حاول عبد الاله ابن كيران وهو يقف يوم الجمعة الماضي في مجلس النواب، أن يظهر للمغاربة في صورة رئيس حكومة يتحكم في قيادة السلطة التنفيذية. تظاهر بأنه غير متأثر بغياب المعارضة التي قاطعت جلسة مساءلته الشهرية. تحلى بكثير من العناد أمام الأزمة الحكومية التي طالت. واصل تقديم نفسه للمغاربة على أساس أنه ضحية «المؤامرات» التي تعمل على عرقلة برنامجه الإصلاحي. حاول الظهور بمظهر الصامد أمام تلك المؤامرات، فكرر أن«الحكومة ستواصل الإصلاح رغم تشويش المشوشين». بدا كأنه متأكد من حفاظه على شعبيته، وأنه قادر، بفضلها، على كسب الانتخابات المقبلة، سواء كانت سابقة لآوانها، أو انتظرت وقتها القانوني. إنها صورة خادعة، لا تعبر عن حقيقة الوضعية التي يتخبط فيها رئيس الحكومة. عمليا، أصبح عبد الاله ابن كيران قائدا لأقلية سياسية. فحزب الاستقلال تحول، خلال هذه الجلسة، إلى معارض سياسي رغم استمرار وزرائه في شغل مناصبهم داخل الحكومة. أحزاب المعارضة بلغت أوج صراعها معه، وترجمت ذلك في مقاطعته مقاطعة جماعية. غير لائق برئيس الحكومة أن يظل غير مكترث بعمق الأزمة التي تجتازها حكومته، كما لا يليق به أن يستمر في إلقاء اللوم على «المشوشين» و«العفاريت والتماسيح». لقد اقترب من نصف ولايته، ولم يستطع التحكم في أغلبيته. تعامل مع ما تعيشه حكومته بأسلوب لم يزد سوى في تعميق أزمتها. في نفس الوقت لا يحق له التباهي بأي حصيلة مشرفة. لم تحافظ حكومته، حتى، على شعلة الأمل التي أوقدها الدستور الجديد. . الجديد في عهد عبدالاله ابن كيران هو نجاح الخطاب السياسي في خلق الفرجة؛ فرجة محكومة بأن تفقد جاذبيتها مع مرور الأيام، لما يدرك الرأي العام أنها ليست بديلا عن العمل الجدي والملموس. هل يفطن أعضاء حزب العدالة والتنمية وزعيمه، يوما، إلى أنهم مسؤولون عن فشل أو نجاح مرحلة ما بعد دستور 2011؟ هل يراجعون، انطلاقا من هذا الإحساس، ما ينبغي مراجته في طريقة تدبيرهم لشؤون البلاد؟ أم تراهم يظلون ينتشون بشعبية، حقيقية أو مفترضة، ويعتقدون أنها دائمة، فيتشبثون بالنهج الحالي ما داموا ماسكين برئاسة الحكومة؟ لا يمكن الإجابة عن هذه الأسئلة نيابة عن ابن كيران وحزبه.