«عثرة القدم أسلم من عثرة اللسان»، قول مأثور في مزايا التريث في الكلام، غاب عن ذهن رئيس الحكومة عبد الاله ابن كيران وهو منخرط في إعطاء تصريحات لجريدة «الصباح» حول علاقاته بمحيط الملك. ويبدو أن ابن كيران، الذي أطلق العنان للكلام، في غير بصر لم يدرك أن اللسان غير مأمون الضرر إلا بعد فوات الأوان، فتصريحه «لاتواصل بيني وبين محيط لملك»، وجد معه قائد الحكومة بعد أن وضع النقط على الحروف، أن زلة لسانه تدحرجت بعيدا لتلامس الملك و رجالات البلاط، فلم يجد أمامه من خيار سوى أن يعتكف ويكتب بيان اعتذار ويقدمه على وجه السرعة إلى جلالة الملك، بناء على مقال صحفي نشرته الجريدة المذكورة في عددها ليوم أول أمس الخميس تحت عنوان “بنكيران : لا تواصل بيني وبين محيط الملك”. غير أن عبد الاله ابن كيران، المعروف لدي المقربين منه أنه يمتلك الجرأة والصراحة ليقول الكثير، أدرك هذه المرة أنه يجب أن يلجم لسانه، هو ما عكسته كلمات البيان التوضيحي، الذي قال فيه «إنني لا أملك إلا أن أعتذر لجلالة الملك عن أي إساءة غير مقصودة أكون قد تسببت فيها، ومن خلاله لمستشاريه المحترمين، وأجدد بهذه المناسبة عبارات الولاء والتقدير التي أكنها لجلالة الملك حفظه الله وأعز أمره». حسرة وأسف ابن كيران على زلة لسانه لا حدود لها، والذي لم يجد شيئا لإشفاء غليله سوى المقال وصاحبه، فقد كتب في بيانه التوضيحي «يؤسفني أن أعلن للرأي العام أن المقال الذي نشرته جريدة الصباح مقال ملئ بالافتراء والدس لإفساد التعاون القائم بين المؤسسات الدستورية تحت قيادة جلالة الملك حفظه الله وأيده». وأمام الورطة التي وجد ابن كيران نفسه فيها، اجتهد ابن حي العكاري كثيرا لتصحيح كلامه، فإذا كان معروفا عليه أنه يتصرف على سجيته، فإنه انتقل إلى التعامل بجدية، حسب لغة البيان، بعد تأكيده على أن صاحب المقال استند في استنتاجاته التي وصفها ب«المغرضة على ملاحظة وردت في استجواب سابق مع جريدة «الحياة الاقتصادية» ومكالمة هاتفية عابرة، مفادها أننا لم نصل بعد إلى مستوى أكبر من التعاون مع مستشاري جلالة الملك» وإذا كان ابن كيران الخطيب الذي خانته هذه المرة خطابته في اختيار الكلمات المناسبة، فإنه سبق له وأن جر على نفسه و حزبه العديد من المتاعب بسبب تصريحاته، فهل سيضبط هذا الفيزيائي خرجاته الاعلامية، أم أنه سيبقى رهين سجيته لدى العام والخاص؟