في محاولة لقراءة جيوبولتيكية لمشروع مقترح الولاياتالمتحدةالأمريكية المقدم لمجلس الأمن خلال أبريل 2013 بشأن الصحراء كان لابد من وضعه في إطار السياق العام للسياسة الأمريكية تجاه المغرب. ظلت الولاياتالمتحدةالأمريكية تعتبر المغرب حليفا استراتيجيا أساسيا في منطقة المغرب العربي إبان الثنائية القطبية وحليفا استراتيجيا شريكا في منطقة الساحل والصحراء منذ مطلع القرن الواحد والعشرين، خصوصا في مواجهة الإرهاب الذي ينمو ويتطور في هذه المنطقة. من جهته ظل وما زال المغرب يعتمد على الولاياتالمتحدةالأمريكية للوقوف إلى جانبه كلما تعرض لضغط شديد من طرف دول أخرى . وفعلا كم مرة تدخلت الولاياتالمتحدةالأمريكية لحل نزاع المغرب مع بعض الدول. بخصوص قضية الصحراء، عندما اشتد الخناق على المغرب من كل الأطراف الداخلية والإقليمية والإفريقية والدولية نهاية السبعينات وقفت الولاياتالمتحدةالأمريكية بقوة إلى جانب المغرب. من ذلك تصريح وزير خارجيتها آنذاك هنري كيسنجر عندما قال : لا يمكن للإدارة الأمريكية قبول (أنغولا أخرى على الأطلنطي). وهو ما فهمه المنتظم الدولي على أنه شكل من أشكال الفيتو الأمريكي وبالتالي يجب على مختلف الأطراف تخفيف الضغط على المغرب. من ذلك كذلك موقف الولاياتالمتحدةالأمريكية سنة 2008 المساند للمغرب عندما كان مشروع بيكر ينحاز أكثر لأطروحة الجزائر إذ في 21 أبريل 2008 صرح المبعوث الخاص للأمم المتحدة بالصحراء بيتر فالسوم الذي خلف بيكر أن استقلال الصحراء ليس هدفا يجب الوصول اليه وليس هو المقصود. فصحراء غربية مستقلة ليس مطلبا واقعيا… هكذا تقف الولاياتالمتحدةالأمريكية إلى جانب المغرب في الشدة دون أن تقهره ولكن في نفس الوقت تنهره. من ذلك أن بيتر فالسوم أضاف في تصريحه السابق الذكر «أنه في غياب ضغط على المغرب لتليين موقفه فإن الوضع لن يتغير». بالمقابل تهاجمه في أوقات الفراغ إن صح القول للضغط عليه ودفعه إلى تقديم مبادرات لحل قضية الصحراء. من ذلك على سبيل المثال لا الحصر. في سنة 1995 بعد انتصارات المغرب السياسية والدبلوماسية الدولية والعسكرية بالصحراء ودخول الجزائر الحرب الاهلية وليبيا الحصار الدولي…، نجد الدبلوماسي الأمريكي فرانك رودي الذي كان يشغل منصب نائب رئيس لجنة تحديد الهوية التابعة للمينورسو، يشن حملة عنيفة ضد المغرب يتهمه فيها بالفساد الإداري والمالي وقد ساندته في ذلك المندوبة الأمريكية في الأممالمتحدة التي ذهبت إلى حد التعبير عن عدم رضا الولاياتالمتحدةالأمريكية لاسترجاع المغرب نهائيا لصحرائه. وأخيرا المقترح الأمريكي بشأن توسيع صلاحيات بعثة الأممالمتحدة بالصحراء لتشمل مراقبة حقوق الإنسان. يظهر إذا أن الولاياتالمتحدةالأمريكية تقف إلى جانب المغرب عندما يشتد عليه الحال بالمقابل تطلب منه تليين موقفه بتقديم مقترح لحل قضية الصحراء أو أن تأخذ المبادرة هي بنفسها عندما يكون في متنفس من أمره. هكذا عندما توالت الضربات على المغرب من كل الجوانب نهاية سبعينات القرن العشرين وقفت الولاياتالمتحدةالأمريكية بقوة إلى جانب المغرب (تصريحات كيسنجر) والمقابل من الجانب المغربي هو تقديم مقترح الاستفتاء التأكيدي سنة 1981. من ذلك كذلك بعد استحالة تنظيم الاستفتاء في النصف الاول من تسعينات القرن العشرين وعودة توتر العلاقات المغربية الجزائرية إثر مهاجمة فندق آسني بمراكش 1994 وتهديدات البوليساريو بالعودة إلى حمل السلاح…وقفت الولاياتالمتحدةالأمريكية إلى جانب المغرب على المستور الدولي وفي نفس الوقت نهرته بعنف سنة 1995 وهو ما دفعه إلى تقديم مقترح الحكم الذاتي بالأقاليم الجنوبية سنة 1996. من ذلك كذلك بعد استحالة تطبيق مشروع بيكر الأول والثاني الضاغط على المغرب والمتقرب من أطروحة الجزائر والبوليساريو خلال النصف الأول من القرن الواحد والعشرين وقفت الولاياتالمتحدةالأمريكية إلى جانب المغرب إذ في 21 أبريل 2008 صرح المبعوث الخاص للأمم المتحدة بالصحراء بيتر فالسوم الذي خلف بيكر «أن استقلال الصحراء ليس هدفا يجب الوصول إليه وليس هو المقصود. فصحراء غربية مستقلة ليس مطلبا واقعيا...» وهو ما يعني إقبار مشروع بيكر في نفس الوقت ممارسة ضغط على المغرب لتليين موقفه وهو ما وافق عليه المغرب بتقديمه مقترح مبادرة الحكم الذاتي لجهة الصحراء إلى الأممالمتحدة وبداية جولة من اللقاءات المباشرة بين المغرب والبوليساريو بخصوص مقترح الحكم الذاتي. بالمناسبة تم التخلي عن بيتر فالسوم نتيجة ضغوطات الجزائر وتعويضه بكريستوفر روس الذي أظهر ميولاته لأطروحة الجزائر والبوليساريو وهو ما أجبر المغرب على المطالبة برحيله وسحب الثقة منه في ماي 2012. يأتي تقرير كيري كنيدي عن حقوق الإنسان بالصحراء بداية 2013 الذي اعتمدته واشنطن لتقديم مقترح توسيع صلاحيات المينورسو للأمم المتحدة 2013 ليشمل مراقبة حقوق الإنسان بالصحراء. لماذا هذا المقترح الأمريكي في هذا الوقت بالذات؟ أي مشروع قرار لا يصدر من فراغ وهكذا عفويا بل يحضر له بناء على أرضية في إطار استراتيجية مدروسة لكسب رهانات محددة مستغلا ظرفية ملائمة و غيرها من الاعتبارات. على هذه الأسس يمكن القول إن مشروع قرار واشنطن كان مشروعا مدروسا ومخططا له. بالنسبة للمغرب هل أتاه مشروع القرار مفاجئا أم كان على علم به أو كان ينتظر شيئا من هذا القبيل ومن طرف من خصوصا وأنه يعرف جيدا أن شهر أبريل من كل سنة تناقش فيه قضية الصحراء بالأممالمتحدة ويجب العمل بجد طيلة السنة على مراقبة كل المستجدات والتأهب لكل الاحتمالات. لا يمكن الإجابة عن هذه الأسئلة ومثيلاتها ولكن يمكن الإدلاء ببعض المستجدات التي طرأت في السنوات الاخيرة على أساسها يمكن توقع ما يمكن أن يحدث ويجب التصدي له في المهد وإن لم يكن ممكنا التحضير لمواجهته. من بين هذه المستجدات يمكن ذكر: تزايد الاحتجاجات بالصحراء مند2009 . بداية بأزمة أميناتو حيضر مرورا بأحداث العيون 2010 وإلى الآن واتهام المغرب بخرق حقوق الإنسان بالصحراء. توقف لقاءات منهاست سنة 2012 دون إحراز أي تقدم. تقرير كيري كيندي التي تترأس مركزا جد مؤثر في السياسة الأمريكية ترصد فيه انتهاكات حقوق الإنسان بالصحراء علما بأنها تشكل لوبيا قويا مواليا للجزائر والبوليساريو. تقرير منظمة العفو الدولية لهذه السنة يؤكد انتهاكات حقوق الإنسان بل لأول مرة يأتي تقرير كتابة الدولة الأمريكية بشأن حقوق الإنسان في جزئه الخاص بالمغرب ويفصل بين المغرب والصحراء (قبل ذلك كانت التقارير تهم المغرب بكامله دون فصل الصحراء). في ماي 2012 يسحب المغرب الثقة من مبعوث الأممالمتحدة بالصحراء كريستوفر روس وتتدخل ادارة واشنطن للإبقاء عليه. من جهة لأن روس يميل لأطروحة الجزائر ومن جهة اخرى لم تبق هيلاري كلينتن بالخارجية الأمريكية وهي صديقة المغرب والمدافعة عنه.