واجه فريق الرجاء العالمي في نهائي كأس العالم للأندية الذي نظم بالمغرب، نادي باييرن ميونيخ وكله إرادة وعزيمة خلفه شعب بأكمله، طموحه كبيرة للظفر بكأس لم يسبق لأي فريق عربي أو إفريقي شرف الفوز بها. محاولا بذلك اقتناصها من بين أنياب باييرن ميونيخ، والظهور من جديد على الساحة الدولية بوجه مشرف لاستعادة بعض الكبرياء المفقود لكرة القدم المغربية، نظرا للنتائج المخيبة للآمال اللهم إلا إذا استثنينا منتخب الشبان مع المدرب السيد حسن بنعبيشة ومنتخب الفتيان مع المدرب السيد عبد الله الإدريسي. دخل فريق باييرن ميونيخ المباراة بمنتهى الجدية والاحترام والانضباط خوفا من أن تؤول الأمور الى مالا يحمد عقباه كيف لا وأنه نال إنذارا مبكرا من الدرس الكروي الدي لقنه فريق الرجاء العالمي للأندية الثلاث الأولى أوكلاند سيتي النيوزيلاندي 1-2 وعلى مونتيري المكسيكي 1-2 وعلى نادي أتليتيكو منيرو البرازيلي 1-3. دخل وعينه على الكأس ليزين بها رفوف خزانته فضرب بقوة بهدفين مبكرين جعلت الفريق الكبير بعيدا كل البعد عن الحرج والحسابات الضيقة برغم بعض الغيابات الوازنة داخل المجموعة الرئسية (10)Robbin ، (31) Schweinsteiger وبذلك أعطوا بالدليل الواضح الصبر والتريث قبل فعل الفارق خلال 20 دقيقة لعب من الجولة الأولى. كما جرت العادة حتى في البطولة الألمانية الصبر والتريث قبل الحد من لعب الخصم Limiter le jeu لتسهيل الظفر بنتيجة المباراة وقد نجح بها الأسلوب الى أبعد تقدير. * غيابات وتغييرات غاب كل من Robbin وSchweinsteiger عن التشكيلة الرسمية وقام المدرب كوارديولا بثلاث تغييرات قياسا مع المباراة السابقة ضد جوانزو ايفرجراند الصيني بإشراك كل من: Dante (4) بدل Van Buyten (5) Daniel وShaqiri (11) بدل Mario Gotze (9) وThomas Muller (25) بدل Mario Mandzukic. بداية اللقاء لم يفاجأ أي متتبع لفريق باييرن ميونيخ عندما حاول منذ انطلاق المباراة فرض أسلوبه ووضع الأرجل على الكرة من جهة، ومن جهة أخرى فريق الرجاء العالمي بحث منذ الوهلة الأولى أن يمارس ما أمكن الضغط العالي على الدفاع لأجل عدم بناء عمليات هجومية انطلاقا من خلال رباعي الدفاع Boateng. Dante.Alaba .Rafina . رويدا رويدا تمكن فريق الباييرن الانفلات من هذا الضغط العالي بانتهاجه لشاكلة 1.4.1.4 وقد تتحول الى .2.2.24 فيما دخل فوزي البنزرتي المدير الفني للرجاء العالمي وهو يأمل أن يكون نجومه في قمة مستواهم على غرار المباريات السابقة وهو يعلم أنه يواجه واحد من أفضل الفرق في العالم ولعب بنفس التشكيلة الثابتة في البطولة وبطريقة لعب 4-2-3-1، يعاب على فوزي البنزرتي أنه لم يغير في تشكيلة لاعبيه أو شاكلة لعبه وظل سجين اسلوبه ومجموعته وبذلك غاب عنصر المفاجأة. الدور الكبير (21) Philipp Lahm: متمركز أمام رباعي دفاع الباييرن Lahm وسط ميدان متأخر لأجل تفادي ضياع الكرات الخطيرة للجهتين يتحول في جميع الجهات لأجل خلق التفوق العددي في الأماكن الضيقة ناهيك على أنه يقوم بدور معوض Relayeur في حالة صعود الظهير الأيمن )13 Rafina (والظهير الأيسرَََAlaba (27) في الرواقين لأجل تأمين المنطقة في غيابهما عند ارتداد الخصم. أصدقاؤه فضلوا في البداية اللعب الطويل والمباشر واللعب من الحركة مع السرعة والتدقيق في التمرير من رجل الى رجل مع التنوع فيها في اتجاه Thomas Muller وThiago وFrank Ribery الأسبقية أوShaqiri الذي عليه اصطياد الكرات الضائعة والضغط على دفاع الخصم لأجل ارتكابه أخطاء المناطق الدفاعية القريبة من المرمى. في التغطية خلق Ribery أو Muller أو SHAQIRI نجد كل Kroos Toni لتنشيط وسط الميدان وتأمين الدفاع ومحاصرة الجميع bloquaient ensemble لأجل التناوب وتبادل المراكز فيما بينهم، وتأمين صعود الظهيرين لأجل فك العزلة عن الوسط وخلق تفوق عددي في كثير من حالات اللعب وربح مسافات كبيرة فوق رقعة الملعب بالإضافة لربح كل الثنائيات (les duels) عند ربح أي ثنائيات حتما هي فرصة لبناء مرتد سريع وخاطف نحو مرمى الرجاء، مع تحصين الدفاع ومراعاة دائما المسافة بين الخطوط. الكثرة العددية في عمق دفاع الباييرن يتموضع (39) Kroos غالبا في الجانب الهجومي خلف المهاجمين لخلق حلول إضافية لثلاثي Ribery، Muller، Shaqiri 3+1، زحف الانطلاق (Rampes des lancement) حركة بناء العمليات الهجومية إنطلاقا من الدفاع (la relance). وهذا الأسلوب تنهجه اندية كثيرة على سبيل المثال: Juventus Turin (Pirlo + Barzagli + Bonussi + Chiellini) Bayern Munchen (Kroos + Shaqiri + Ribery + Muller) Paris Saint German (Thiago Motta + Alex Verrattait + Thiago Silva) هذه الخطة تجعل من الظهيرين كذلك التحليق خارج قواعدهما في النصف الآخر من ملعب الخصم. تحصين الدفاع ودفاع المنطقة الذي نهجه فريق الرجاء العالمي فرض على محسن متولي (5) والحافظي (18) الانكماش والعودة مع ظهيرين الرجاء وترك محسن ياجور (20) في عزلة بمفرده في المقدمة. عند تبادل التمرير بين لاعبي دفاع ووسط الباييرن، لا يشكل أي خطورة Kroos على فريقه، عندما يتموضع في كثير من حالات اللعب لطلبه الكرة من ثلاثي البنائين (les relanceurs) Boateng, Dante, Lahm وتقديم لهم الحلول، مع تواجد دائم لاعبين خلف ظهره Ribery, Shaqiri, Muller. من هناك تكون قاعدة غالبية الانطلاقات الهجومية والحركات للباييرن مع استغلال المساحة الحرة المفتوحة على الأطراف، من خلال التراجع الكلي لمتولي والحافظي، تاركين للظهيرين Rafinha وAlaba التقدم نحو مربع العمليات للمؤازرة بكل أريحية في الرواقين، أو حتى اللعب المباشر نحو المهاجمين. شيئا فشيئا نادي باييرن ميونيخ صعد من الكتلة Bloc لتشويش Perturber بناء عمليات الرجاء العالمي وتفادي الضغط في دائرة وسط الملعب، المنطقة التي منها تركيبة البنزرتي تكون بها جد خطيرة عند استعادة الكرة، علما بأن هذا الأسلوب يتطلب عدم الخطأ لأن الخطأ يكلف كثيرا خصوصا وأن الرجاء العالمي متأخرا في النتيجة بهدفين لصفر. من رباعي الدفاع البافاري والذي من خلاله يكون تهييء العمليات بأقل خطأ وعدم ضياع الكرة لأنه ممكن أن يتبع بمرتد خطير كما حدث عندما أراد الحارس Neuer إبعاد الكرة فاصطدمت بالشطيبي الذي قذف الكرة مرت محادية للمرمى على بعد ملمترات الشيء الذي أزعج كوارديولا. بعد الدقيقة العشرين والهدف الثاني بدأ بوضوح تفوق نادي باييرن ميونيخ، وبدأ يلعب السهل الممتنع، تبادل كروي في جميع أرجاء الملعب. الرجاء عاد من جديد إلى التكتل في منطقة دفاعه، أدت إلى مرور الفريق بمرحلة فراغ. ليس من السهل مجاراة نسق وإيقاع لعب نادي باييرن ميونيخ خصوصا أن الفريق أبانوا لاعبيه بوضوح عن علو كعبهم في جل أطوار الشوط الأول والتحكم في مجريات اللعب وبلغة الأرقام وصلت نسبة الإستحواذ على الكرة إلى 78 بالمائة. هجوميا فعالية الباييرن تمر عبر مناورات لعب دقيقة بين ثلاثي الهجوم، خصوصا أن الوسط، ظل حريصا على عدم المجازفة، ويظل (6) Thiago قريبا من جل العمليات، ولا يتدخل إلا قليلا (متابعا العمليات حتى في مربع عمليات الخصم عندما تكون الرؤية واضحة لمرمى الخصم) إضافة إلى Kroos و Lahm يظلون في الحماية (En soutien) لأجل قطع حتما كرات من رجل (28) GUEHI، (99) الراقي أو (5) متولي. الباييرن يتحكم في زمام الأمور: بعد مرور 30 دقيقة لعب من الجولة الأولى، الأدوار أصبحت واضحة ونهائية فريق باييرن ميونيخ كان يستحوذ على الكرة ويسيطر على القسط الكافي من أرجاء الملعب، مع غياب الحضور خلال 30 متر الأخير، التي لم تكن بالفعالية الكافية خصوصا أمام خصم تراجع كليا مكتفيا بهجمات محتشمة تعد على أصابع اليد الواحدة، بعد وقت ضعف وفتور، 4 محاولات حقيقية للتهديف و3 ضربات ركنية خلال الربع ساعة الأخيرة من الجولة الأولى. هنا المعركة أصبحت معركة الاستحواذ الكلي على الكرة، السيطرة الكبيرة على رقعة الملعب، والمعركة الكبرى معركة اللياقة والقوة البدنية. مجموعة البنزرتي لم تعد حاضرة بالقوة اللازمة إلا من خلال استرجاع بعض الكرات الضائعة للخصم التي ما إن يسترجعوها حتى تضيع إما عن طريق التمرير الخاطئ أو التسرع في نقل الكرة إلى منطقة مليئة بكثرة لاعبي الباييرن، العامل النفسي كان له دور كبير (ومباراة برشلونة أرخت بظلالها). فريق الباييرن كانوا حاضرين بكثرة في نصف ملعب فريق الرجاء، لتضييق الخناق عليهم وسرعة استرجاع الكرة عند فقدانها. هناك في الدفاع (17) Boateng و(4) Dante كانا ذا أهمية كبرى في تنظيف للكرات الهوائية (faire le ménage ) وبناء عمليات كانت لها الأثر الكبير في تهديد مرمى الرجاء. شوط أول شوط لاعبين وشوط ثاني شوط مدربين. إنطلاق الجولة الثانية فريق الرجاء العالمي ليس له ما يخسر، العزيمة والإرادة تجددت بعد الراحة بين الشوطين، فبوصوله إلى المباراة النهائية، فهو في حد ذاته إنجاز تاريخي لم يسبق لأي فريق عربي أن نال هذا الشرف بالإضافة فهو أول فريق ينظم الدورة ويلعب المباراة النهائية. بداية قوية وجريئة لفريق الرجاء العالمي، تمكن من تهديد فريق الباييرن انطلاقا من الدقيقة 46 ، من خلال هجمة منظمة إنطلاقا من الدفاع، عبر 4 تمريرات مضبوطة، استفاد على إثرها بركنية بقليل من التركيز بقليل من الحظ، والتموضع الجيد للاعبي الهجوم لكانت الكرة في شباك Neuer، المرتدات السريعة والخاطفة كانت هي مصدر خطورة نادي باييرن ميونيخ. تكسير الاحتكار: الدقيقة 49 تغيير قام به المدرب البنزرتي خروج رقم (8) الشطيبي ودخول (24) Mabede بذلك ظل فريق الرجاء ينقل الكرات عبر تمريرات نحو مربع عمليات الباييرن الذي فرض على غوارديولا التعجيل بتغيير (39) Kroos الدقيقة 60، لخلق توازن في الوسط، ولأجل حماية جيدة (Mieux protéger) ودخول رقم (8) Martinez الذي غير المكان مع (21) Lahm الذي يتواجد في مكان متقدم في الملعب مع (6) Thiago.
إعادة تنظيم الوسط جعلت نادي الباييرن في حماية أحسن للمدافعين (4) Dante و(17) Boateng، ولكنه كلفه الشيء الكثير، صعوبة في نوعية بناء العمليات (La relance) والتواجد في منطقة نصف ملعب الخصم. مع مرور دقائق المباراة، تمكن فريق الرجاء العالمي من فرض سيطرته على بعض مجريات اللعب وكان الأقوى في حالات كثيرة من اللعب. لقد وجد أخيرا فريق الرجاء العالمي قوته الحقيقية في الخلق والإبداع ونقل الكرات سريعا نحو معسكر الخصم بإيجاد حلول عبر التمريرات القصيرة والمضبوطة ناهيك عن تسربات اللاعبين وتبادل المراكز، لاعبين مهاريين، قلب الكرات في المساحات المراوغة والتسديد. هناك كان لزاما على كوارديولا إجراء تغيير ثاني لإيجاد التوازن خصوصا وأن (6) Martinez لم يقم بنفس الدور الذي زاوله زميله (21) Lahm طيلة 60 دقيقة. تموضع كمعوض (Relayeur) وترك Lahm القيام بواجبات داخل الوسط ما بين الخطين خط الدفاع وخط الهجوم، وقد تأتى له ذلك في الدقيقة 78 خروج (25) Muller ودخول الكرواتي (9) Mandzukic، لإيجاد حلول بناء (La relance) وإعادة الكرة انطلاقا من نصف ملعبهم. في غياب (31) Schweinsteiger و (10) Robbin وهما قطعتان أساسيتان في الجهاز، ظل وسط الباييرن فاقد لهويته. مما زاد الطين بلة في حالات كثيرة تم إيقاف تسربات Ribery والحد من خطورته، ظل تائها في هجوم الباييرن ولولا أنه مرشح لجائزة الفيفا أفضل لاعب لكان جالسا في دكة الاحتياط نظرا للمردود الضعيف الذي قدمه. وأبانوا لاعبي الرجاء العالمي عن علو كعبهم وأعطوا دليل واقعية لعبهم حسب المعطيات التي يتوفرون عليها ونوعية اللاعبين التي يضم بين صفوفه والأكثر من ذلك على أنه الأجدر بلعب المبارة النهائية خصوصا أنه أزاح فرق من العيار الثقيل. والأروع في أداء الرجاء العالمي أنه لم يبقى سجين منطقته أو يتكدس أمام مرماه، ولم يصابوا لاعبيه بخوف من نجوم الباييرن بل أدوا شوط ثاني بثقة وهدوء وبمهارات كبيرة بل وأحرجوا في حالات كثيرة من اللعب لاعبين متمرسين على مثل هاته المواجهات الفردية دفاعيا وهجوميا. إننا سعداء لأي خطوة يخطوها أي نادي مغربي وأي منتخب من المنتخبات المغربية وأن الاستضافة خطوة جريئة جدا قد تعطي الثقة للفيفا على أن المغرب برجالاته قادر على التنظيم الأسطوري واستضافة أي تظاهرات حتى من حجم كأس العالم.