مازال إناء الفوضى الذي يسيج المحطة الطرقية بباب دكالة بمراكش، يرشح بالمزيد من الأحداث المثيرة،ويكشف عن قانون”الحاكم بأمره” الذي تفرضه قبيلة “الكورتية” وجماعة المتطفلين، والذين حولوا مجمل فضاءات هذا المرفق،إلى مملكة خاصة دون رادع أو وازع. سيوف السطوة امتدت هذه المرة،إلىأعناق بعض رجال الأمن الذين تم انتدابهم للسهر على تصريف شؤون المحطة، وإحاطتها بالأمن والأمان. صبيحة أول أمس فوجىء المسافرون والرواد، بمشاهد معركة من نوع خاص، لا تخلو من سريالية ظاهرة، حين تحولوا بغير إرادة ولا رغبة منهم،إلى جمهور متفرج وشاهد على معركة حامية الوطيس،بين أحد الوجوه المعروفة في صفوف”الكورتية” وشرطي بزيه الرسمي. ارتفاع حمأة المعركة، جعل طرفيها يسقطان على الأرض، وكل منهما يشد بخناق غريمه، فيما رجل الأمن يجاهد لاتقاء وضع لكمات قوية، كانت تسدد لأنحاء مختلفة من وجهه،دون أن يفلح في صد جميع الضربات المركزة، التي ارتسمت عناوينها العريضة على تقاسيم وجهه. بعد طول مبارزة كاد خلالها الأمني أن “يعض حمارو”، ويلقي بالمنديل الأبيض علامة الاستسلام تحت وقع الضربات القوية لخصمه، حلت أخيرا سيارة أمن مهترئة، وعملت عناصرها على نقل الطرفين صوب مقر الدائرة السابعة للأمن الوطني. وحتى تمتد مساحة العبث، سينتقل بعض رفاق وأصدقاء”الكورتي” إلى مقر الدائرة، ويشرعون في لعب دور”وساطة الخير” والدفع في اتجاه”عفا الله عما سلف” والاحتكام لمنطق “مريضنا ماعنذو باس”. شهود عيان أكدوا للجريدة،بأن تفاصيل الاعتداء انطلقت،حين حاول سائق حافلة للركاب مغادرة المحطة، قبل أن يقف “الكورتي” في طريقه،ويعمل على منعه من مواصلة السير في إطار مبدأ”اللي قلتها،هي اللي تكون”. شنآن جعل هيكل الحافلة يسد منافذ بوابة الخروج، ويربك حركية السير والجولان، ما جعل الشرطي يتدخل لوقف مشاهد العبث، وتحرير بوابة المحطة عبر إفساح المجال أمام السائق لمغادرة المكان. تدخل لم يرق “للكورتي”الذي قرر” باش يوري حنت يديه”، للشرطي،قانون ويدخله”سوق راسو”، ومن ثمة اندلاع فصول”الدق والتشنديغ”، في مشهد مثير أثار استنكار واحتجاج جمهرة المواطنين. استمرار نزيف الفوضى، وهيمنت سطوة “الكورتية” الذين لا يترددون في فرض قوانينهم الخاصة، تحت طائلة استعمال العنف في حق كل من سولت له نفسه التمرد على هذا الواقع، وهو ماكشفت عنه المواجهات الأخيرة التي استعملت فيها مختلف أنواع الأسلحة البيضاء والعصي الكهربائية، تأتي في سياق إصرار بعض الجهات المسؤولة بالمدينة على ترك حبل الفوضى على راتق كل من هب ودب. حقيقة يكشف عنها الإصرار على تحييد الباب الرئيسي للمحطة، الذي يؤدي مباشرة إلى أكشاك بيع تذاكر الركوب، وحشر مجمل أنواع سيارات الأجرة بالباب الخلفي الخاص بخروج الحافلات، مع ما يعنيه الأمر من تسيد مظاهر الاختناق الطرقي،وترك المسافرين لقمة سائغة في يد “الكورتية”،بعيدا عن الفضاء المخصص للاكشاك داخل المحطة. تصويت أعضاء المجلس الجماعي بالإجماع ،على تحويل محطة وقوف سيارات الأجرة إلى مكانها الأصلي أمام المدخل الرئيسي،ومصادقة لجنة مختلطة على القرار، على أساس أن تتكفل إدارة المحطة بمجمل نفقات المشروع، ظلت مجرد فقاعات في الهواء أمام رفض مسؤولى الولاية التوقيع على القرار، لأسباب وحده الله والعاملون عليه يعلمون خباياها وأسرارها. جهات متطلعة على واقع الحال، أرجعت الأمر إلى تواطؤ مكشوف مع بعض شركات النقل الحضري،التي ترغب بالاستمرار في الاستئثار بالمدخل المذكور،بعيدا عن مضايقات ومنافسات سيارات الأجرة، ومن ثمة ركوب المسؤولين المعنيين سياسة إبقاء دار لقمان على حالها، بعيدا عن أي تنظيم عقلاني من شأنه وضع حد لتلاوين الفوضى ومشاهد العبث. إسماعيل احريملة