كان الملك محمد السادس أكثر وضوحا في خطاب العرش الذي وجهه، اليوم الأربعاء (30 يوليوز الجاري)، إلى الأمة بمناسبة الذكرى الخامسة لعيد العرش. وبوضوحه هذا ومصداقيته وشفافيته، جعل الملك نهاية لشعار "العام زين". كان الخطاب بلغته ومضامينه عبارة عن تشخيص وتشريح لما كان وما يجب أن يكون. وبهذا الخصوص ورد في بداية خطاب الملك محمد السادس قوله:" وإنما نريدها وقفة تأمل وتساؤل مع الذات، بكل صراحة وصدق وموضوعية، حول ما طبع مسيرتنا من إيجابيات وسلبيات، للتوجه نحو المستقبل، بكل ثقة وعزم وتفاؤل." وأكد ملك البلاد: "أنا لا تهمني الحصيلة والأرقام فقط، وإنما يهمني قبل كل شيء، التأثير المباشر والنوعي، لما تم تحقيقه من منجزات، في تحسين ظروف عيش جميع المواطنين." وواصل الملك في سياق المصداقية المعهودة فيه، والوضوح الذي يؤثث أقواله وأفعاله حديثه بالقول: "وإذا كان من الطبيعي أن يتساءل الإنسان مع نفسه، في كل مرحلة من حياته، فإن إجراء هذه الوقفة مع الذات، تعد ضرورية بالنسبة لخديمك الأول، الذي يتحمل أمانة أكثر من 35 مليون مغربي. ذلك أنني، من منطلق الأمانة العظمى التي أتحملها، كملك لجميع المغاربة، أتساءل يوميا، بل في كل لحظة، وعند كل خطوة، أفكر وأتشاور قبل اتخاذ أي قرار، بخصوص قضايا الوطن والمواطنين :هل اختياراتنا صائبة ؟ وما هي الأمور التي يجب الإسراع بها، وتلك التي يجب تصحيحها ؟ وما هي الأوراش والإصلاحات التي ينبغي إطلاقها؟،أما إذا كان الإنسان يعتقد أنه دائما على صواب، أو أنه لا يخطئ، فإن هذا الطريق سيؤدي به إلى الانزلاق والسقوط في الغرور". وفي نفس السياق طرح الملك محمد السادس في خطاب العرش أسئلة جوهرية تتماشى ومنطق الجدية والوضوح: "ومن هنا، فإن من حقنا جميعا أن نتساءل: هل ما نراه من منجزات، ومن مظاهر التقدم، قد أثر بالشكل المطلوب والمباشر على ظروف عيش المغاربة ؟ وهل المواطن المغربي، كيفما كان مستواه المادي والاجتماعي، وأينما كان، في القرية أو في المدينة، يشعر بتحسن ملموس في حياته اليومية، بفضل هذه الأوراش والإصلاحات ؟ إننا بطرح هذه التساؤلات، إنما نبحث دائما عن الفعالية والنجاعة، وعن أفضل السبل، ليستفيد جميع المغاربة من مختلف المنجزات، على حد سواء. فالتساؤل وإجراء هذه الوقفة مع الذات، لا يعني الشك أو التردد، أو عدم وضوح الرؤية. بل على العكس من ذلك، فطريقنا واضح، واختياراتنا مضبوطة. فنحن نعرف أنفسنا، ونعرف ماذا نريد، وإلى أين نسير".