دقت المندوبية السامية للمياه والغابات ومحاربة التصحر، ناقوس الخطر حول الوضعية التي بات يعيش عليها قردة (الزعطوط) بمدينة آزرو، وتعرضها للانقراض، وهو الأمر الذي دفع بها إلى اعتماد خطة عمل وطنية لحماية قردة “المكاك البربري” في جبال الأطلس. ويأتي هذا المخطط في إطار اللقاء الذي احتضنه مؤخرا المنتزه الوطني لإفران الذي يضم 5000 قرد بمدينة آزرو، يدرس إمكانية حماية فصيلة قردة (الزعطوط) والماكو كما يطلق عليها محليا بالمغرب, من الانقراض، على إثر تصنيفها من قبل الاتحاد العالمي للحفاظ على الطبيعة كقردة تعيش وضعية “هشة”, وذلك بحضور جمعيات وخبراء ومدبري الفضاءات المحتضنة لهذا الصنف. وقامت المندوبية السامية للمياه والغابات ومحاربة التصحر, في إطار الحفاظ على البيئة الإيكولوجية لهذا المنتزه الذي أنشأ سنة 2004, بوضع مخطط تهيئة للحفاظ على النظام الإيكولوجي, وفقا لأهداف المخطط العشري (2005 -2014 ), الذي يروم الحفاظ على توازن النظام الايكولوجي والفصائل الحيوانية بما في ذلك قردة المكاك. واتخذت المندوبية أيضا إجراءات صارمة للتصدي لظاهرة الصيد الجائر والتجارة غير المشروعة للقردة الصغيرة وعملية استغلالها, كما قامت بملاءمة القوانين الوطنية في مجال الحفاظ على هذه الفصائل المهددة بالانقراض مع القوانين الدولية, من خلال المصادقة على الاتفاقية الدولية حول محاربة التجارة غير المشروعة للحيوانات والنباتات البرية المهددة بالانقراض. يشار إلى أن زعطوط ينتمي إلى نوع من القردة، التي تعرف محليا باسم ماكو، وعلميا باسم Macaca sylvanus أو القرد الأمازيغي. وهي الفصيلة الإفريقية الوحيدة من الماكاك، إذ أن جميع الفصائل الأخرى آسيوية، كما أنها القردة الوحيدة الموجودة في شمال الصحراء. وخلافا لفصائل الماكاك الأخرى، فهي دون ذيل. ويعيش قرد المغرب في جبال الأطلس، في غابات الأرز قرب مدينة آزرو، وجبل تازاكا والسفح الشمالي للأطلس الكبير الأوسط، ويقدر عدده بأكثر من 15 ألفا في المغرب ونحو 5000 في الجزائر، إضافة إلى مجموعة محدودة في جبل طارق، ومجاله الحالي هو بقية مجال شاسع كان يغطي أوروبا وكل الشمال الإفريقي من مصر إلى المغرب، لكن العدد تقلص نتيجة الظروف التي سادت، خلال الفترات الجليدية، وأدت إلى اختفائه من الأراضي الأوروبية، وقل عدده لاحقا بتدهور موائله. وبحسب دراسات علمية، فإن هذا النوع من القردة بالمغرب له قابلية كبيرة على التكيف مع الظروف المناخية. فشعره يتغير، خلال فصل الربيع، إذ يكون لونه بنيا أصهب وقصيرا يتراوح طوله بين سنتيمتر وسنتيمترين، وفي فصل الشتاء بين الرمادي والبني، ويصل طوله إلى 10 سنتيمترات. كما أن غياب الذيل يقلص مساحة الجسم المعرضة للبرودة. أما إيقاع التوالد فهو فصلي حصرا. وتصل مدة حياته إلى نحو 20 سنة. ويتراوح وزن الذكر بين 16 و20 كيلوغراما والأنثى بين 11 و15 كيلوغراما، ويكون النضج الجنسي في حدود 4 إلى 5 سنوات، ويستغرق الحمل لدى الأنثى 210 أيام، ويزن الوليد نحو 700 غرام ويكون زغبه أسود حتى عمر 6 أو 7 أشهر. لكن، هذه القردة بدأت، منذ عدة سنوات، في الأطلس المتوسط، خصوصا في عين الكحلة، تتغذى على أشجار الأرز اليافعة والأغصان الجديدة وتتلف لحاء الأشجار، ما أدى إلى اضطرابات في التخليف وانخفاض القيمة الاقتصادية والطبيعية للمجموعات الحرجية. وقد أثارت هذه الظاهرة الغريبة جدلا واسعا، إذ عزا هذا التغيير في العادات الغذائية إلى تكاثر القردة، بسبب غياب المفترسات الطبيعية. كما رجح عدد من الملاحظين أن هجوم القردة على أشجار الأرز راجع إلى التدهور التدريجي لمسكنها الطبيعي، حيث أضحت الموارد الغذائية والمائية في ندرة واضحة. وتحظى هذه القردة في المغرب بعناية، خاصة من المندوبية السامية للمياه والغابات ومحاربة التصحر، التي تعهدت، منذ تصديق الاتفاقية الدولية حول التنوع البيولوجي، بإنشاء شبكة وطنية من المجالات المحمية، تمكن من حمايتها والإصلاح البيئي لمواطنها.