كانت قسمات وجهها تعكس شعورا بالغضب، وهي تتأبط لوحة ورقية مكتوب عليها «لم نرك .. لكننا نحبك يارسول الله». وفي الوقت نفسه، تخالج عينيها دموعا متحجرة ترسم نوعا من التذمر والاستهجان. هي فتاة عشرينية، لبت كغيرها دعوات معممة على موقع التواصل الاجتماعي «الفايسبوك»، قبل أن يتحول أسلوب الاحتجاج المتحضر إلى طقوس شبيهة بشغب الملاعب من رمي بالقنينات البلاستيكية ورشق بالحجارة، بسبب تهور بعض الشباب المحسوبين على فصائل تشجيع فرق كرة القدم. ظهيرة أول أمس. حج عدد من التظاهرين تلبية لدعوات الوقفة الاحتجاجية المنظمة ضد العرض المرتقب بأمريكا، لفيلم يجسد شخص الرسول الكريم، وذلك وسط اجراءات أمنية مشددة في محيط القنصلية الأمريكية المتواجدة بشارع مولاي يوسف بمدينة الدارالبيضاء. الفصول الأولى للوقفة التنديدية، تميزت بترديد هتافات مناوئة للرئيس الأمريكي، إضافة إلى رفع بعض الشعارات المطالبة ب «إسقاط السفير الأمريكي»، والتنديد ب «الإرهاب الأمريكي على الإسلام»، والتي لهج بها العشرات، قبل أن يتعاظم عددهم إلى قرابة ال200 متظاهر في حدود الساعة الرابعة زوالا. خاصة بعد توافد حشود من المراهقين، وعدد من المواطنين العاديين، ومحتجين تتوزع انتماءاتهم إلى بعض المحسوبين على السلفين والإسلاميين المعتدلين المتلحفين برايات سوداء تتضمن عبارات دينية. أعين رجال الأمن الرسميين والمندسين وسط الجموع. بدورها كانت تترصد كل صغيرة وكبيرة في تفاصيل الوقفة التي عرفت بعض التوتر، خاصة بعد إحراق الأعلام الأمريكية، واندفاع العشرات بطريقة فوضوية مطالبين بإنزال العلم الأمريكي من فوق سطح القنصلية، مما دفع بفرقة الدراجين إلى محاولة اقتحام صفوف المحتجين لتفريقهم بعيدا الحواجز الموضوعة بقرب الباب الرئيسي للبناية القنصلية. وعرفت أطوار الوقفة بعض الاحتكاكات بين المحتجين وعناصر الأمن، حيث تم اعتقال أزيد من 10 شبان بعد تعمدهم رشق الحجارة في اتجاه البناية القنصلية، وجاءت نهاية الوقفة، بإقامة المحتجين لشعائر صلاة العصر جماعة وسط الساحة المحاذية لمقر القنصلية. محمد كريم كفال