عرضت الهيأة العليا للحوار الوطني حول إصلاح منظومة العدالة أول أمس بالرباط ميثاقها، الذي اشتغلت عليه لأكثر من سنة، أي منذ تنصيب هذه الهيأة في 8 ماي من السنة الماضية. الميثاق الذي تضمن تشريحا للوضعية الحالية لمنظومة العدالة، وتقدم بتوصيات من أجل إصلاح أعطاب هذه المنظومة، وقف نظريا عند ثلاثة مفاصل أساسية. المفصل الأول يتعلق بمراجعة القوانين وملاءمتها مع القانون الدولي الإنساني، والثاني يرتبط بتكوين القضاة واستقلاليتهم، والثالث يخص تخليق القطاع. الكل في المغرب يقف بالملموس ،أو بالسماع، على ما يجري في محاكم البلاد من كوارث تحول دون تحقيق العدالة. هو الفساد الذي يعشش في محيط المحاكم ويوجه الأحكام إلى درجة أصبحت هذه الأحكام تباع وتشترى، بتواطؤ بين العديد من المتدخلين في منظومة العدالة. طبعا لا يمكن تعميم هذا الأمر على كل المتدخلين في المنظومة، فإلى جانب بعض القضاة والمحامين المرتشين والمتسخين، يوجد في محاكم المملكة نزهاء وعقلاء ومتخلقون ومتضلعون في القانون . لكن للأسف ، وكما يقول الدارج المغربي «حوتة تخنز الشواري»، فإن ممارسات البعض تدفع الناس إلى الإحساس بفقدان الثقة في عدالة بلدهم، وليس هناك أكبر من كارثة الإحساس بغياب العدل والعدالة. الأمل اليوم معقود على تفعيل توصيات هيأة الحوار، وذلك بوضع آليات دقيقة وفعالة تحرص على أن تعيد الثقة للمواطنين في مؤسسة القضاء وفي منظومة العدالة بصفة عامة. إن الأعطاب التي تطال منظومة العدالة في بلادنا ليست ذات تأثير سلبي على مواطني البلد فقط ، بل هي وصمة عار تواجه المغرب في المحافل الدولية. نتذكر هنا القلق الذي أبداه الإتحاد الأوروبي من التأخر في إصلاح هذه المنظومة وهو قلق عبر عنه ممثلوه في المغرب أو في بروكسيل في لقاءات صحافية... إن العدالة إن صلحت، ستكون قاطرة للتنمية والتطور والتقدم، وبالتالي فإصلاحها أمر ضروري ومستعجل. والأهم في الميثاق هو إخراج بنوده من الإطار النظري إلى مستوى التطبيق.