مراكش تتكلم كرة القدم. هيستيريا حقيقية اجتاحت المدينة الحمراء وازدادت حدتها قبل ليلة واحدة من مباراة المغرب ضد الجزائر. العديد من شوارع المدينة احتضنت احتفالات جماهيرية استمرت حتى الساعة الثالثة من صباح أول أمس السبت. احتفالات حضرت فيها الروح الرياضية بقوة، حيث احتفل المشجعون المغاربة والجزائريون جنبا إلى جنب رغم أن، كل طرف كان يتغنى بفريقه الوطني والنصر القادم.حمى الكرة على طول الطريق السيار الرابط بين البيضاءومراكش حضرت الأعلام المغربية بقوة. الآلاف تقاطروا صوب عاصمة النخيل منذ الساعات الأولى للصباح. الحماس تصاعد مع كل كيلومتر يقرب المشجعين من الملعب الكبير, مسرح المواجهة المغاربية الحاسمة في السباق نحو التأهل إلى نهائيات كأس إفريقيا لسنة 2012. جحافل السيارات والدراجات والمسيرات الراجلة صوب الملعب أدت إلى اختناق مروري. رغم ذلك فقد ظل الكل يتحدث بلغة واحدة تنهل من القاموس الكروي وشعارات موحدة جعلت من الانتصار مطلبا شعبيا. مطلب زكته لافتة كبيرة رفعها مشجعون مغاربة عند مدخل الملعب الكبير وكتبوا عليها بالبنط العريض «الشعب يريد ثلاث نقاط». سقف المطالب ارتفع داخل الملعب قبل أربع ساعات من موعد المواجهة. بصوت واحد صاح الجميع مرددين لدقائق عديدة «الشعب يريد ثلاثة لزيرو». نفس العبارة تردد صداها بقوة بعد دخول عناصر الفريق الوطني إلى أرضية الملعب في حدود الساعة السابعة والنصف مساء. هيستيريا الفرحة انتظرت الجماهير المغربية إلى حدود الدقيقة 22 كي تشرع في الاحتفال بعدما اكتفت في الدقائق السابقة بترديد شعارات تحميس اللاعبين. المهدي بنعطية تخلى عن دوره كمدافع وسجل الهدف الأول للنخبة المغربية. هدف جعل هيستيريا الفرحة تعم مدرجات مركب مراكش. الجماهير التي حجت من كل حدب وصوب إلى ملعب مراكش لم تقنع بهذا الهدف وشرعت في المطالبة بالمزيد. «الشعب يريد ثلاثة لزيرو... الشعب يريد ثلاثة لزيرو » ̧«هيهو مبروك علينا هاذي البداية مازال مازال » ... شعارات زادت من حماس اللاعبين المغاربة ودفعتهم للاندفاع صوب مرمى الخصم لعل وعسى أن يأتي المزيد الذي طالبت به آلاف الحناجر بإلحاح. الجماهير لم تنتظر طويلا بعد ذلك. بنعطية غادر موقعه الدفاعي مجددا. صعد في اتجاه الدفاع الجزائري ليمرر كرة فوق طبق من ذهب إلى مروان الشماخ الذي أسكنها بكل ثقة في شباك الحارس الرايس مبولحي معلنا عن استمرار الاحتفالات إلى غاية انتهاء الجولة الأولى. الثأر لهزيمة 5 لواحد يوسف حجي الذي بدا أقل من مستواه المعهود حقق ما «أراده الشعب». لاعب نانسي سجل الهدف الثالث لأسود الأطلس. غير أن الشعب طالب بالمزيد وبالضبط ب «خمسة لواحد » في إشارة إلى الرغبة في الثأر للهزيمة التي مني بها الفريق الوطني في سنة 1979. بصوت واحد ردد المشجعون المغاربة: «زيدوهم زيدوهم هاذ الشي ما يكفيهم ». رد فعل أنصار الخضر لم يتأخر كثيرا. عوض التشجيع الرياضي شرع الضيوف في رشق الجماهير المغربية بوابل من قارورات المياه والمشروبات الغازية وحتى بالشهب النارية التي تهاطلت على المنصة السفلية مما دفع الأمن إلى التحرك لوقف هذه التصرفات ومنع قيام الجمهور المغربي بالرد بالمثل غير أن رد أسامة السعيدي كان الأنسب. بطريقة فنية تسلل المهاجم الشاب الذي حل مكان عادل تاعرابت. فعل ما شاء بالمدافعين الجزائريين ليسجل الهدف الرابع الذي نزل كقطعة الثلج على المنتخب الجزائري لكنه ألهب المدرجات بفرحة عارمة. عناق بين المشجعين هتافات وتصفيقات ملأ صداها الآفاق. سلوكات صبيانية في الوقت الذي كان الشماخ قاب قوسين أو أدنى من توقيع الهدف الخامس اقتحم أحد المشاغبين أرضية الملعب ولحقه آخر قبل أن يتم إخراجهما. «فوزيت فو» هي العبارة التي رد بها غيريتس على هذا التصرف غير المبرر لمشجعين منفلتين ووجهوا بسيل من عبارات السب من طرف بقية أنصار الفريق الوطني وأيضا بعدد كبير من قنينات المياه الغازية التي انهالت عليهم من المدرجات. غيريتس أخرج أسامة السعيدي الذي كان نجم المباراة بامتياز وأقحم مكانه مبارك بوصوفة وعوض يوسف حجي الذي نال منه العياء بيوسف العربي لضخ دماء جديدة في شرايين الفريق الوطني, الذي نجح في الحفاظ على التفوق وكان قاب قوسين أو أدنى من إضافة أهداف أخرى لولا التسرع أحيانا وسوء الحظ أحيانا أخرى. احتفال مستحق ما إن أعلن الحكم الإيفواري عن انتهاء المباراة حتى التحق لاعبو احتياط النخبة الوطنية بزملائهم داخل رقعة الملعب. عناق وقفز في الهواء واحتفال وجد له صدى في المدرجات. الجماهير واكبت بدورها احتفالات اللاعبين ليرسم الجميع لوحة من الفرجة امتدت بعد ذلك إلى مختلف الشوارع والساحات الكبرى بعاصمة النخيل وفي مقدمتها ساحة جامع الفنا ومحيط مسجد الكتبية.