مخيمات تندوف، وهي إشارة حاولت الجزائر مرارا التنصل منها، لأنها تنغص عليها الدور الذي يحلو لها التظاهر بالقيام به. معركة الدبلوماسية المغربية وإن نجحت في إجهاض طمع خصوم الوحدة الترابية، لكنها لا تزال بعيدة عن اختراق لوبيات صناعة القرار في البرلمان الأوروبي، ذلك أن التقرير الذي تم إنجازه لم يخل من عدائية من خلال التركيز على تقارير مطعون في مصداقيتها كما هو الحال لتقرير مركز كيندي، إضافة إلى استعمال لغة تصف المغرب بالمحتل، وهو أمر يتنافى والوضع الخاص في الصحراء التقرير الذي تم التصويت عليه أظهر أن الجزائر بكل ثقلها، والبرلمانيين الأوربيين المتعصبين بكل شراستهم لم ينجحوا في تحقيق اختراق مهم، كما أبان أن خطاب جلالة الملك محمد السادس الأخير أمام البرلمان مبني على معطيات دقيقة، أهمها أن الدبلوماسية البرلمانية في حاجة لتغيير جذري يحقق اختراقا في الآذان الصماء التي تعادي وحدة المغرب الترابية انطلاقا من غطاء حقوق الانسان الذي يعرف صراع مصالح أكثر منه صراع مبادئ . عبد الكبير اخشيشن