في ساحة النصر استعادت حركة 20 فبراير توهجها السابق . رسالة المخزن كانت واضحة ، الأحياء الشعبية خط أحمر، وهي الرسالة التي فهمتها الحركة على ما يبدو ، أما العدل والإحسان فقد استعرضت عضلاتها التنظيمية، في مسيرة الدارالبيضاء التي ناهزت العشرة آلاف مشارك على طول شارع ستراسبورغ 0 كانت الساعة تشير إلى الخامسة والنصف مساء الأحد، فيما ساحة النصر شبه فارغة إلا من بعض عناصر المرور، وعدد من الصحفيين والمصورين ، أين المحتجون وأين شباب 20 فبراير ؟ تساؤلات بدأت تعلو ألسنة الحاضرين، ربما الإنتصار على الجزائر جعل الناس تتراجع عن الإحتجاج ؟ شباب الحركة كانوا أول من تقاطر على الساحة، قادمين من مقر الكنفدرالية الديمقراطية للشغل، حاملين معهم الشعارات واللافتات ، لم يتجاوز عددهم الثلاثين شخصا في البداية، شكلوا النواة التي التف حولها بعض المشاركين المشتتين وسط الساحة، ولم تطل لحظات الإنتظار حتى دوت فجأة أصوات وشعارات من شارع رحال المسكيني ، قادمة باتجاه ساحة النصر، «الشعب يريد إسقاط الفساد» كانوا يهتفون، ويحملون صور كمال العماري، وسط الساحة اندمجوا مع النواة السابقة للشباب السابق ، وبدأت الجموع تتعاظم بطريقة مفاجأة مع مرور الوقت حتى امتلأت الساحة 0 الشعب يريد من قتل الشهيد ... كان هو الشعار الذي تردد بقوة في البداية ، صفيق صفير رفع الأيادي للأعلى ، الشباب بدأوا يرصون صفوفهم بشكل واضح ، لحظات طويلة فضاها المحتجون في ترديد الشعارات وسط الساحة، فيما لافتة كبيرة حملها الشباب كتب عليها «الشعب يريد إسقاط لجنة المنوني » ، في إحدى اللحظات خاطب المنظمون المشاركين عبر مكبرات الصوت «كلشي يكلس... كلشي يكلس » ، لكن البعض رفضوا الإمتثال لهذا النداء، وتبين أنهم مجموعة من الأشخاص يحملون صور صاحب الجلالة والأعلام الوطنية، وأمام عدم رغبتهم في مسايرة الحشود التي اقتعدت الأرض ، كادت الأمور تتطور إلى مناوشات بين أنصار حركة 20 فبراير، وهذه المجموعة لكن تم تجاوز المشكل بسرعة بعد تدخل مسؤولين أمنيين 0 في مقدمة المسيرة كان العلم الأسود لحركة 20 فبراير يرفرف، بينما غالبية الوجوه المعروفة بالحركة عادت لمسيرة أول أمس ، خلفهم بأمتار قليلة كانت (الهوندا ) الشهيرة، التي تصدح عبر مكبرات فيما يردد خلفها الألاف ، كل الشعارات المتفق عليها في أرضية الحركة عادت للظهور مجددا، والحاضرين استعادوا تفاصيل المسيرات الأولى للحركة خلال شهري فبراير ومارس الماضيين، مشاركة مكثفة سجلها نشطاء جماعة العدل والإحسان، التي نزلت بقوة من خلال مشاركة التنظيمات النسائية أيضا، كيف لا والجماعة تعتبر المسيرة تأبينا لأحد أعضائها، الشهيد كمال العماري بأسفي 0 من ساحة النصر وعلى طول شارع ستراسبورغ حتى مقر الكنفدرالية الديمقراطية للشغل، كانت الحشود تواصل مسيرتها ببطئ ، و بانتظام كبير عبر صفوف يتقدمها بعض المنظمين يعملون على ترديد شعارات متفق عليها سابقا، شباب الحركة ونشطاء العدل والإحسان والتيارات اليسارية، كلهم رددوا شعارات تناولت في مجملها، معارضة الدستور الممنوح وضرورة إسقاط لجنة المنوني، والمطالبة بحرية الإعلام والصحافة، وعدم إفلات المفسدين من العقاب، بالإضافة لتحسين الأوضاع الإجتماعية من التشغيل والتعليم والصحة، كل من تابع مسيرة أول أمس تبين مدى النضج الذي أبانت عنه الحركة، مقارنة مع الوقفات السابقة في كل من اسباتة وغيرها من الأحياء الشعبية، الشعار الشهير «ديكاج» لم يخص أسماء أو شخصيات بعينها، وإنما تم استعمال عبارة «المخزن ديكاج» 0 المسيرة ميزها انظباط كبير ولم تعرف أية أحداث أو انفلاتات، في ظل غياب أمني تام، فلم يلحظ وجود أي من العناصر الأمنية على طول المسيرة باسثتناء عناصر معدودة على رؤوس الأصابع لشرطة المرور، مع تواجد ومتابعة لعناصر الإستعلامات والشرطة القضائية، التي كانت عناصرها تراقب تقدم المسيرة عن بعد، لكن أجواء الإرتياح خيمت على كافة المشاركين في المسيرة بسبب حياد المصالح الأمنية، كما حظيت المسيرة بمتابعة إعلامية قوية من قبل وسائل الإعلام الدولية الكبرى ، في مقدمتها قناة CNN الأمريكية وبعض القنوات الفرنسية والإسبانية 0 بعد ساعتين ونصف، وصلت المسيرة إلي نهايتها في شارع اللحسن الثاني قرب مقر ولاية الدارالبيضاء ، وتقدم خلالها المنظمون بالشكر لسكان اسباتة الذين استضافوا المحتجين في الأسبوع الماضي حسب وصفهم ، بعدها مباشرة تفرقت الحشود، في شوارع مركز المدينة، لتبدأ رحلة العودة الشاقة، حيث واجهوا أزمة كبيرة في الإلتحاف بأحيائهم، بعدما لم يعثروا على وسائل نقل عمومية، الحافلات و سيارات الأجرة غابت عن الشوارع و وتركت المشاركين تائهين حتى ساعات متأخرة في شوارع المدينة 0 عبد الواحد الدرعي