الدار البيضاء – من البديهي أننا لا نستطيع أن نمحو الخسائر الفادحة التي تكبدها قطاعا السياحة والتجارة سنة 2020 بجهة الدارالبيضاء-سطات، بسبب الأزمة الصحية المرتبطة بفيروس كورونا المستجد ، والتي فرضت نمط حياة جديدة يخضع لقيود صارمة. ومن المؤكد تماما أن العودة إلى الوضع الطبيعي ستستغرق وقتا أطول من المتوقع. فقبل تفشي الوباء، شهدت صناعة السياحة انتعاشا على مدى سنوات، لا سيما بالدارالبيضاء، عاصمة الجهة وقاطرة تطورها. غير أن الحاضرة الاقتصادية، ومع بدء تطبيق الحجر الصحي، كانت المدينة الأكثر خضوعا للتدابير الاحترازية، وهي الوسيلة الوحيدة المتاحة للسلطات العمومية للحد من تفشي الجائحة بالمدينة وتفادي التحول إلى بؤرة وبائية لا يمكن السيطرة عليها. وعند الإعلان عن بدء الرفع التدريجي للحجر الصحي (25 يونيو 2020) والذي استمر ما يقرب من ثلاثة أشهر، أبدى مهنيو القطاع تفاؤلا شديد الحذر، كما ولو انهم كانوا يدرون ما الذي ينتظرهم فيما بعد. ولم يتمكنوا من حجب تخوفاتهم من مناخ عدم اليقين الذي يبدو أنه مازال مستمرا على المدى الطويل. استعادت المطاعم والمقاهي بالطبع بعضا من زبائنها، لكن كان من الصعب حل مشكل تفاقم الالتزامات، نتيجة الانخفاض البين في المداخيل والتأخر في دفع التكاليف الثابتة (الإيجار وفواتير الكهرباء والمياه) والديون المتراكمة لفائدة الممونين. وساهم فرض حظر التجوال وتقييد السفر ومنع التجمعات بالدارالبيضاء الكبرى في ضياع موسم الصيف، وهو ما زاد من متاعب مهنيي السياحة بعدما ظلت العديد من الفنادق مغلقة أو عملت بعدد قليل جدا من المستخدمين. كما واجهت المطاعم والمقاهي بسبب خفض أعداد مرتاديها، قيودا أكثر صرامة بشأن وقت الإغلاق، مما دفع بعض مالكيها إلى تسريح عدد من المستخدمين. ولم تستطع المسابح العديدة بكورنيش الدارالبيضاء، استقبال مرتاديها من هواة السباحة، بسبب قرار الإغلاق لمنع تفشي الوباء وهو ما ساهم في ضياع موسم الاصطياف بالنسبة لمالكيها، وتكبيدهم خسائر جمة. وما يقال عن مهنيي السياحة، يقال عن العاملين في قطاع التجارة، إذ قرر العديد من التجار إغلاق متاجرهم بسبب الأضرار الكثيرة التي عانوا منها على أمل تبدد غيوم الأزمة الصحية، وتصبح الرؤية أكثر وضوحا، بينما يكافح آخرون لاستعادة بضائعهم العالقة في الميناء لعدم تمكنهم من دفع الرسوم الجمركية. فبسوق القريعة مثلا، أكثر المراكز التجارية على الصعيد الوطني، كان من السهل، أن تعاين قلة مرتادي هذا الفضاء التجاري، وغياب الرواج المعتاد، بسبب الإجراءات الاحترازية التي تفرضها السلطات. في مختلف أرجاء هذا الفضاء التجاري، والذي يضم نحو 2500 محل تجاري، تجار ومساعدوهم رابضون عند واجهات محالهم تعلو محياهم علامات الحسرة والخيبة، بسبب ضعف الإقبال ومحدودية الرواج، نتيجة قرار إغلاق السوق ابتداء من الساعة السادسة مساء وهو ما ساهم برأيهم في تراجع عائداتهم إلى معدلات غير مسبوقة. فمنذ وقت ليس ببعيد ، كان مستوى الرواج كبير، خاصة خلال العطل المدرسية وحتى في عطل نهاية الأسبوع، حيث يصل معدل الإقبال إلى 100 ألف زبون يومي السبت والأحد ، لكن الآن الوضع تغيرا حتما. فأغلب التجار بالسوق فضلوا عدم استيراد سلع جديدة مخافة صعوبة تسويقها مجددا، بسبب ضعف الرواج خاصة وأنهم يضخون أموالا طائلة في عملية الاستيراد من الخارج، ودفع رسوم التعشير. ومهما يكن من أمر، فإن الفاعلين في قطاعي السياحة والتجارة، الذين يساهمون في تأمين فرص عمل كثيرة في الجهة، يحذوهم الأمل في الخروج من هذه الأزمة، وقلب هذه الصفحة المؤلمة.