عبد الرحمان العزوزي الكاتب العام للفيدرالية الديموقراطية للشغل الحكومة بعيون سياسيين ونقابيين في الوقت الذي يعتبر فيه قرار الحكومة الزيادة في أسعار المحروقات خاطئا لتداعياته على القدرة الشرائية للمواطنين. حاوره: رضوان البلدي/ت.القراشي «الحكومة بطيئة في التعامل مع القضايا ذات الأولوية» أولا ، ماهو تقييمكم لأداء حكومة عبدالإله بن كيران من الناحية السياسية؟ يجب الإشارة أولا إلى أن الحكومة الحالية، التي يقودها حزب العدالة والتنمية، هي حكومة جاءت بعد الحراك الاجتماعي والسياسي الذي عرفته بلادنا في سنة 2011، وما ترتب عن هذا الحراك من إقرار دستور جديد بصلاحيات واسعة في تدبير السياسات العمومية، لكن الملاحظ، هو أنه وبعد مرور أزيد من تسعة أشهر على تنصيبها، هو البطء في التعامل مع القضايا ذات الأولوية، ويأتي على قائمة هذه القضايا، التي يجب أن تحظى بالأسبقية، التفعيل السليم والديموقراطي لمضامين الدستور، وأجرأة التصريح الحكومي الذي صادق عليه نواب الأمة. أما من الناحية الاجتماعية، فإن التصريح المذكور، يعتبر مجرد نوايا، والقانون المالي هو الكفيل بتحديد مدى تنفيذ التزامات الحكومة في هذا المجال، خاصة وبلادنا تعرف خصاصا مهولا في قطاعات اجتماعية كالتعليم والصحة والسكن والنقل بالإضافة إلى معضلة التشغيل، التي تعد تحديا كبيرا يجب التصدي له، وخصوصا العاطلين حاملي الشهادات. تعد الحكومة حاليا مشروع قانون مالية سنة 2013، على وقع التقشف عبر عن ذلك ابن كيران، فهل يفهم من هذا التوجه أن الحكومة ستتخلى عن جزء من التزاماتها الاجتماعية؟ نسمع بأن الحكومة ستلجأ إلى إجراءات تقشفية، وتلوح بأن مشروع مالية سنة 2013 سيكون ميزانية أزمة وذلك باعتماد التقشف لترشيد النققات، لكن رؤيتنا في الفيدرالية الديمقراطية للشغل مغايرة للتوجهات التي تريد الحكومة السير فيها، وتعتبر نقابتنا أنه في ظل الأزمة يجب تشجيع الاستثمار وتقويته في المجال الاجتماعي، والرفع من القدرة الشرائية للمواطنين لتقوية الطلب الداخلي ورفع نسبة النمو لخلق فرص الشغل. من القرارات التي أقدمت عليها حكومة ابن كيران الزيادة في أسعار المحروقات. ما تقييكم لهذا القرار ومدى تداعياته على القدرة الشرائية للمواطنين؟ كما قلنا وقتها، قرار الزيادة في أسعار المحروقات الذي التجأت إليه الحكومة لتخفيض العجز وعدم الاقتراض يتضح بأنه كان قرارا خاطئا، بحيث أثر بشكل كبير على القدرة الشرائية لعموم المواطنين الهشة أصلا، و دون أن يلغي الاقتراض من صندوق البنك الدولي، وبالتالي كان موقفنا واضحا، وقد عبرنا عن ذلك بإصدار المكتب المركزي للفيدرالية الديموقراطية للشغل لبيان احتجاجي مشترك بين الكونفدرالية الديمقراطية للشغل . جمعكم مؤخرا، لقاء تشاوري مع ابن كيران ، تعهد من خلاله على أن الحكومة ستستأنف الحوار الاجتماعي بمنهجية جديدة. أين تكمن هذه الجدة التي تحدث عنها رئيس الحكومة؟ في اللقاء التشاوري، الذي جمعنا برئيس الحكومة عبد الإله بن كيران خلال الأسبوع الثاني من شهر شتنبر الماضي، عبر الوفد النقابي للفيدرالية الديموقراطية للشغل عن رأيه في منهجية الحوار الاجتماعي، والذي أعاد من خلاله التأكيد مرة أخرى على أن يتماشى واتفاقيات منظمة العمل الدولية من خلال حوار ثلاثي يجمع على طاولة النقاش كلا من الحكومة والمركزيات النقابية الأكثر تمثيلية، بالإضافة إلى أرباب العمل، وفي هذا الاتجاه، التزم رئيس الحكومة بهذه المنهجية من أجل معالجة الملفات الاجتماعية، التي مازالت عالقة. الآن نحن ننتظر الشروع في عملية تفعيلها ومأسستها، في إطار حوار اجتماعي جاد ومسؤول يأخذ بعين الاعتبار الوضعية الهشة، التي تعيشها فئات عريضة من الطبقة الشغيلة، خاصة في ظروف عرفت فيها القدرة الشرائية لهذه الفئات تراجعا كبيرا في مقابل الارتفاع الموالي للأسعار. صرح وزير الاقتصاد والمالية نزار بركة أنه لازيادة في أجور الموظفين في السنة المقبلة، فهل الأمر يتعلق بخطوة استباقية لقطع الطريق أمام النقابات أمام أي مطلب يتعلق بالزيادة في الأجور؟ إذا كانت المركزيات النقابية الأكثر تمثيلية تسعى إلى الدفاع عن مصالح الطبقة الشغيلة بكل أشكالها، إذن فحقها في المطالبة بتحسين دخل الأجراء والموظفين من خلال الزيادة في الأجور الرواتب، أو تحسين الدخل بصفة عامة عن طريق المطالبة بتخفيض نسب الضريبة على الدخل والضريبة على القيمة المضافة … إلخ، يبقى دائما مطلبا مشروعا، ويمكن للنقابات أن تطالب في أي وقت، لأن مهمتها هي الدفاع عن مصالح الطبقة العاملة، سواء في القطاع العام أو القطاع الخاص، وذلك من أجل حماية القدرة الشرائية للأجراء والموظفين، لذا طالبنا في الفيدرالية الديموقراطية للشغل الحكومة بالشروع في جلسات الحوار الاجتماعي قبل تهييء مشروع قانون المالية، وذلك من أجل أن يتم وضع مطالبنا بعين الاعتبار أثناء صياغة قانون المالية. الأزمة ترخي بظلالها والحكومة تحاول مواجهتها في حدود الامكانيات المتوفرة، وبالمقابل النقابات تتمسك بمطالبها، ماهي حظوظ جولة شتنبر الحالية من الحوار الاجتماعي؟ فيما يتعلق بالأزمة الاقتصادية والمالية، التي يتم الترويج لها في الآونة الأخيرة، يجب في البداية الإشارة إلى أنها ليست وليدة اليوم، فجذورها تعود إلى أكثر من سبع سنوات مضت، ويمكن القول إن الأزمة انطلقت منذ سنة 2005 ، لكن رغم تداعياتها وانعكاساتها على قوى الإنتاج، فقد حققت الطبقة العاملة العديد من المكتسبات في ظل هذه الشروط، وبالتالي فحفاظا على التماسك الاجتماعي والاستقرار السياسي نأمل في الفيدرالية الديموقراطية للشغل، أن تستوعب الحكومة الحالية دروس السنة الماضية من تغييبها لحوار اجتماعي جاد ومسؤول، يأخذ كل هذه الأبعاد بعين الاعتبار، وذلك بأن تعمل على خلق أجواء وشروط حوار منتج يتجاوب مع طموحات الأجراء والموظفين في أفق خدمة المصالح العليا لبلادنا. باستثناء الزيادة في أجور الموظفين والحد الأدنى للأجر في القطاع الخاص، التي جاء بها اتفاق 26 أبريل 2011، لاتزال باقي مضامين الاتفاق معلقة، إلى ماذا ترجعون ذلك؟ بالنسبة لاتفاق 26 أبريل 2011 ، الذي توصلت إليه المركزيات النقابية الأكثر تمثيلية مع حكومة عباس الفاسي السابقة، فإنه يبقى دائما ملزما للحكومة الحالية التي يرأسها عبد الإله بن كيران، وذلك في اطار استمرار التدبير الحكومي للمصالح الحيوية، وبالتالي لا يمكنها بأي شكل من الأشكال، أو بمبرر من المبررات أن تتنصل من هذه الالتزامات أو تتراجع عنها، إذن فمن واجبنا المطالبة بتنفيذ جميع المضامين التي جاء بها هذا الاتفاق و بشكل شمولي، كالتصديق على الاتفاقية 87 المتعلقة بالحرية النقابية، وإلغاء الفصل 288 من القانون الجنائي، وإخراج صندوق فقدان الشغل للوجود وسقف الانتظار وإحداث درجة جديدة للترقي داخل أسلاك الوظيفة العمومية إلى غير ذلك من الالتزامات. وإذا كانت الحكومة الحالية تشتكي من وجود أزمة، فإن بعض بنود هذا الاتفاق لا تكلف ولو درهما واحدا، بل تتطلب فقط الإرادة السياسية لتنفيذها. انسحبتم من جولة الحوار الاجتماعي الماضية احتجاجا على عدم جدية الحكومة، والآن قبلتم بالعودة. هل تلقيتم ضمانات من رئيس الحكومة في هذا الباب؟ القاعدة، هي أن نشارك في جولات الحوار الاجتماعي والاستثناء هو الانسحاب، فبالفعل انسحبنا من جولة أبريل الماضية للحوار، وذلك بعدما تبين لنا أن شروط وظروف حوار جاد ومسؤول غير متوفرة، وبالتالي فنحن في الفيدرالية الديموقراطية للشغل شاركنا في جولة الحوار الاجتماعي لهذه السنة بقناعة راسخة وثابتة، وهي أننا دائما نعتبر الحوار الاجتماعي آلية ناجعة لتحقيق المطالب العمالية وفض النزاعات الاجتماعية. ونأمل أن تتوفر الإرادة الحقيقية لدى الحكومة الحالية للوفاء بالتزاماتها تجاه الطبقة العاملة، وذلك لتجنيب بلادنا المزيد من الاحتقان الاجتماعي. بعد مجيء حكومة عبدالإله بن كيران، تغيرت لديكم التحالفات النقابية، وأصبح يجمعكم تنسيق استراتيجي مع الكونفدرالية الديموقراطية للشغل، هل هذا التقارب سيقف عند حدود التنسيق، أم سيتطور إلى اندماج؟ بالنسبة للتنسيق النقابي بين الفيدرالية الديمقراطية للشغل والكونفدرالية الديمقراطية للشغل يعتبر تنسيقا استراتيجيا، نظرا لأننا أبناء البيت الواحد ونتقاسم تاريخا نضاليا مشتركا ومصيرا مستقبليا واحدا. فلذا نحن حريصون على استمراريته ودعمه بكل الوسائل المتاحة، ونعتقد أنه تحالف مفتوح على كل الاحتمالات المستقبلية. ونحن كنا دائما نسعى إلى تطوير التنسيق بين المركزيات النقابية، رغبة في خلق جبهة نقابية قوية للدفاع عن ملفات الشغيلة المغربية، سيما ونحن نتقاسم مع إخواننا في المركزيات النقابية الأخرى أهم المواضيع المطروحة، التي تهم الطبقة العمالية.