كيف تحولت جلسة تقديم تقرير لجنة تقصي الحقائق من جلسة كان الكل يعتقد فيها أن مكتب اللجنة بما فيها رئيسها، سيحلقون عاليا باستثمار كل المعطيات التي توفرت بين أيديهم خلال مدة البحث التي اجروها الى ما يشبه الصدمة وهم يواجهون بحقائق أخرى أغفلها التقرير واستغلها الاستقلاليون ليقولوا إن التقرير برمته «موضوع مزايدة سياسية لا أقل ولا أكثر». بين ملخص التقرير الذي ألقاه مقرر اللجنة عبد المجيد المهاشي وبين رد الفريق الاستقلالي سالت الكثير من التهم والتهم المتبادلة. قبل أن تتجاهل الأعين الفريق الذي أعيته مطادرات الساحرات في الوصول لحقائق الاختلالات التي عرفها مكتب التسويق والتصدير، كانت الحرب قد شنت حتى على الجلسة التي تم فيها تقديم التقرير. الحكومة قاطعت الجلسة ولم يحضر من أعضائها غير الوزير المكلف بالعلاقة مع البرلمان . وحتى البث التلفزي حرمت منه لجنة تقصي الحقائق وكان أن وعد رئيس مجلس المستشارين بتسجيل وتوثيق أطوار الجلسة لبثها في وقت لاحق. حكيم بنشماس رئيس لجنة تقصي الحقائق حول مكتب التسويق والتصدير التقته «الاحداث المغربية» قبل بداية الجلسة وصرح أن أعضاء اللجنة «تفاجئوا من حجم الاختلاسات والاختلالات» التي عرفها مكتب التسويق والتصدير، فيما بعد داخل القاعة وفي إطار مناقشة عرض اللجنة وصف حكيم بنشماس الامور “بماكينة الفساد” قائلا “إنها آلة للنهب فيها من يختلس وفيها من يتستر على المخلتس وفيها من يسهل العمليات وفيها من يحرف الحقائق”. بنشماس علق على احالة ملف مكتب التسويق والتصدير على النيابة العامة بتقديم موظفين بسطاء كأكباش فداء لفساد ينخر في المكتب طولا وعرضا. فيما بعد تحولت الجلسة إلى مواجهات بالدليل والدليل المضاد بين الفريق الاستقلالي وفريق الاصالة والمعاصرة حول مضمون التقرير. مباشرة بعد كلمة بنشماس اعطيت الكلمة لفؤاد القادري، لتناول الكلمة بدلا عن رئيس الفريق الذي كان نزيل إحدى المصحات. فؤاد القادري اعتبر أن اللجنة بكاملها خارج الشرعية”إن اللجنة أضحت بقوة الدستور وبقوة القانون التنظيمي لمجلس المستشارين، خارج القانون وبدون شرعية”. يقول عضو الفريق الاستقلالي الذي لم يكتف بهذه العمومية بل قال إن ثلاثة من أعضاء اللجنة الخمسة عشر، تبثت وقوعهم في حالة تنافى، تتعارض مع مهام التقصي وتؤثر سلبا على عمل ومسار التحقيق الموضوعي المنوط بها، اذ ثبتت علاقتهم المالية والمهنية بمهام مكتب التسويق والتصدير واستفادة بعضهم من دعم وتمويلات المكتب، وكان من المفروض من الناحية الأخلاقية والسياسية أن لا يحرجوا أنفسهم وأن يعلنوا انسحابهم، وأن يسهر الرئيس على ايقاف أشغالها دفعا لكل شبهة أو طعن في مصداقية عملها بتهمة الانحياز أو خدمة المصالح الاستثمارية الشخصية”. قبل أن يدافع فؤاد القادري عن رفاقه في حزب الاستقلال الذين وردت اسماؤهم في التقرير وخاصة عائلة قيوح باخراج شهادة بنكية تبثت أن علي قيوح واسماعيل قيوح قد أديا ما بذمتهما للمكتب ما يجعل المبالغ المالية التي جاء على ذكرها التقرير خالية من كل مصداقية . تساءل القادري عن السر وراء استبعاد الاستماع الى المسؤولين السابقين عن تسيير وتدبير مكتب التسويق والتصدير، والذين، اعتبرهم، “سببا رئيسيا في الوضعية الكارثية التي بلغها المكتب” في نفس اتهاماته قال عضو الفريق الاستقلالي إن التقرير لم يقدم جردا واضحا لتواريخ عمليات البيع والتفويتات، ومنها أن التقرير لم يأت على ذكر أن 99،99% من عمليات البيع والتفويتات قد انجزت في تاريخ سابق ل 30 يوليوز 2008، تاريخ تعيين المدير العام الجديد للمكتب. لم تقف الاتهامات التي ساقها الفريق الاستقلالي لتقرير اللجنة عند هذا الحد بل أضافت أن اللجنة اغفلت كل حديث عن الحسابات البنكية للمكتب بالخارج، وتاريخ هذه الحسابات، وكيفيات تدبيرها. وزاد فؤاد القادري أن التقرير لم يشر الى باقي الممتلكات التي تم تفويتها من قبيل إدارة تابعة لمندوبية باريس والتي بيعت سنة 2007 بثمن بخس لا يتجاوز 3 مليون اورو في حين أن الثمن الحقيقي للعقار تجاوزت قيمته الحقيقية 40 مليون أورو. وتساءل عضو الفريق الاستقلالي في آخر تدخله عن السر وراء اقصاء لجنة تقصي الحقائق الحديث عن عقود عمل لمستخدمين اثنين تمتعا “بامتيازات استثنائية وخيالية” غير مسبوقة. المستشار الاستقلالي خص بالذكر العقد الموقع بين المكتب وبين أخ المدير العام بالنيابة السابق، والذي “كان يتقاضى أجرا يزيد عن 160 مليون سنتيم سنويا” على حد قول القادري. انتهت الجلسة كما بدأت باردة وساحة للاتهامات والاتهامات المضادة، الكل كان متفقا على أن الفساد والاختلال ينخر جسم مكتب التسويق والتصدير ولكن الكل كان أيضا في خلاف حول من المسؤول وماهي الطريقة التي يجب اعتمادها لمحاسبة من تورط في تراكم سنوات من الاختلالات كادت أن توقف حياة مكتب التسويق والتصدير.