تعرض ناشطون حقوقيون وصحافيون وشبان من حركة 20 فبراير قبل يومين بالرباط، لتصرفات مهينة وحاطة بالكرامة من طرف عناصر من قوات الأمن. فبعدما كان مجموعة من نشطاء حركة 20 فبراير يهمون بتنظيم وقفة سلمية أمام البرلمان، فوجئوا بتدخل أمني عنيف استعملت فيه العصي وأنواع السب والشتم بشكل غير لائق وغير مقبول في مغرب ما بعد دستور 2011. صحيح أن القانون يخول للأمن التدخل الزجري في بعض الحالات، لكن لا يجب أن يصل الأمر إلى مستوى الإفراط في استعمال القوة. كما أن من حق المواطنين التعبير عن آرائهم بشكل سلمي عبر التظاهر وعبر أشكال احتجاجية أخرى مسموح بها بقوة القانون. وقد أفرد الدستور لهذا الأمر بنودا واضحة لا لبس فيها، وحدد المشرع شروط التدخل العنيف للأمن،وقيده بالإحترام التام لحقوق الإنسان. هل ما وقع في الرباط هو نذير بضرب مقتضيات الدستور عرض الحائط، والتراجع عن التزامات المغرب الدولية في مجال حقوق الإنسان؟ أم أن الأمر مجرد حدث معزول وليس سياسة دولة في قمع التظاهرات؟ وهل هناك جهة ما تريد أن تزيغ بالمسلسل الإصلاحي الذي اتبعه المغرب في خضم ما يعرف بالربيع الديموقراطي؟ أسئلة وأخرى تبقى مطروحة والإجابة عنها تبقى رهينة بتفعيل الحكامة الأمنية كإحدى توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة، وكإحدى ركائز العدالة الإنتقالية التي اختارها المغرب للقطع مع الإنتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان. لكن الحكامة الأمنية لا يمكن أن تتم إلا في إطار مبدأين أساسيين، الأول تكويني، والثاني زجري. فالحكامة الأمنية تستدعي أولا تكوين رجال الأمن قانونيا وحقوقيا، وتغيير أساليب التعامل القديمة القائمة على القوة، واتباع أساليب حديثة كما هو الشأن في البلدان الديموقراطية. والحكامة الأمنية تتطلب ثانيا تفعيل مبدأ عدم الإفلات من العقاب، هذا المبدأ الذي يجعل رجل الأمن يفكر أكثر من مرة قبل أن يطلق العنان للسانه بإهانة المواطنين أو التطاول عليهم بالضرب المبرح والسلوك الحاط بالكرامة. إن ما وقع في الرباط السبت الماضي غير مسموح به لأنه بكل بساطة يضرب في الصميم مقولة الإستثناء المغربي ضمن الخراب الذي تشهده منطقة جنوب المتوسط منذ سنتين. فهلا أعفيتم هذا البلد من سلوكات مجانية غير محسوبة العواقب؟