ليلة استثنائية بكل المقاييس. طوال ساعات من التهاطلات المطرية. السيول القوية تغرق جزءا من حي المسيرة الصفيحي بشارع المقاومة بالمحمدية. المياه غمرت وبسرعة الأزقة المتربة والدور القصديرية. انقطع التيار ثم احتراق ل«بوسط » كهربائى بالقرب من مؤسسة تعليمية. ذعر وارتباك. ركض في كل الاتجاهات. في ظلمة ليلة الثلاثاء الماضي كانت تسمع من حين لآخر عبارات متقطعة.. « عنداك خرج الدراري الصغار والعيالات هوما اللولين.. عاد الحوايج» . شبان الحي ورجاله حملوا الفؤوس والمعاول يريدون شق الطرق الضيقة قصد تصريف المياه. سارعوا بعد ذلك إلى إنقاذ الآثاث والأغراض الخفيفة إلى الخارج. « هناك مايزيد عن خمسين براكة، غمرتها المياه، وقاطنوها يعانون الأمرين للحيولة دون تفاقم الوضع.. » يقول شاب كان من بين المنقذين. سيناريو الفيضانات بهذا التجمع تتكرر مأساته سنويا. كانت مشاهد أسر بكاملها في العراء عالقة في أذهان المتضررين. تشرد وتأجيل للحلول « رغم وقوف السلطات المحلية على محنتنا، إلا أن تدخلها لايتجاوز صرف المياه. تقديم بعض المساعدات لتعود الأمور بعدها إلى وضعها السابق..» يعلق قاطن آخر، بينما كان يهم بحمل « سداري » من داحل براكة إلى مكان آمن يبعد عن المياه الموحلة. غير بعيد عن حي المسيرة، كان سكان أقدم تجمع صفيحي بالمدينة، يحتجون بدورهم. الأمطار أجبرتهم على الخروج إلى الشارع في تلك الليلة الماطرة. سكان الشانطي الجديد صرخوا غضبا. رددوا شعارات، بعضهم صرح قائلا « نحن عائلات منكوبة منذ أربعة عقود، للأسف، لا أحد يهتم بمعاناتنا، ومحنتنا اليومية». آخرون تأففوا من تكرار الوعود التي تقدم إليهم « المسؤولين كيبانوا غير فالانتخابات وكيغبروا فالمصايب..» . هل ستعجل الأمطار بترحيلنا ؟ سؤال تردد بقوة في اليوم الموالي بين القاطنين في دور الصفيح بمدينة الزهور. استفهام ظل عالقا أمام تعثر برامج الإسكان بالمدينة والبطء في تفعيلها والتسريع بالترحيل «لقد تقدمنا بعدة مراسلات إلى العاملة الجديدة، بخصوص مواعيد ترحيلنا إلى حي الفتح 1 و 2، إلا أن المسؤولة مازالت ترفض استقبالنا » يصرح أحد أعضاء لجنة الحوار الممثلة للسكان، قبل أن يستطرد قائلا « أخبرونا بأن الترحيل سيتم في شهر شتنبر الماضي لكن لاشيء من ذلك قد تم ». بعد ساعات من تصريف المياه، تدخلت عناصر الوقاية المدنية للإنقاذ والمساعدة. الذعر والقلق كانا مازالا يخيمان على الوجوه. القاطنون بكل من حي المسيرة، والشانطي الجديد، يضعون أيديهم على قلوبهم. رددوا اللطيف وهم يترقبون ما قد تحمله السماء من « مفاجآة»، خاصة أن موسم التساقطات في بدايته. بعضهم لم يتردد في التعبير عن غضبه، وقال بيأس « واش هاد الناس بغاونا حتى نغرقوا عاد ايتحركوا