بحضور مسؤولين قضائيين من مكناس وتاونات ووزان وأزرو، والعديد من المستشارين والقضاة والملحقين القضائيين، وفعاليات مدنية وحقوقية، نظم المكتب الجهوي لنادي قضاة المغرب بمكناس نهاية الأسبوع المنصرم بقاعة الجلسات الكبرى بالمحكمة الابتدائية بمكناس ندوة علمية، سلطوا الضوء من خلالها على آليات تقييم العمل القضائي بالمغرب. وقد افتتحت أشغال الندوة بكلمة لرئيسة المكتب الجهوي لنادي قضاة المغرب بمكناس «حجيبة البخاري» تحدثت فيها عن أهمية الموضوع خصوصا. وتزامن الندوة مع النقاش الوطني المفتوح حول إصلاح القضاء، في أفق تنزيل المقتضيات الدستورية الجديدة في شكل قوانين تنظيمية، واستحضار الفلسفة العامة التي يجب أن تؤطر عملية التقييم من حيث المبدأ، حيث تجد أصولها في المبادئ المؤسسة لاستقلال السلطة القضائية. من جهته، أوضح «عبد الرحمان كرامي» رئيس المحكمة الابتدائية بوزان وعضو نادي قضاة المغرب خلال مداخلته حول دور المسؤول القضائي في تقييم عمل القاضي، مدى ارتباط هذا الدور باستقلالية القضاة، ومحاولات الخلط التي تحدث أحيانا بين عملية التأطير القضائي والتدخل في استقلال القضاة، مؤكدا على أن الاستقلالية تتطلب شروطا، أهمها الكفاءة والنزاهة والحياد. وأضاف «عبد الرحمان كرامي» أن المسؤول القضائي لا يحق له بتاتا تنبيه القاضي إلى أحكامه المتناقضة أو حالات خروجه عن النص القانوني، على اعتبار أن ذلك يبقى من صلاحيات المحكمة الأعلى درجة دون سواها، مع إمكانية مناقشة الحكم بعد صدوره في إطار حوار فكري، الغرض منه تصحيح الرؤى وتوحيد الاجتهاد. وحول تنقيط القضاة وسؤال الاستقلالية، استعرض «ياسين مخلي» رئيس نادي قضاة المغرب مختلف التجارب الدولية في مجال آليات تقييم العمل القضائي، قبل أن يتوقف عند التجربة المغربية، من خلال قراءة لمرسوم تنقيط القضاة الصادر بتاريخ 23 دجنبر 1975، والذي سجل من خلاله غيابا تاما لضمانات استقلال القضاة، حيث يستلزم الأمر بالأساس الاستناد على نظام ترقية يقوم على عوامل موضوعية، أهمها الكفاءة والنزاهة والخبرة والاستقلالية، وعدم استغلال هاته الآلية للتحكم في بنيات السلطة القضائية بالمغرب. وفي نفس السياق، طالب «أنس سعدون» عضو نادي قضاة المغرب بأزيلال في مداخلته بضرورة رفع السرية على نشرات تنقيط القضاة، مستدلا بمضامين الدستور الجديد، التي تكرس الحق في الوصول إلى المعلومة، وحق القضاة في الطعن في المقررات الصادرة بخصوص وضعيتهم الفردية، إلى جانب كون باقي النصوص القانونية المتعلقة بالقضاة الجاري بها العمل لا تنص على إضفاء السرية على نشرات التنقيط، حيث أن الفصل 28 من ظهير 24 فبراير 1958 يكرس حق كل موظف في الإطلاع على ورقة تنقيطه، ولم يأت النظام الأساسي لرجال القضاء بأي مقتضى صريح يحد من حق القضاة في هذا المجال. من جهته، طالب المستشار «كمال فاتح» عضو نادي قضاة المغرب باستئنافية تازة بتشجيع القضاة على رؤية أنفسهم في المرآة من خلال التقييم الذاتي، مقترحا معايير جديدة لتقييم القاضي، عوض التنقيط، والاستناد على عنصر الفعالية، ومراعاة الكم والكيف، ونسب الطعن، وإلغاء الأحكام، ونقض القرارات، مع تفعيل آلية الجمعية العامة، وعلنية تصاريح كل قاض بممتلكاته، لتشجيع النزاهة، وضمان رقابة المواطنين، وبالتالي كسب ثقتهم في الجهاز القضائي. عبد الرحمن بن دياب