وكانت الدهشة التي أخرستني و جعلتني أتأكد ألف مرة من الخبر الذي سمعته على شاشة التلفاز. هل هي فلتة لسان أم خطأ مطبعي سقط سهوا أم حقيقة يندى لها الجبين؟ كيف يمكن لجمعية حقوقية أو تدعي ذلك، أن تستنفر كل جهودها الفكرية والنفسية والمادية للإطاحة بالعدو الغاشم الذي تسلل ليلا إلى أحياء مدينة غارقة في المشاكل الاقتصادية والاجتماعية وتبحث مثل مئات المدن المغربية عن منار للنجاة والعيش على الشط بكل أمان، أن تتلصص على طفولة هاربة من رقابة مزعجة. وما هذا العدو اللدود سوى براءة طفلين يكتشفان جسديهما ويختلسان قبلة عابرة وأراد اختبارها والاستمتاع بها. من من الجمعية الحقوقية التي أشعلت فتيلة النار كأننا أمام حرب مدمرة، لم يختلس من وراء الأهل والأعراف و الجيران قبلة و قبلات ما زالت عالقة بذاكرتهم حتى الآن ويتحدثون بها في سهراتهم ويفتخرون بها؟ كيف تهاجم هذه الجمعية التي تؤمن بالحق في التعبير والحق في الحياة والحق..ثم الحق..أهم حق من حقوق الإنسان والتعبير بكل الأشكال الممكنة. فعلا، لا يجب أن نلحق الضرر بالآخر لكن القبلة، تعبير جميل لا يضر و لا يلحق الضرر. ما هذا النفاق الاجتماعي والازدواجية في التفكير؟ لو كانت جمعية محسوبة على تيار متزمت لفهمت الأمر وسكت. لكن ما يجعل فعلا الأمر خطير هو تبني مواقف تخالف حقوق الإنسان ونعمل على صياغة مواقف جديدة خطيرة ترجع مستوى التفكير إلى عصر الظلمات. قامت الدنيا وقعدت، طفلة وطفل يتبادلان قبلة؟ ومحاكمة وإلقاء القبض على القاصرين كأنهما ارتكبا إثما لا يغتفر؟ ألم تفكر هذه الجمعية التي لم تجد ملفا تشتغل علية سوى قبلة، ما مصير هؤلاء الأطفال الثلاثة الذين زج بهم في «السجن»؟ ما هي الحالة النفسية التي سيكونون عليها؟ كيف سيواجهون عائلاتهم وأصدقائهم؟ هل سيكفرون بالقبل فيما بعد أم بالوطن الذي جعلهم مجرمين؟ الجمعية هي التي يجب أن تحاكم لأنها تلصصت على موقع كأننا في عصر محاكمة العجائز. إنها مهزلة تصيب المغرب الذي يبحث له عن موقع بين الدول المتحضرة. إنها صورة تضر بالمغرب كثيرا وتعيده إلى الخلف ألف مرة. أصبحنا نرفض الحب والجمال في كل سلوكياتنا وحياتنا الطبيعية. ونراه حراما ويخالف الشرع والقانون وما هو إلا وسيلة تعبير جميلة تختلف من شخص إلى آخر. أرجو أن تعتذر هذه الجمعية لهؤلاء الأطفال ولكل من يعشق و يختلس قبلا ليلا، وتحتشد كل جهودها لمواضيع أهم وأقوى تصيب البلاد والمواطنين والمواطنات.