الاتحاد الاشتراكي نحو مزيد من النزيف. هكذا لم يعد الأمر يقتصر على الأسماء التاريخية والوازنة التي فضلت الابتعاد عن أجهزة الحزب، ولا التي قررت مقاطعة انتخابات المكتب السياسي، بل إنه باستقالة القيادي والوزير السابق أحمد رضا الشامي، من هذا الأخير، ينحو بالأمور نحو آفاق مجهولة، وسط حديث عن تفكير أعضاء آخرين مغادرة المكتب السياسي الحالي بل والابتعاد كليا عن الحزب، في خطوة للطعن في «شرعية الأجهزة» المنبثقة عن المؤتمر الأخير كما اعترف بذلك عبد الوحد الراضي الكاتب الأول السابق بعظمة لسانه في رسالة الوداع أن انتخابات اللجنة الإدارية عرفت عمليات «غش». نفس المبرر سيعتمده أحمد رضا الشامي في رسالة الاستقالة إلى إدريس لشكر. فبالنسبة للشامي، الذي تراجع عن قرار مقاطعة انتخابات المكتب السياسي تحت وطأة الشحن العاطفي لخطبة الراضي، سيكتشف أنه تمت«مصادرة حق الاتحاديات والاتحاديين في اختيار أجهزتهم التقريرية والتنفيذية وفقا للديمقراطية الداخلية التي طالما ناضلوا من أجلها، إذ كانت كل الآمال معقودة على المؤتمر التاسع ليكون فاصلا بين عهدين، لكن، ومع كل الأسف، نفاجأ مجددا باستهداف مجموعة من المناضلات والمناضلين البارزين » يبرر الشامي، مؤكدا أن صدق إدريس لشكر عندما صرح أنه سيلتزم بإقامة «شراكة حقيقية» مع أصحاب وجهات النظر المختلفة، لكن تبين له في الأخير، أن الأمر لم يكن مجرد وعود سرعان ما تبخرت، بعدما عاين كيف تم سلك طريق ممنهج لإبعاد النخب والأطر التي تساير الكاتب الأول الجديد. فهذا المسلك يتنافى مع قيم الحداثة والديمقراطية، التي تربى عليها الاتحاديون، الذين ناضلوا لعقود من أجل تكريسها بالمغرب والتي بوأت الحزب مكانة طلائعية في المشهد السياسي الوطني، تفصح استقالة الشامي، متأسفة في نفس الوقت للاتحاديينن والاتحاديات التي وضعت فيه ثقتها ليكون ضمن أعضاء المكتب السياسي، لكن أمام ماوقع خلال المحطات المختلفة للمؤتمر، لايمكن معه الاستمرار في هذا السيناريو وذلك احتراما للمبادئ والأخلاق التي نشأ عليها الاتحاديون، والمتسمة بتدبير الاختلاف بعيدا عن الإقصاء. فهو سيناريو لايجد نفسه فيه ولايريد كذلك تحمل تبعاته، يشير الشامي أن وراء استقالته كذلك «رغبته في فسح المجال أمام الإخوة في المكتب السياسي الحالي لاستنزال مشروعهم التنظيمي والسياسي بما ينسجم مع الاختيار الذي وضعكم على رأس أعلى هيئة تنفيذية في الحزب» كما تقول الرسالة، في خطوة لإبراء الذمة من كل قرار أو إجراء قد يتخذه المكتب السياسي بهذه الاستقالة، يفتح رضا الشامي، الأبواب نحو مزيد من الاستقالات، كما تتوقع ذلك مصادر مطلعة على البيت الاتحادي، مضيفة أن ذلك سيخلق متاعب كبيرة لإدريس لشكر، فليس هناك ما يمنع أن ينضاف هؤلاء إلى الأسماء الغاضبة والتي قد يمتد تأثيرها إلى الكثير من الاتحاديين والاتحاديات في مختلف جهات المملكة، كما أنها قد تتجمع في «تكتل» بإمكانه قلب الطاولة على الكاتب الأول الجديد. «الأحداث المغربية» حملت هذا السيناريو إلى عبد الهادي خيرات، أحد الذين طلبوا التشطيب عن أسمائهم من لائحة الترشح لعضوية المكتب السياسي، لكنه رفض التعليق، مكتفيا بالقول أنه لايريد إبداء أي رد فعلي «فردي» حول كل ما وقع بالمؤتمر، وذلك في انتظار «بلورة» موقف جماعي لكل الاتحاديات والاتحاديين عبر الجهات، حيث ساعتها يمكن الحديث عما يمكن فعله من أجل إعادة الاتحاد إلى الطريق الصحيح. انتهى كلام خيرات إلى إشعار آخر.