يبدو أن الفوضى، التي تعيشها شوارع تطوان الرئيسية والجانبية، حركت مؤخرا السلطات المحلية، حينما خرج والي تطوان مرفوقا بكل مسؤولي السلطة الترابية من قياد وأعوان، في جولة بشارع محمد الخامس بوسط المدينة والشوارع المتفرعة عنه، في محاولة لاستعادة بعض هيبة المخزن، التي ضاعت كليا، بالنظر لما يعرفه هذا الشارع وغيره من ممرات وساحات المدينة من احتلال للباعة المتجولين، الذين زحفوا على عتبات المنازل وأغلقوا أبواب المحلات التجارية، ولم يعد للراجلين مجالا للحركة أو السير، خاصة بعد الزحف على الأرصفة وحيز من الطريق. خروج والي تطوان كان رسالة واضحة لمسؤولي السلطة بما فيهم المصالح الأمنية، التي وجهت لها إرساليات لفك الحصار عن الشوارع والممرات، بل أن ما زاد الطين بلة هي المقاهي التي أخرجت كراسيها لوسط الشارع، في محاولة من بعضهم لمحاصرة الباعة المتجولين، «إذا كان قدامي غادي يحتلوه الباعة المتجولين ندير فيها الكراسا ديالي حسن»، كلام لصاحب مقهى بشارع محمد الخامس. فقد تحول هذا الشارع الرئيسي إلى طريق ممنوع مرور السيارات به، بعد أن أصبح سوقا مفتوحة للباعة المتجولين من جهة ولكراسي المقاهي من جهة ثانية. حملة محاربة الباعة المتجولين، جمع فيها الوالي اليعقوبي قياد جل مقاطعات تطوان، بما فيها البعيدة والقريبة من وسط المدينة، وممن لا علاقة لها بالشارع المذكور، لكن يبدو أن المسؤول الترابي أراد أن يبين أن «المخزن مازال كاين في البلاد»، خصوصا بعدما استفحلت ظاهرة احتلال الباعة المتجولين لكل شبر في وسط المدينة وفي غيره من الأحياء، حيث تراموا على أملاك الغير، وحولوا مرافق المساحات الخضراء إلى «فراشات» لهم، والأشجار مشجابات لتعليق معروضاتهم، ناهيك عن الكميات الكبيرة من الأزبال، التي يخلفونها يوميا، والتي يصعب جمعها، مما حول وسط المدينة إلى ما يشبه مطرحا للنفايات. مشاريع الجماعة الحضرية لمحاربة الباعة المتجولين على طول السنة لم تفض لأي نتيجة على ما يبدو، فبقدر ما تفتح الأسواق وما توزع الدكاكين إلا ويتضاعف عدد الباعة، حيث صار للصيف خصوصيته في تطوان. فكل من جاء للتصييف يصبح بائعا متجولا، وحتى المرشحين للهجرة السرية يلجأون للبيع بالتجوال في انتظار لحظة العبور إلى الضفة الأخرى، مما جعل من مدينة الحمامة البيضاء ملتقى لجيوش الباعة المتجولين، سواء من أبناء المنطقة أو الوافدين عليها. مصطفى العباسي