يوم العيد. بعيدا عن كل الكلام المعقول، المنتقد والمندد بعمل بعض شركات النظافة في الدارالبيضاء، لا يمكن الحديث عن النظافة بدون مساءلة سلوك عدد كبير من البيضاويين في كثير من الأحياء. في مدينتي يتحول كل ركن من أركان الحي إلى محل تجاري لبيع الفحم وعلف الأغنام قبل أسبوع من العيد، ومع مرور الأيام يعوض العلف وغبار الفحم اسفلت الحي فيصبح بساطا أصفر يتخلله بعض السواد تتناقل أجزاؤه الأقدام بعد أن سدت كل المنافذ التي تسمح بمرور السيارات بفعل الباعة العشوائيين الذين يعرضون سلعا مختلفة من حبال وسكاكين وأواني بلاستيكية، وتوابل... بعد ذبح الأضاحي تتراكم أنواع أخرى من النفايات على ما سبق وتتجمع الأزبال بفعل السلوك البشري الذي لا يراعي نظافة الشارع العام ولا يهتم سوى بما خلف عتبة البيت، الأمر يزداد سوءا بانتشار عادات أخرى من قبيل تعاطي شبان الحي وبعض العاطلين شي الرؤوس وما يتطلب ذلك من فحم وألواح خشبية تترك مخلفاتها السوداء المختلطة مع ما تبقى من قرون الأضاحي منتشرة في كل مكان من الشارع. الصورة القاتمة تكتمل بوصول شحنة أخرى من النفايات وهي الأمعاء وماحوى بطن الخروف لترقد جنبا إلى جنب مع «البطانة»، فيصبح للصورة رائحة تزكم الأنوف. في كل ما سبق يعتبر السلوك البشري عاملا أساسيا في تحويل الشارع إلى قذارة تتراكم النفايات بكل أنواعها في جنباته وتحت عربات الباعة المتجولين الذين استقروا في أحياء المدينة رافضين الامتثال إلى أي قانون متمتعين بحماية السلطة بكل عمالات الدارالبيضاء. في هذه الأيام لا تنفع كل الحملات التحسيسية التي تقوم بها الجمعيات، فقط وحده السلوك البشري الممتد إلى أزمنة ما قبل الحضارة يعيث فسادا في البيئة التي تعتبر المتضرر الأكبر من عيد الأضحى. وكباقي الأيام يفضح هذا اليوم تناقضا كبيرا لدى الناس الذين يذبحون أضاحيهم تقربا من الله وفي نفس الوقت يسقطون أحد الأركان الأساسية التي يقوم عليها الإيمان ولا تصلح شعائره وواجباته إلا بحضوره وهو النظافة.. حتى تستقيم محاسبتنا للآخرين علينا أن نحاسب سلوكنا الذي لم يعد يمت بأي صلة للعالم المتحضر.