مرة أخرى تختار السلطات نهج أسلوب الترهيب في تعاملها مع حراك 20 فبراير بمدينة طنجة ليلة أمس السبت 13 غشت ،عسكرة شاملة لحي بني مكادة الشعبي حيث مكان انطلاق المسيرة الشعبية التي دعت إليها حركة 20 فبراير،تطويق كامل لساحة التغيير بمختلف الأجهزة الأمنية،حواجز أمنية عند مداخل الطرقات والأحياء ،سيارات الأمن تجوب كامل المدينة، ما أوحى في بداية الأمر بنية السلطات وأد الموعد الاحتجاجي في مهده، إلا أنه وعكس كل التوقعات التي فرضتها الأجواء المصاحبة للانتشار المني المكثف فان مسيرات الأحياء التي اعتاد شباب 20 فبراير تحريكها في اتجاه ساحة التغيير ،تحركت دون مشاكل تذكر حيث لم يتدخل رجال الأمن لمنعها أو تفريقها. ساحة التغيير حيث مصب مسيرات الأحياء وملتقى المحتجين بقيت مستعصية على شباب 20 فبراير للمرة الثانية على التوالي واكتفوا بالتجمع في شارع مولاي علي الشريف المحاذي للساحة ونددوا بهذه العسكرة الأمنية التي وصفوها بغير المبررة كما حملوا كامل المسؤولية للكاتب العام للولاية السيد مصطفى الغنوشي الذي يبدو مصرا حسب شباب 20 فبراير على استفزاز المناضلين وجرهم نحو المجهول. عند حدود الحادية عشر مساء تحركت المسيرة الحاشدة صعودا نحو حي بنديبان ، إلا أن هذا التحرك لم يكن ليمر دون مشاكل حيث أصر بعض الشباب وغالبيتهم من أبناء حي بني مكادة على اقتحام ساحة التغيير وبدت النرفزة واضحة على وجوههم وهم يهتفون بسقوط المخزن مطالبين برحيل قوى الأمن عن حيهم،وكادت الأمور تتطور بشكل تراجيدي في لحظة من اللحظات بعدما بدأ الاحتكاك المباشر بين الشباب وقوى الأمن لولا تدخل بعض ناشطي حركة 20 فبراير الذين تمكنوا في الأخير من إقناع الراغبين في اقتحام الساحة بالانضمام إلى المسيرة مجددا. المسيرة عادت لتجدد الصلة بالمسافات الطويلة،حيث سلكت مسارا كيلوميتريا في اتجاه ساحة الأممبشارع محمد الخامس مخترقة عدة أحياء شعبية وشوارع فرعية ورئيسية، غياب مكبرات الصوت عن المسيرة، أثر بشكل كبير على تنظيم الشعارات وكذا صعب مأمورية الشباب في ضبط الكم البشري الهائل الذي تدفق على المسيرة، حيث بدت الشعارات غير منسجمة وتختلف من مجموعة لأخرى وان توحدت من حيث المغزى والهدف ،شعارات وفية للنهج الفبرايري نددت بالدستور الممنوح وغلاء الأسعار وتفشي البطالة والرشوة وطابت بمحاكمة المفسدين داعية المسئولين لأخذ العبرة من نظرائهم في تونس ومصر في أقوى شعارات المسيرة "اعتبر يا حاكم شوف مبارك يحاكم ". أعلام سورية وفلسطين كانت حاضرة الى جانب نظيرتها المغربية في لفتة تضامنية مع الشعب السوري،حيث خصص جزء من الشعارات للتضامن معه في محنته القاتلة في مواجهة دموية النظام البعثي هناك "بشار سفاح أوصافي بشار خاه د القذافي". الحضور الأمني وعلى غير المعتاد كان قويا حيث انتشرت عناصر الشرطة بالزي الرسمي والمدني على طول مسار المسيرة مكتفية بالمراقبة ودون تدخل يذكر. المسيرة وبعد أربع ساعات كاملة من الاحتجاج المتواصل اختتمت بكلمة ألقاها أحد شباب الحركة ،جدد فيها عهد الشباب على مواصلة طريق النضال حتى تحقيق آخر مطلب من مطالب الحركة كما وعد بتكثيف الضغط على الشركات الأجنبية التي تتولى تدبير قطاعات حيوية بالمدينة وعلى رأسها شركة أمانديس. هسبريس طرحت سؤالا فرض نفسه بقوة في مسيرة السبت على مجموعة من الفاعلين حول السر الكامن خلف الإنزال الأمني المكثف دون أن تتدخل قوى الأمن لمنع المسيرة كما حدث أيام 6 مارس و 22/29 ماي. عبد الحميد أمين نائب رئيس الجمعية المغربية لحقوق الانسان والذي كان ضيفا على مسيرة أمس حيى بحرارة شباب 20 فبراير بمدينة طنجة واعتبر العمل النضالي بالمدينة قدوة للآخرين لعدة اعتبارات أولها " قوة المشاركة الجماهيرية في الوقفات والمسيرات" وثانيا " الوحدة والانسجام التام للحركة داخل المدينة " داعيا للحفاظ على هذه الوحدة التي اعتبرها مستهدفة بقوة من طرف "المخزن" والوقوف في وجه كافة المناورات "المخزنية" التي تتخذ أشكالا وأبعادا مختلفة باختلاف الزمان والمكان ،بما في ذلك الاستعراض "القمعي" الذي شهدناه اليوم في ساحة التغيير. محمد الموساوي الناشط بالحركة ربط الإنزال الأمني وإصرار السلطات على حرمان الشباب من ساحتهم الرمزية بشعار كانت ترفعه جماعة العدل والإحسان أيام حصار مرشدها " حصار رجل أم حصار دعوة " يقول الموساوي " ونحن اليوم نجد أنفسنا أمام واقع مماثل فأن يجهز المخزن كل هذه الإمكانيات القمعية دون استخدامها ويكتفي بحصار ساحة التغيير ويمنعنا من الدخول إليها دون أن يحرك ساكنا عندما انطلقنا بالمسيرة ،يجعلنا نتساءل عن طبيعة الحصار الذي يقصدونه ،حصار الحركة التي انطلقت في مسيرتها الاحتجاجية لتبلغ صوتها لساكنة طنجة أم حصار الرمز الممثل في ساحة التغيير ؟". خالد العسري عضو التنسيقية الداعمة لمطالب الحركة رأى في سلوك السلطات ثلاثة دوافع: أولا : "التخوف من فكرة الاعتصام داخل الساحة لسهولة تنظيم الاعتصامات في شهر رمضان، حيث مازال المخزن يعتبر الاعتصام خط أحمر" . ثانيا : "الاستمرار في احتلال ساحة التغيير سيرا على نهج سبق تدشينه منذ فترة، حيث أن الاحتلال قبل رمضان كان يتم بالشيخات والمنصات ومع غياب هذه الإمكانية في أيام الشهر الفضيل اضطر لمواصلة احتلاله بشكل أكثر سفورا وقبحا من خلال هذه الانزالات الأمنية والعسكرية المستفزة ". ثالثا :" رسالة للحركة وإنذار لها في نفس الوقت مفادها ،نحن هنا وبإمكاننا قمعكم في أي لحظة، إلا أننا لن نفعل، فكما تعاملنا بمرونة معكم دعوا أنتم بالمقابل الاحتفالات ب20 غشت تمر بسلام ودون احتجاجات "،نوع من المساومة الصامتة.