مضت عشر سنوات على التفجيرات الارهابية التي ضربت خمسة مواقع وسط مدينة الدارالبيضاء. عقب التفجيرات وضع المغاربة اختلافاتهم وتناقضاتهم جانبا وخرجوا في مسيرة حاشدة للتنديد بالارهاب الأعمى الذي كنا نعتقد أننا في منأى عنه لتسامحنا وانفتاحنا واعتناقنا إسلام الرحمة. المصالح الأمنية ضربت بقوة، لكن الخلايا الارهابية تناسلت بشكل سرطاني، وعوض أن تستمر المسيرة المجتمعية والإنسانية التي دشنها المغاربة ضد الارهاب تراجعت إلى الخلف، لتتصاعد بشكل قوي أصوات دعاة الحقد والكراهية لتبشر بعهد جديد من التطرف عوض الاعتدال، والفظاظة عوض الرحمة، والظلام عوض التنوير. على المستوى الاجتماعي لم تتقدم كثيرا الخطوات المهمة التي انطلقت عقب 16 ماي. المشاريع التي رصدت كي تشكل مناعة لسكان دور الصفيح والبناء العشوائي المهمشين والمقصيين لم تنجز كلها بنجاح وطال بعضها اختلالات وخروقات. وعوض أن يتوقف العبث استمرت الممارسات غير القانونية التي تشكل أساس انتشار البناء العشوائي وتسمح للكريانات بالمزيد من الامتداد، لتنشىء جيلا جديدا من المهمشين وتوسع دائرة الهشاشة التي تشكل تربة خصبة للاستقطاب والتأطير الارهابي. كما توقفت مسيرة المجتمع ضد الارهاب في منتصف الطريق، توقفت أيضا مسيرة الدولة باستثناء العمل الذي تقوم به مصالح الأمن الذي تطور بدور مع تطور الخلايا الارهابية، وهو تطور لا تفرضه فقط السرعة والكفاءة ولكن أيضا أصبح واجبا كي يتماشى مع احترام حقوق الانسان كيفما كانت التهم الموجهة للأشخاص المشبوهين الموضوعين رهن التحقيق. على المجتمع والدولة أن يستأنفا هذه المسيرة من أجل استقرار وأمن الوطن خاصة في ظل الظروف الحالية التي بدأ فيها التطرف يأخذ أشكالا مختلفة تطوق المواطن في غياب فقهاء وعلماء متنورين يخمدون نار هذه الفتنة.