نفس الوجوه والأسماء تؤثث المشهد ذاته. معتقلون هادئو القسمات، يقفون أمام منصة الاتهام، ومتطفلون يقتعدون المقاعد الخشبية. بعضهم يدون بخفة متناهية مايلقى على أسماعهم، وآخرون استسلموا برتابة لفصول جلسة ماراطونية امتدت إلى ثلاث ساعات. تواصلت ظهيرة أول أمس الثلاثاء، بالمحكمة الزجرية بالدارالبيضاء، جلسات الاستماع إلى المتابعين في ملف أسفار كوماناف، الذي يعرف متابعة تسعة موظفين، ومنهم المدير العام المساعد ومدير الجودة ورئيس مصلحة الحجوزات، إضافة إلى مدير عام وكالة الأسفار وزبناء للشركة، بتهم «خيانة الأمانة والارتشاء، وتغيير معطيات مدرجة في نظام المعالجة الآلية، وقبول شيكات على سبيل الضمان». وعرفت الجلسة، حضور الممثل القانوني للشركة، والذي بسط أمام هيأة الغرفة الجنحية التلبسية، تفاصيل نزيف الاختلاسات التي جعلت الشركة تعيش حالة إفلاس. وأوضح الأخير، أن الاختلاسات عمقت من الأزمة المالية للشركة، ومعها دوامة المشاكل الاجتماعية للمستخدمين الذين يعيش بعضهم مآسي الطلاق والتشريد، وحرمان الأبناء من ولوج مؤسساتهم التعليمية خلال الموسم الحالي. الممثل القانوني لوكالة أسفار كوماناف وفيري، قدم شروحات وافية، ومعطيات مستفيضة لرئيس الغرفة الجنحية التلبسية عن كيفية اختلاس المتهمين التسعة، لأزيد من سبعة ملايير سنتيم، ضمنها مليار و100 مليون سنتيم، تم اختلاسها عبر التلاعب بالنظام المعلوماتي للحجز، وبيع تذاكر رحلات سياحية على متن بواخر الشركة. وتشبث ممثل الشركة بمطالب دفاع الشركتين، باسترداد المبالغ المالية المختلسة. وعرفت أطوار الجلسة، نقاشات حادة بين دفاع الشركة ومحامي أحد المتهمين حول القيمة الإجمالية للمبالغ المختلسة. في الوقت الذي أكد فيه المحامي بوشعيب زلواش (دفاع الشركة)، أن هناك علاقة مباشرة بين قيام المتهمين بتعطيل النظام المعلوماتي عبر افتعال أوامر بطريقة يدوية ونزيف الاختلاسات. ومن المنتظر أن يتقدم دفاع الشركة المطالب بالحق المدني خلال الجلسة المقبلة، بمذكرة مطلبية حول القيمة الحقيقية للمبالغ المالية المختلسة، إضافة إلى عريضة التعويض المدني، كما استمعت هيئة المحكمة إلى ثلاثة متهمين آخرين، وحددت الثلاثاء المقبل موعدا للاستماع إلى المتهم الأخير. يذكر أن الوكيل العام للملك بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء، كان قد أحال الملف في وقت سابق على وكيل الملك للاختصاص، بعد إسقاط تهمة «تكوين عصابة إجرامية» من لائحة التهم التي توبع بها المشتبه فيهم، والذين قررت النيابة العامة حفظ المتابعة في حق ثمانية منهم. محمد كريم كفال / سعد داليا