عندما أعلن وزير الداخلية مولاي الطيب الشرقاوي عن أن تفجير أركانة الارهابي قد تم عن بعد، كان الرجل يتحدث عما توصل إليه التحقيق الذي تقوم به فرقة مكافحة الارهاب وعناصر الشرطة العلمية بمساعدة محققين أجانب. تصريحات وزير الداخلية جاءت بعد اكتشاف المحققين لبقايا هاتف محمول موصول بأسلاك في موقع التفجير الارهابي، ما يحيل على تقنية جديدة تستعمل لأول مرة في الاعتداءات الارهابية بالمغرب، لكنها لم تكن جديدة بالنسبة لمناطق أخرى شهدت اعتداءات مماثلة كالجزائر التي استعملت فيها هذه التقنية منذ سنة 2007. تقنية التفجير عن بعد بواسطة الهاتف المحمول لم تستعمل قط في الاعتداءات الارهابية بالمغرب، لكنها كانت موضوع محاولة عندما أحبطت السلطات الأمنية في شتنبر 2008 مخططا إرهابيا لخلية «فتح الأندلس» التي تم تفكيكها آنذاك. التحريات عن المتهمين في هذه الخلية أفضت إلى أنهم كانوا على اتصال عبر الانترنت بمقاتلين سبق لهم القتال في أفغانستان، وكانت هذه الاتصالات من أجل التزود بتقنية التفجير عن بعد في أكثر من مكان، حيث كان يخططون لاستهداف مقر قوات الأممالمتحدة لحفظ السلام بالعيون وبعض المدن السياحية ضمنها مراكش وأكادير. وقد قامت هذه العناصر بتجارب مستعملة أدوات تقنية ومواد كيماوية وصواعق، غير أن التحقيقات لم تؤكد ارتباط المتهمين بأية جماعة إرهابية تنشط في الصحراء والساحل. وقبل ذلك الحين كانت العديد من المواقع الالكترونية تبث طرقا وورقات تحليلية وتجريبية لعمليات التفجير بواسطة الهاتف المحمول بعد أن نجحت هذه التجربة في الجزائر وصارت الجماعة السلفية للدعوة والقتال وبعدها القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي تتبناها بشكل مستمر. أولى هذه العمليات التي تمت بالجزائر في أبريل 2007 كانت بمنطقة تيقزيرت الساحلية التي تبعد عن عاصمة ولاية تيزي وزو بحوالي أربعين كلم شمالا. وقد نفذت هذه العملية كما نقلت وسائل الاعلام الجزائرية آنذاك بواسطة قنبلة يدوية الصنع شديدة المفعول تم زرعها أرضا، انفجرت بتقنية الهاتف النقال. توالت العمليات التي استهدفت مواقع معينة وعناصر الشرطة، حيث أدى تفجير بنفس الطريقة سنة 2009 إلى مقتل ثمانية عناصر من الشرطة وذلك على بعد أسبوع من عمليتين مشابهتين بولايتي بسكرة والمدية استهدفتا عناصر الجيش والدرك الجزائري. طورت الجماعات الارهابية بالجزائر تقنياتها في الاعتداءات الارهابية باستعمالها سيارات مفخخة مستلهمة تقنية الهاتف النقال في تفخيخ هذه السيارات وتفجيرها قرب المؤسسات العمومية، وهو ما دفع الحكومة الجزائرية إلى زرع أجهزة لقطع شبكات الهاتف المحمول في محيط المؤسسات الحكومية الحساسة. وحتى خلال العمليات التمشيطية التي يقوم بها الجيش الجزائري في المنطقة المعروفة بمثلث الموت والتي تشكل بومرداس وتيزي وزو والبويرة زواياها، فإن عناصر الجيش تقوم بتعطيل شبكة الاتصالات الهاتفية خوفا من الوقوع في الفخاخ التي تنصبها عناصر قاعدة المغرب الاسلامي، باستعمال السيارات المفخخة والألغام المزروعة بالأوكار التي يلجأ إليها الارهابيون. في تفجير مطعم أركانة بمراكش تظل تقنية التفجير بالهاتف النقال هي الصلة التي تربط هذا الاعتداء الارهابي بقاعدة المغرب الاسلامي التي تنشط بالجزائر وشمال موريتانيا ومالي، وهي تقنية تستعمل فيها مواد متفجرة مهيأة بواسطة مواد كيماوية ومسامير وكريات معدنية تجعلها فتاكة شديدة التفجير وموصولة بدارة كهربائية عبر أسلاك مربوطة بإتقان بهاتف محمول. وقد قام الارهابي الذي فجر مقهى أركانة باستعمال هذه التقنية في تحضير القنبلة اليدوية الصنع، وبعد ابتعاده عن المقهى ركب رقم رقاقة الهاتف النقال المربوط بالمتفجرات. ويستعمل الارهابيون رقاقات مروجة في السوق بشكل عشوائي أو مسروقة حتى لا تستطيع مصالح الأمن تعقب رقم الهاتف الذي أدى إلى التفجير. غير أن المتخصصين في هندسة الاتصالات يستعملون تقنية متطورة لتعقب مسار الهاتف المستعمل قبل تفجيره، وهو ما يتطلب إمكانيات تقنية خاصة متوفرة في هواتف الجيل الجديد.