سياسي وأكاديمي ودبلوماسي. ثلاثة من أصدقاء السوسيولوجي محمد جسوس تقدموا بشهادتهم أمس أمام حوالي 400 من بقية أصدقائه بالمركب الثقافي أكدال بالرباط. بعد كلمات طويلة في حق سمحمد كما يسميه الجميع، خلصوا جميعا إلى صعوبة اختزال مسار المناضل السياسي والباحث الأكاديمي وجسوس الإنسان. الاتحادي محمد الأشعري والأستاذ الجامعي كمال عبد اللطيف والدبلوماسي الفلسطيني السابق واصف منصور، ثلاثتهم تناولوا حياة جسوس من جوانبها الثلاثة في السياسة والجامعة وفي الحياة. اللقاء نظمه مساء يوم الاثنين 17 يونيو ثلة من أصدقاء جسوس ممن سماهم واصف منصور بخلية «ليالي الخميس» وهم مجموعة من الأصدقاء الذين دأبوا طوال أزيد من ثلاثين سنة على اللقاء كل ليلة خميس في بيت أحد أفراد الجماعة. وقبل الشهادات الثلاث المفعمة بالمشاعر، تم عرض شريط وثائقي تناول حياة السوسيولوجي الكبير ومسار تكوينه الأكاديمي انطلاقا من المغرب، ثم حيث حصل على شهادات جامعية من كندا والولايات المتحدةالأمريكية مرورا بانخراطه السياسي في صفوف الاتحاد الاشتراكي ونضاله الأكاديمي بجامعة محمد الخامس. الشريط تضمن أيضا شهادتين مؤثرتين لصديقيه فتح الله ولعلو وعبد اللطيف جبرو تناولتا الجانب الإنساني والعلمي والسياسي لجسوس. ولد محمد جسوس، بفاس سنة 1938، حصل على شهادة الدكتوراه في علم الاجتماع من جامعة برنستون بالولايات المتحدة سنة 1968، والتحق بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط أستاذا لعلم الاجتماع سنة 1969، وعين أستاذا مدى الحياة لعلم الاجتماع بجامعة محمد الخامس سنة 2004. أثر الكلمات الملقاة في تكريمه بدا جليا على سمحمد الذي كان يخرج بين الفينة والأخرى منديلا بنيا ليمسح دموعا تنهمر تأثرا بشهادات رفاقه وأصدقائه. محمد الأشعري الذي تعرف على جسوس خلال السبعينيات في لقاء نقابي، قال إن الرجل تمكن من إقامة ربط محكم بين التأطير التربوي في الجامعة والتأطير السياسي في الحزب، كما أن أبحاثه كانت مدخلا مهما لممارسة السياسة بشكل مختلف وبطريقة تحترم ذكاء الناس، كما أنه ظل دائما يعتبر أن على الحزب أن يرتبط بالقضايا الكبرى التي لا تنازل ولا مساومة فيها. في الجامعة ظل جسوس وفيا لنهجه العلمي والأخلاقي، وقد دفعه عسر البدايات حسب شهادة كمال عبد اللطيف إلى تحدي صعوبات البحث الاجتماعي. تألق أكاديميا وظل يتمتع بالكثير من الحضور الفاعل والمنتج في دروسه وتأطيره للباحثين، وهو ما جعل العديد من الطلبة والأصدقاء يطلقون على بيته الزاوية لأن مكتبته كانت مزارا لكل الباحثين ومفتوحة في وجه الطلبة الجامعيين. الفلسطيني واصف منصور، لم يأت فقط احتفاء بصديقه ولكن جاء يلومه أيضا ويطلب نشر أبحاثه ودراسته، وهو بذلك يرد «الصرف» لصديقه الذي لم يكن بدوره يتوقف عن لومه حد التقريع ويحثه على إنجاز أطروحة الدكتوراه. تحدث واصف عن جسوس الإنسان والمناضل الوفي لأصدقائه والمحب للمرح الذي يطلب من أصدقائه باستمرار أن يحكوا له ما يفرح النفس ويزيل الغم. كل الشهادات لم تستطع اختزال حياة جسوس الأكاديمية التي وظفت النظريات السوسيولوجية للدفع بعجلة التغيير في المجتمع المغربي، ولم تستطع أن تلم بكل حياة جسوس السياسية التي قامت على المبادىء والأخلاق دون أن تجري طلبا للمناصب. كما بدأت الأمسية بطرب الآلة انتهت على ألحانها وهي الموسيقى التي يحبها جسوس ويردد مع منشديها كلما التأم جمع الأصدقاء في ليلة من ليالي النقاش السياسي والعلمي ولعب الورق. محمد أبويهدة