من منا لم يحب تونس الخضرا ؟ زارها عبر الخيال أوعبر الطائرة ؟ من منا لم يحب أرض الزيتون عبر أشعار الشاعر الجميل والرقيق أبو القاسم الشابي صاحب إرادة الحياة، إذا الشعب يوما أراد الحياة فلا بد أن يستجيب القدر ولا بد لليل أن ينجلي ولابد للقيد أن ينكسر ، البيتان المتضمنان في النشيد الوطني التونسي. من منا لم يحب تونس في الأغاني الجميلة : بساط الريح لفريد الأطرش : « تونس أيا خضرة يا حارقة الأكباد و غزلانك البيضة تصعب على الصياد، غزلانك في المرسى ولافي حلق الواد، على الشطوط تعوم» من منا لم يعشقها في الأغاني الشهيرة : أغنية « ياجاري ياحمودة … للمطرب الراحل أحمد حمزة وقطعته الأخرى التي لا تقل شهرة عن الأولى ونعني بها «شهلولة » : «شهلولة ، لكن قتالة وحنينة تكوي الرجالة ، صيادة حليلي ما ترحم تكتل بالعين الدبالة . شهلولة لكن قتالة صيادة تجرح ماتداوي ، تخلي العاشق دمع ساري » و الأغنية الشعبية المشهورة تونسيا وعربيا «سيدي منصور » : الله الله يابابا سيدي منصور يابابا . من منا لم يعشق الصوت الجبار لذكرى وأغاني لطيفة … من منا لم يستمتع بالسينما التونسية ونجومها القدامى والجدد و من منا لم يعجب يوما بنجوم الكرة التونسية . طارق دياب ، نبيل معلول ، فوزي الرويسي ، ليمام، الزبير بيا، شكري الواعر وقبله الحارس الأسطورة عتوكة ، زياد الجزيري ، والنجم الصاعد حاليا يوسف المساكني … من منا لم يحب الهريسة والتمر التونسي ( الدكلة )، من منا من عشاق الأدب لم يسحر ب«عشاق بية» و«نساء البساتين » للحبيب السالمي الذي يكتب بلغة غير مسبوقة في الأدب العربي، من منا ومن سكان هذا الوطن الذي يسمى عربيا وحتى في الذي يسمى غربا لم يستهوه النمودج التونسي مع المجاهد الأكبر الحبيب بورقيبة وحتى مع الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي الذي كان يقدمه السياسيون والاقتصاديون كنموذج للنجاح في المنطقة وخارجها . من منا لم يكن يعلن تضامنه اللامشروط مع أسماء كانت تصرخ بكل قوتها تنديدا بالقمع في أيام الرئيس المخلوع : المعارض السابق والرئيس الحالي منصف المرزوقي والصحافي توفيق بن بريك وزميله حمة الهمامي ورموز أخرى في السياسة والإعلام، ولم يستثن من هذا حتى راشد الغنوشي المفكر والفيلسوف زعيم حركة النهضة الذي كان يقدم كوجه معتدل ومختلف للإسلام السياسي الآتي من الشرق . من منا لم يهرم مع الشعب التونسي حتى تلك اللحظة التاريخية عندما أشعل البوعزيزي النار في جسده وأشعل معه ثورة الياسمين ، من منا لم يكن يتمنى أن يظل الياسمين في بهائه وأريجه ويزهر كل عام … من منا اليوم لا يضع يده على قلبه خوفا على سرقة أو اغتيال هذه الثورة وتشويه وجهها الجميل بشفرات وسكاكين ورصاص غادر ، من منا لا يخاف أن يصبح هذا البلد الجميل التواق أهله إلى الحرية والعيش الجميل إلى سجن من الخوف ومن كبت الرغبة في الانطلاق تحت أي مسمى . لكن رغم الخوف، من منالا يغلب التفاؤل على التشاؤم في قدرة التوانسة على تجاوز هذه المرحلة الصعبة إلى مرحلة أكثر ياسامينا فنيش في ألمانيا استقالت وزيرة التربية والتعليم والبحث العلمي لاتهامها بالسرقة الأدبية في البحث الذي نالت به درجة الدكتوراه وقبلها استقال وزير الدفاع في البلد نفسه للسبب ذاته ، كم في الوطن العربي وفي المغرب من البحوث المسروقة والمنقولة وكم من الدكاترة المزورين وكم … وكم … واحد جوج ثلاثة ….