بائعات هوى من نوع خاص لايلجأن إلى الدعارة من أجل توفير سومة كراء آخر الشهر أو توفير لوازم الدراسة لأطفالهن أوتسديد فاتورة الكهرباء أو ثمن أدوية للزوج العاجز في البيت، ولكنهن بائعات هوى من صنف جديد، في أغلبهن ذوات مؤهلات علمية عليا وأحيانا متوسطة ويشغلن وظائف هامة... اليوم ومع التطور المتسارع للمجتمع المغربي والتفتح الاعلامي تغيرت العديد من المفاهيم والعقليات مما ساهم في ظهور العديد من الظواهر وضمنها التي نتحدث عنها، ويبقى المجتمع ملئ بحكايات وقصص شابات لهن وظائف محترمة، وبعد مغادرتهن لمقرات عملهن يلبسن «أقنعة» تغنيهن عن سؤال لماذا؟ وكيف؟ وماالمبررات؟ البداية من باريس والختام في مراكش كان الوقت مساء وعقارب الساعة تزحف نحو السابعة، إنه وقت مغادرتها لعملها في مكتبها الأنيق في الحي السياحي كيليز بمراكش. بعد دقائق وصلت «نيرمين» -اسم مستعار- بسيارتها ذات الدفع الرباعي السوداء الفارهة إلى مقهاها المفضلة قبالة قصر المؤتمرات بشارع محمد السادس أرقى الشوارع بالمدينة. ترجلت «نيرمين» من سيارتها ودخلت المقهى حيث انتشرت رائحتها الباريسية في المكان واتجهت كل الأنظار إلى مبعث الرائحة الجميلة .. في مكانها المعتاد جلست الشابة الجميلة وطلبت قهوتها السوداء وحسب نادل المقهى اعتادت الجلوس وحيدة لمدة لاتتجاوز ربع ساعة وبعد ارتشافها قهوتها تغادر لعدم تحمل مضايقات نظرات موجهة إليها. حسب النادل فجمال الشابة باهر لايضاهيه جمال. محاولات الاقتراب من بعض ممتهنات هذا النوع الراقي من الدعارة لمعرفة الأسباب الحقيقية لسلوك هذا الأمر شئ صعب وذلك للمكانة الاجتماعية والفكرية لأغلبهن والمناصب التي يحتللنها والرغبة الملحة منهن في الإبقاء على السرية لنشاطهن . كانت محاولة أولى وثانية وثالثة ورابعة مع «نيرمين» لإفشاء بعض من أسرارها وسبب امتهانها نشاطا موازيا لوظيفتها، إلا أن الرفض الكلي كان هو الجواب عن كل المحاولات، لكن بعد هذه المحاولات قبلت الكلام شريطة عدم الافصاح عن هويتها أو المدينة التي تنحدر منها. بدأ مسار حياة «نيرمين» بعد ولادتها في العام 1982 في إحدى المدن الشمالية المطلة على البحر الأبيض المتوسط في أسرة معروفة بنشاطها التجاري الواسع. بعد الحصول على شهادة البكالوريا توجهت إلى العاصمة الفرنسية لدراسة التخصص الذي طالما حلمت به وتسجلت في أكبر معهد لتكوين الصحافيين المتواجد في حي راقي بالدائرة الثانية بباريس. وبالموازاة تسجلت في كلية العلوم الاجتماعية التابعة لجامعة السوربون في قسم سوسيولوجيا العالم الثالث جامعة باريس رقم 1 لتحقيق رغبة والدها الذي لم يكن يعنيه إلا التباهي أن ابنته البكر تتابع دراستها في أرقي جامعة في أوروبا والعالم. كانت كل المصاريف التي تحتاجها نيرمين تتوصل بها وزيادة من أسرتها في المغرب إلى جانب أموال أخرى كانت تتوصل بها من أحد قربائها المقيم في العاصمة النمساوية فيينا. تفوقت الشابة خلال السنة الأولى من دراستها ونجحت سواء في معهد الصحافة أو في جامعة السوربون إلا أنه وفي السنة الثانية وبعدما تعرفت أكثر على جغرافية باريس ومعالمها أدمنت التردد على الملاهي الليلية والمطاعم الفخمة واقتناء أرقى الملابس والتعود على قضاء عطلها على الساحل الازوردي في الجنوب الفرنسي في «كان» و«نيس» . مع مرور الوقت وتزايد المصاريف في مدينة من حجم باريس وتعودها على حياة الرفاهية أصبحت مصاريفها كبيرة لم تعد توازي ماتتلقاه من أسرتها في المغرب. وكانت نقطة التحول في حياتها لما التقت في إحدى أيام دجنبر مع رجل أعمال تونسي في منتجع للتزحلق على الجليد بالقرب من مدينة «كليرمون فيران» وسط فرنسا وسرعان ما انجدب إليها وبالمقابل ارتاحت لشخصه والأكثر لجيبه. قضت «نرمين» مع الثري التونسي ثلاث ليال في فندق قريب من حي «لاكارد» الصغير الراقي القريب من كنيسة «كليرمون فيران» والمصمم على نمط القرون الوسطى. بعدها جنت نيرمين أموالا كثيرة وفقدت مقابلها بكارتها. وبتأثير من زميلات لها في الدراسة فرنسيات وسينغاليات «خرجات ليها كود» وشرعت في بيع جسدها في فنادق باريس الراقية للراغبين في تدوق اللحم العربي وماأكثرهم وخاصة من رجال آلأعمال العرب. كانت «نرمين» تشتغل في نشاطها وفق برنامج مضبوط في نهاية الأسبوع وفترات العطل وأحيانا كانت تتنقل وتحت الطلب إلى مدن أخرى خارج باريس وخاصة إلى مدن الساحل اللازوردي في نيس وكان ومارسيليا حيث يتواجد الأثرياء من العرب. جنت الشابة مبالغ مالية مهمة مكنتها من توفير كل مستلزمات حياة النجوم والتسجيل في إحدى المعاهد العليا المتخصصة في التسيير وادارة المقاولات. بعد خمس سنوات من الاقامة في باريس والحصول على رزمة شواهد عليا بدأت توجيهات الأسرة لها للعودة إلى المغرب في الأثناء تمكنت من إيجاد عمل كمسؤولة علاقات عامة في شركة متعددة الجنسيات متخصصة في تجهيز الفنادق بأجر مغري أنقذها من تنفيذ طلب الأسرة لها بالعودة . عملت شهورا في باريس وبعد تأكيد كفاءتها وجهت إلى العمل في فرع الشركة في جزيرة مالطا ومنها إلى البرتغال ومن هذه الأخيرة حطت الرحال بمراكش قطب السياحة في المغرب. وحتى بعد حلولها بالمغرب لم تتخلص «نيرمين» من نشاطها الموازي ولم تكن تمنج جسدها إلا لأصناف محددة من الرجال كبار رجال الأعمال والمقاولون والموظفون السامون القادرون على الدفع بسخاء. بعد بضعة شهور من الاقامة في مراكش تعرفت على رجل أعمال يدير مجموعة مشاريع عقارية وسياحية في المغرب وجنوب اسبانيا، اقتنى لها شقة «دوبليكس» في شارع الحسن الثاني وسيارة. لم يكن الرجل يبخل عليها بكل ماتطلبه بما في ذلك قضاء نهاية الأسبوع أحيانا في باريس أو جزر الكناري. تختم «نيرمين» قصتها بالتأكيد على أنها ملت من هذه الحياة وتقول: «بدأت أفكر جديا باعتزال هذا النشاط بعدما وفرت «خميرة» لابأس بها من المال وأصبح تخطيطي جديا في تأسيس شركة مختصة في تنظيم المؤتمرات والملتقيات الوطنية الدولية وهو نوع جديد من النشاط السياحي بدأ يعرف تطورا ونموا خاصة بعدما أصبح لي شبكة من العلاقات تمتد إلى العديد من الشخصيات الهامة وذات الوزن في مجال المال والأعمال والسياسة. ظاهرة في ازدياد يعتقد كثيرون أن الدعارة مرتبطة أساسا بالفقر والحاجة وأينما كانت الهشاشة إلا وانتشرت أوكار الدعارة، وهي مقاربة قد تكون خاطئة فبعض الممارسات يكون هدفهن هو مراكمة ثروة تضمن لهن مستوى عيش راقي خاصة مع تنامي نمط استهلاكي معين ورغبة جامحة في توفير الكماليات من سيارة وشقة وملابس فاخرة وأسفار إلىالخارج وتسمين الحسابات البنكية. حجم الظاهرة لايعرف بالتحديد لعدم وجود دراسة أو بحث ميداني بخصوصها، إلا أن العديد من الباحثين يرون أن الظاهرة في ازدياد يوما بعد يوم خاصة مع تنامي النمطط الاستهلاكي الذي ينحو نحو الانحراف. جنوح عاملات أو موظفات أو مستخدمات إلى الدعارة هو ظاهرة عرفتها الولاياتالمتحدةالأمريكية، قبل أن تنتقل إلى أوروبا مع الحرب العالمية الثانية وانتشرت خاصة في فرنسا وبريطانيا حيث كانت للظروف الاقتصادية الصعبة نتيجة الحرب العالمية الثانية دافعا جعل العديد من العاملات الفرنسيات والبريطانيات يلجأن إلى بيع أجسادهن لموازنة مداخيلهن التي كانت متواضعة أثناء الحرب للجنود الأمريكيين المشاركين إلى جانب الحلفاء في دعم المجهود الحربي لهاتين الدولتين. . وفي المغرب انتشرت الظاهرة منذ عقود في أوساط العاملات البسيطات في المصانع وفي أوراش الصناعة التقليدية وخادمات البيوت قبل أن تطفو على السطح بقوة في السنين الأخيرة في صفوف بعض الموظفات ذوات المؤهلات الثقافية العليا والمتوسطة مع انتشار نمط استهلاكي منحرف يركز على المظاهر والكماليات. من المدرسة إلى حياة الليل عاشت «كوثر» في كنف أسرة في مدينة «تيفلت» الصغيرة في منزل متواضع لاتخفى عليه مظاهر البؤس والفقر الشديدين كان حلمها التفوق في دراستها والحصول على شهادة البكالوريا لأنها الوسيلة الوحيدة التي ستمهد لها الطريق لإخراجها من وضعية البؤس التي كانت تعيشها في أسرة متعددة الأفراد يعولها أب أنهكه العمل كمياوم في الضيعات الفلاحية في منطقة الرماني نواحي الرباط. كانت الشابة كلما أوت إلى فراشها تتطلع إلى السقف المهترئ لغرفتها وتعد الشهور والسنين المنفلتة من عمرها وتحاول أن تنقذ أسرتها التي علقت كل الأمال عليها لكن الواقع عنيد لايطاوع كل الأحلام تحكي كوثر: «الصباحات كانت دائما تفاجئني بصفعتها التي توقظني من الأحلام لأستفيق على واقع مر وأسرة فقيرة يرعاها أب أتعبتني آهاته من الشقاء الذي كان يعيشه». الحياة الجديدة لكوثر بدأت حسب ماحكته مع حصولها على شهادة البكالوريا «في العام 2004 وبعدما حصلت على الشهادة التحقت بكلية الآداب والعلوم الانسانية جامعة محمد الخامس بالرباط حيث تسجلت في شعبة اللغة الانجليزية وأدابها. وتقول كوثر «كنت محظوظة في إيجاد غرفة في الحي الجامعي لأن المنحة التي كنت أتقضاها لم تكن لتسعفني على كراء بيت أو حتى غرفة فوق السطوح». وتضيف كوثر: «لم يكن أي شئ يلهيني عن الدراسة لأن هدفي رسمته وبدقة وهو الحصول على شهادة الاجازة لأنها الوسيلة لايجاد عمل يمكنني من مساعدة الأسرة » . في يوليوز 2008 حصلت الشابة على الإجازة وفي شتنبر اجتازت مباراة المدرسة العليا للأساتذة وتفوقت فيها بنجاح وفي شهر أكتوبر كانت على موعد مع بداية التكوين الذي استمر لمدة سنة في المدرسة العليا للأساتذة بالرباط كانت كوثر دائما محظوظة في مسارها التعليمي إذ وبعد التخرج عينت في مدينة سلاالجديدة مما مكنها من الاستقرار في بيت أسرتها في مدينة تيفلت وكل صباح كانت تستعمل سيارة تاكسي للالتحاق بعملها. الأجر الذي كانت تتقاضاه الشابة لم يكن يلبي كل الطلبات المنتظرة منها ولأسرتها خاصة بعدما بدأت تفكر في اقتناء شقة وتحمل مصاريف أسرتها بعد الدفع بوالدها للتخلي عن عمله المضني في الحقول. جربت «كوثر» في البداية إعطاء دروس إضافية للتلاميذ في اللغة الانجليزية إلا أنه وبعد شهرين كان العائد المالي متواضعا. إحدى زميلاتها في التدريس وبعدما تعرفت على ظروفها الصعبة نبهتها إلى أنها تتوفر على «كنز» لاتعرف قيمته إشارة إلى جمالها الباهر وشكلها المثير. لم يقتصر وقت التفكير طويلا وجاء القرار سريعا فانخرطت في نشاطها الجديد. كانت الانترنت بالنسبة إليها وسيلة فعالة لاصطياد زبنائها. لم تكن الشابة تعلن عن هويتها الحقيقية أو عن وظيفتها وكثيرا ماكانت مواعيدها مع زبنائها تتم في مدن أخرى في البيضاء أو مراكش أو طنجة. في ظرف وجيز تمكنت الشابة من اقتناء شقة بالتقسيط لأسرتها ومساعدة والدها في تحمل مصاريف البيت ومولت مصاريف دراسة شقيقتها في مدرسة خاصة. «كوثر» مصممة على السير قدما حسب تأكيدها. في الكثير من الأحيان تحس الشابة بفراغ عاطفي كبير لعدم ارتباطها بشخص في سنها تحس معه بأنوتثها وتقضي معه ماتبقي من حياتها. إلا أن ما يبدد طمأنينتها هو الخوف الدائم من أن يفضح سرها في يوم من الأيام بأن يعرف نشاطها الموازي لوظيفتها وهو الاحساس الذي لاتستطيع حتى التفكير فيه. جروح غير مندملة التقينا «سمية» (اسم مستعار) في إحدى مقاهي شارع محمد الخامس بالدارالبيضاء، كانت تبدو هادئة، واثقة من نفسها ولاتشعر بأي حرج من الحديث عن نشاطها الموازي لوظيفتها كممرضة في إحدى العيادات الخاصة بالدار البيضاء. عندما وصلت الشابة ذات السادسة والعشرين إلى الموعد المحدد كانت تبدو كأميرة من أميرات زمان، جمال عربي يبهر العين، لون قمحي، طول فارع وشعر أسود منسدل. لم تتردد الشابة في فتح قلبها لتحكي عن حياتها وأسرتها وبداية إرتمائّها في أحضان نشاط بيع جسدها تقول: «أنحدر من أسرة بسيطة ذات أصول بدوية من مدينة بن جرير الصغيرة، مرت طفولتي عادية كأي صبية من الصبايا.. في سن العاشرة انتقل والدي إلى مراكش للعمل في محطة القطار. الانتقال من مدينة صغيرة إلى أخرى كبيرة في حجم مراكش كان له طعم خاص لكنه كان مكلفا. تعرفت على صديقات من مختلف الطبقات والمستويات، مكنني من نزع ثوب البداوة وأن ألبس ثوب جديد بدأت معه أشعر بما حباني به الله من جمال وشكل مغري. كل ذلك لم يلهيني عن دراستي حيث كنت محظوظة بالحصول على شهادة البكالوريا. وكنت محظوظة أكثر في النجاح في مبارة الالتحاق بمعهد تكوين الممرضين. بعد فترة الدراسة والتدريب تخرجت سمية من المعهد، لكن كان حظها هذه المرة عثرا ولم تعين كغيرها من الخريجات في القطاع الصحي العمومي، فماكان أمامها سوى الانخراط في عالم البطالة. الشابة لم تستكن وخرجت بحثا عن عمل وكان هذه المرة جمالها هو الذي شفع لها في إيجاد عمل بمصحة خاصة. في أول يوم في عملها كانت الأعين تتربص بها والألسن تتغزل بمفاتنها سواء من زملاء العمل أو من زوار المصحة فكان الإغراء أكبر من أن تقاومه «سمية» وهي تخطو أولى خطواتها في الحياة، وعملا بمقولة «لبغا يعض يختار هبرة» دخلت في علاقة غرامية مع أحد أطباء الجراحة في المصحة التي تعمل فيها. في البداية نبهها إلا أنه متزوج وأن سقف العلاقة بينهما لن تتجاوز «هاك ورا» قبلت سمية باللعبة وكانت العاقبة فقدان بكارتها قبل الانخراط في لعبة الانتقال بجسدها بين أيادي يجري المال فيها مجرى الماء.