1)حدود تعامل المجلس مع الجهات الثلاث: تشكل الجهات الإدارية الثلاث ، مجالا طبيعيا خالصا ،ووحدة ترابية متجانسة إثنيا وقبليا ،وسوسيولوجيا ، بحكم الهوية المشتركة المتمايزة عن هوية المركز السياسي. إلا أن المجلس يقر بضرورة التمييز والتعامل بطريقة منفصلة بين المكونات الإدارية للجهات الثلاث، (ذلك أنه يتم التعامل معها مجتمعة تارة ومتفرقة تارة أخرى وذلك حسب ما تمليه خصوصيات كل جهة ) . هذا التعامل بطريقة منفصلة بين مكونات الجهات الثلاث، قد يضعف من مجال التواصل العقلاني بين الجماعات الترابية، وحدود بناء هندسة ترابية عقلانية منسجمة مع المجال الطبيعي للمناطق الصحراوية. وذلك بفصل مجال الصحراء عن مجال منطقة وادنون .الشيء الذي قد يؤثر سلبا على مسار التحديث السياسي للمجالات الترابية، و حدود إحداث تكامل واندماج عضوي بين مختلف مكونات التنظيم الإداري والطبيعي و الإثني بين المجالات الترابية الثلاثة. 2 ) البعد الزمني في إقرار نموذج تنموي حديث : تتراوح المدة الزمنية لبناء نموذج تنموي حديث لهذه الأقاليم، ما بين 5 سنوات وعشر سنوات، بمعنى وجود فترة انتقالية لاستكمال مسار بناء وتحديث الهياكل الترابية للجماعات المحلية، وإعادة دمجها بشكل تدريجي وطبيعي في المنظومة السياسية والإدارية للدولة . وقد تكون الفترة الانتقالية مرتبطة إلى حد ما بالارتقاء بنموذج الحكم المحلي إلى سلطة ترابية متمايزة عن السلطة المركزية. ويتوخى المجلس تكريس التعددية السياسية والثقافية، وتحقيق الاندماج السياسي والاجتماعي. فهل يمكن الحديث في النسق الإداري الترابي المغربي عن التفويض المحلي النسبي للسلطة للوحدات الترابية الحديثة، وحدود تقلص دور المركزية السياسية وبروز أنظمة مؤسساتية قانونية ودستورية حديثة ( الحكم الذاتي نموذجا). 3) اتساع نطاق المجال الترابي لأقاليم الجنوب: ارتبط تدبير المجال الترابي بهذه الأقاليم بالمقاربة القسرية لضبط البنيات التقليدية، والبحث عن مشروعية إضافية للسلطة السياسية. وذلك منذ فترة السبعينيات بحيث كان المجال الترابي بالصحراء يعاني من فراغ سياسي للسلطة. كما ساعد وجود نمط الترحال على تقلص دور السلطة المركزية . فمن ضمن خصوصيات المجال الترابي لهذه الاقاليم تمايز نمطه الترحالي عن باقي الأنساق الثقافية المجاورة، بحيث تشكل وحدة ثقافية وهوية منسجمة، وخصوصية تاريخية على أساس بناء وحدة المجال وتحديثه. إلا أن هيمنة المجال القبلي والإثني أفضى إلى إشكالية تحديد الهوية كآلية لضبط وإحصاء الساكنة وتحديد الجسم الانتخابي بالصحراء . كما أفضى غياب الاندماج الاجتماعي والعرقي بين مكونات الجسم الانتخابي والوافدين على المنطقة، إلى ضعف التماسك الاجتماعي وتعقد مشاكل الهوية و الانتماء إلى المجال الترابي الحديث . وهذا يتناقض مع بناء هوية مشتركة ومتكاملة ذات ارتباطات عضوية بين مكوناتها الإثنية .غير أن الدولة تبقى من ضمن وظائفها الحفاظ على وحدتها وتجانسها الإثني والعرقي، باعتبارها المستثمر الوحيد والمقاول بهذه الاقاليم . عوامل تقلص المركزية السياسية للدولة: أفضى بناء الدولة الوطنية الحديثة بالأقاليم الجنوبية إلى تكوين مشروعية إضافية للسلطة السياسية بالصحراء، وتراجع رهان المركزية السياسية في مجال تدبير النطاق الترابي لهذه الأقاليم. والتي توصف بأنها حديثة العهد بالاندماج في صيرورة التحول والتغيير السياسي بالمناطق الصحراوية . ومجال خصب لاختبار النماذج التنموية الحديثة. ويعتمد بناء نسق ترابي متكامل على تقنية التسويق الترابي، للمجال ومعيار التصنيع والمنافسة بين المجالات الترابية للدولة .غير أن تنامي وتيرة المساعدات المقدمة لأقاليم الجنوب قد يضعف من ماهية التواصل السياسي وعدم إمكانية بروز فضاء عمومي خاص بهذه اللأقاليم. ويحدد مفهوم المساعدات ( الإنعاش الوطني – المساعدات الغذائية) على أساس الارتباط العضوي وتبعية هذه الأقاليم للسلطة المركزية . بما يعمق من مجال القدرة على التنافسية وخلق المبادرة الحرة وتراجع وظيفة القطاع الخاص في مجال المنافسة . ويهدف المجلس الى وضع تصور مثالي لإعداد التراب غير أن ضعف الإستقلالية على مستوى صنع القرار قد يؤدي الى منع بروز سلطة مضادة للمركز السياسي . غير أن إحداث وكالة تنمية أقاليم الجنوب لم يساهم في بناء حكامة جيدة وذلك راجع إلى ضعف مجال التكوين والتربية، ونقص في الموارد البشرية، وغياب مؤسسات التعليم العالي وغياب سياسة ثقافية مندمجة، تأخذ بعين الاعتبار الاهتمام بالتراث والمكون الثقافي للتشكيلات الأهلية للمجتمع القبلي بالصحراء. وتحاول الدولة الوطنية التوفيق بين المرجعية الوطنية واحترام هوية الجهات، عبر إقرار المرجعية الدستورية واحترام حقوق الإنسان في إطار المواطنة، واعتماد اقتصاد السوق الاجتماعي، كعامل إدماج وضابط للبنيات التقليدية، والبحث عن تنظيم محكم للمنافسة الاقتصادية بين الجهات وتشجيع المبادرة الفردية والمقاولات بحيث يتم دعم الثقة في مؤسسات الفاعلين في الوساطة ودعم النخب الجهوية في صنع القرار على المستوى الجهوي . خلاصة : يروم المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي بناء نمط إداري حديث بالأقاليم الجنوبية، يعتمد على تقنية المشاركة السياسية للساكنة المحلية في اختيار النموذج التنموي الحديث، وإعادة إدماج التشكيلات الأهلية للمجتمع المحلي داخل المنظومة السياسية والإدارية للدولة.كما يهدف إلى الحفاظ على الخصوصيات الثقافية والتاريخية للمجموعات القبلية المكونة للمجال الترابي بالمناطق الصحراوية التي تمثل مجالا خصبا لتحديث المشروعية للسلطة السياسية وبناء شرعية إضافية للسلطة المحلية .