التكتم الشديد، والسرية التامة التي سيجت بها مختلف الجهات المسؤولة، واقعة العثور على دفينة بمنزل قديم بالمدينة العتيقة بمراكش، زادت في إذكاء مساحة الغموض والالتباس التي أحاطت بتفاصيل القضية. كان عمال تابعون للإنعاش الوطني، منكبين على هدم جدارات منزل متهالك، بدرب تدغى بحي باب دكالة، الذي صدر فيه قرار بالهدم تحت ضغط شكايات السكان، منذ أن عملت على اقتنائه سيدة أجنبية، وتركته عرضة لعوادي التصدعات والتشققات. فجأة سرى الخبر مسرى النار في الهشيم، وتسابق السكان لمعاينة آثار حفرة عميقة تتوسط المنزل، مع تناقل خبر استخراج صندوق قديم ، عثر عليه بالصدفة أثناء عملية الحفر، ونقله إلى وجهة مجهولة، ما جعل الألسنة تتحدث عن” كنز دفين”. قائد المنطقة الذي بلغته الأخبار” لم يكذب في عيطة”، وبادر بإخبار رؤسائه بمصالح ولاية الجهة، ليتحول المكان بعدها إلى خلية نحل، تعج بعناصر مختلف المصالح الأمنية والسلطات المحلية، وكل ما لايخطر على البال من أجهزة وإدارات عمومية. شرع في التدقيق في محيط الحفرة، وأخضع عمال الإنعاش لتحقيقات ماراطونية، دون أن تتسرب أية معلومة عن طبيعة الشيء الذي عثر عليه. الاتصال ببعض الجهات المسؤولة بالمدينة، لاستفسارها عن جلية الخبر، لم يزد سوى في إذكاء مساحة الغموض، حين تم التأكيد على أن القائد المعني” زرب ” في نقل الخبر، وأن لاشيء ذي قيمة قد تم اكتشافه بعد سلسة التحقيقات والتحريات، وبالتالي إدخال العملية برمتها خانة الإشاعة” وتخريفات راديو المدينة”. جواب لم يفسر عمق الحفرة المتخلفة وسط المنزل، التي تمت المسارعة بردمها من جديد،ولا أسباب نزول حالة الاستنفار القصوى لمختلف المصالح والأجهزة التي عرفها الموقع، حين ذيوع الخبر، لتبقى العملية محاطة بعلامات استفهام محيرة، وتبقى معها ساكنة المدينة تتناقل أحاديث العثور على “كنز ثمين بدرب تدغى”. إسماعيل احريملة تصوير:عبد النبي الوراق