«مي خدوج في آخر أيامها دخلات الحبس». عبارة أصبحت مقدمة لحديث الساعة بين سكان المشروع بالحي المحمدي بالدار البيضاء. بطلة هذا الموضوع «الساخن» امرأة مسنة في 82 من عمرها، وجدت نفسها وهي في أرذل العمر بين ناري الطرد من مسكنها أو الاعتقال والمحاكمة ثم السجن. هذه الأرملة واحدة من السكان المؤقتين بما يعرف ب«مشروع الحسن الثاني»، الذي رحل إليه قبل سنين طويلة عدد من قاطني «كاريان سنطرال» في إطار برنامج لإعادة الإسكان، تكلفت به الشركة العقارية «كوجيبا». مجموعة من الأسر تم منحها شققا على سبيل الإقامة المؤقتة إلى حين استفادتها من سكن قار. الشقق المؤقتة تحولت بعد إخلاف الشركة العقارية لالتزاماتها إلى سكن قار لحوالى 14 أسرة، منها عائلة الإدريسي، التي صدر ضدها مثل باقي الحالات الأخرى قرارا بالإفراغ. ظل العون القضائي المرفوق بالقوات العمومية يتردد على العناوين المعنية من أجل تنفيذ حكم المحكمة. الأسر المهددة بالتشرد واجهت هذه القرارات بالاحتجاج ورفع شكاويها إلى السلطات المحلية من خلال تنسيقية السكان المؤقتين بمشروع الحسن الثاني. هذا المد والجزر وصل صداها إلى عمالة عين السبع الحي المحمدي، ليتم اللقاء بين ممثلي السكان والمسؤولين الترابيين توج بمحضر إتفاق يوم 7 دجنبر 2012. ومن أهم بنوده هذا الاتفاق القيام بإلتماسات تقضي بتأجيل تنفيذ الأحكام وحل هذه الوضعية بشكل جذري من خلال استفادة الأسر المؤقتة من إعادة الإسكان أسوة بقاطني كاريان سنطرال المرحلين إلى بقع أرضية بالهراويين. اتفاق التنسيقية والعمالة لم يصمد أمام إصرار الجهات المشتكية بتنفيذ قرارات الإفراغ ضد الأسر المؤقتة، التي من بينهما عائلة الإدريسي المتوفى قبل عدة شهور، حيث أصبحت أرملته «مي خدوج» وابنته عرضة لكابوس الإفراغ من شقتهما، بالإضافة إلى استدعاءهما برفقة منسق المجموعة عباس العباسي من طرف المصالح الأمنية بالحي المحمدي عين السبع، ومثولهم أمام وكيل الملك بالمحكمة الابتدائية عين السبع، كان آخر قضاء هذه المرأة المسنة والمريضة لساعات طويلة تحت الحراسة النظرية إلى أن تم إطلاق سراحها في ساعة متأخرة من ليلة الثلاثاء الماضي رأفة بشيخوختها. وفي اتصال هاتفي للجريدة ب«سعيد عتيق» رئيس جمعية الشهاب، التي تتابع ملف السكان المؤقتين بمشروع الحسن الثاني، أوضح أن قضية حوالي 12 أسرة مهددة بالإفراغ، أصبحت في ملعب السلطات المحلية والترابية بعمالة الحي المحمدي عين السبع، التي وقعت اتفاقا بتوقيف تنفيذ قرارات الإفراغ، لكن واقع الترهيب مازال ساريا من خلال استدعاء الشرطة لأفراد بعض الأسر ووضعهم رهن الاعتقال، منهم «مي خدوج»، التي تمثل نموذجا لحالة إنسانية تحتاج إلى الرأفة. وأضاف الفاعل الجمعوي أن السكان والمتعاطفين معهم كونوا لجنة للدعم والمساندة من أجل طلب مآزرة الجهات الحقوقية والجموعية، حيث من المنتظر عودة الأسرة المهددة بقرارات الإفراغ إلى الاحتجاج والاعتصام للوصول إلى حل نهائي ينهي محنتها وينصفها. سعيد لقلش