يصر كثيرا من الناس على عدل الحذاء عندما يكون مقلوبا، بل قد يغضب منك أحدهم إن مررت على حذاء مقلوب ولم تعدله وقد يتهمك بالعمي، ويعتقد كثيرا من الناس أن عدل الحذاء المقلوب هو عمل تثاب عليه وإن لم تفعله قد تنالك العقوبة من الله . في الحقيقة هذه الثقافة ولدت معنا ولم نسأل عنها وعن صحة هذه البدعة السائدة بين الناس وأنا كنت واحد منهم، وذلك لواحد من هذان السببين: أولا: يعتقد أنه دينيا يجب تعديله لأن وجه الحذاء يكون مقلوباً إلى السماء حيث يوجد الله تعالى ، وهذا طبعا لا أساس له من الصحة في الدين الإسلامي وهو من المبالغات التي لا أصل لها. ثانيا: أن قلب الحذاء يجلب الحظ السيئ وهذا تشاؤم لا أصل له كذلك. أما الشئ الصحيح فهو أن لا تشغل نفسك بهكذا أمور ولا يوجد دليل واحد في السنة أو عند السلف الصالح أو من تبعهم من القرون المفضلة على هذة العادة التي نشأت حديثا . آمل ان تتبدل هذه العادة وأن نخرج من تبعية العادات وأن نوطن أنفسنا على السؤال على كل ما لا نعلم له أصلا . والأصل في الأمور ان ترجع أي أمر أو نهي إلى الشرع، فإن وافق الشرع فهو على العين والرأس وإن لم يوفق الشرع فهو بدعة ويجب الابتعاد عنها . في كتاب الشباب بين العادة والعبادة أعده الشيخ سيف الطلال الوقيت _ فك الله أسره، وقام بالتقديم على الكتاب الشيخ ابن جبرين حفظه الله: يقول المؤلف (ونقول لمن يهتم بتعديل النعال والحذاء اعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يعدلها ولم يأمر بتعديلها. ولم يعدلها صحابته الكرام ولا التابعون لهم بإحسان ولم يعدلها الأئمة الأربعة المعتبرون، لا أحمد بن حنبل إمام أهل السنة والجماعة ولا الشافعي ولا مالك ولا أبو حنيفة رضي الله عن الجميع . بل لم نسمع من سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله أنه أوصى أو أمر بتعديل النعل أو الحذاء المقلوب. إذاً هي عادة ما أنزل الله بها من سلطان .) ص9 . وقد ذكر الشيخ سيف أحد المواقف الطريفة في هذا الباب وقال: “بل حدثني أحد الشباب فقال : لقد رأيت نعلةً مقلوبةً في بئرٍ عميقة . فحزنت لذلك حزناً شديداً ثم أخذت أرمي النعلة بالحجارة حتى أعدلها . وأنا تارك للصلاة في ذلك الوقت. انظر لهذا الهم والحزن وهو تارك للصلاة.”