قام فريق بحث متخصص تابع لمختبر "مجتمعات صحراوية" بشعبة التاريخ بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة ابن زهر بأكادير، بزيارة إلى فرنسا استغرقت خمسة عشر يوما خلال شهر مارس المنصرم، وذلك في إطار مهمة علمية استهدفت مركز الأرشيفات الدبلوماسية في مدينة نانت الفرنسية، بغرض البحث عن مختلف الصور التي توثق لذاكرة أكادير إلى غاية بداية إعادة تعميرها بعد الزلزال الذي دمرها يوم 29 فبراير عام 1960. ويعتزم فريق البحث العلمي المتكون من أساتذة باحثين، احدى امحمد، وعطوف الكبير، ومدون عبد الكريم، والمازوني محمد، ولطيف محمد، واستيتو عبد الله، تنظيم معرض للصور الخاصة بحدث الزلزال العنيف الذي دمّر أكادير في نهاية فبراير 1960، وخلف أزيد من 35ألف قتيل، وكان بقوة 5.7 درجة على سُلم ريشتر. معرض الصور سيُنظم بمدينة نانت الفرنسية ربيع 2015 وفي خريف نفس العام بمدينة أكادير، وذلك بشراكة مع مركز الأبحاث في التاريخ الدولي والأطلنتي (CRHIA) التابع لجامعة نانت الفرنسية، وبتعاون مع جملة من الفعاليات والمؤسسات المهتمة بالموضوع، وعلى رأسها جامعتا ابن زهر ونانت، والجماعة الحضرية لمدينة أكادير وبلدية نانت، وجهتا سوس ماسة درعة بالمغرب ولالوار أطلانتيك بفرنسا(La Loire Atlantique) ، علاوة على مركز الأرشيفات الدبلوماسية بنانت. و يندرج هذا العمل في إطار تفعيل عدد من الإطارات القانونية الرامية إلى تعزيز التعاون بين هذه المؤسسات، وخاصة الاتفاقية الإطار التي وقعت بين جامعة ابن زهر وجامعة نانت، ثم التوأمة الموجودة بين مدينتي أكادير ونانت، وروابط التعاون بين جهتي لالوار أطلانتيك وسوس ماسة درعة. وبحسب مصدر من داخل جامعة ابن زهر، فإن هذا الفريق قام بمسح شامل لمختلف الوثائق والصور الموجودة بمركز الأرشيفات الدبلوماسية بنانت، والتي لها صلة بجهة الجنوب المغربي عامة، وبمدينة أكادير وضواحيها بشكل خاص، إذ باشر ما يزيد عن 120 ألف صورة همت المجال المستهدف من قبل هذه البعثة، وذلك منذ أربعينيات القرن العشرين إلى غاية نهاية الستينيات منه، فضلا عن الاطلاع على آلاف الوثائق المكتوبة على شكل تقارير يومية، وأسبوعية، وشهرية، ونصف سنوية وسنوية، سواء كانت ذات صبغة عسكرية وسياسية ودبلوماسية، أو ذات محتويات اجتماعية واقتصادية وثقافية. واستطاعت هذه البعثة العلمية، بحسب نفس المصدر، أن تجمع آلاف الصور والوثائق النادرة التي تؤرخ لذاكرة مجال الجنوب المغربي على وجه العموم، والمجال السوسي على وجه الخصوص، حيث كانت خطة عملها ترمي إلى تنويع مصادر التوثيق، لمحاولة إعادة كتابة تاريخ مدينة أكادير وضواحيها قبل زلزال أكادير وأثناءه وما بعده، مع رصد أبعاده المجالية واستقصاء مخلفاته السوسيو اقتصادية والديموغرافية. ووقف هذا الفريق عند معاينته لهذه الصور والوثائق على أهمية مضامين هذه المصادر التي تؤرخ للذاكرة الجماعية والفردية لهذه المدينة السوسية وجهتها، كما استشعر من خلالها هول الصدمة التي خلفها الحادث محليا ووطنيا ودوليا. و أوضحت هذه الوثائق الالتحام الوطني الذي مثلته الزيارة التاريخية التي قام بها جلالة السلطان محمد الخامس إلى مدينة أكادير عقب حدوث الزلزال، بحيث تفقد خلالها عددا من الأحياء السكنية، واطلع عن قرب على الوضع الكارثي الذي نتج عن هذا الحث المؤلم، وكيف تعاطف جلالته مع ساكنة المدينة، فألقى عددا من الخطب في أكادير وإنزكان، والتقى بعدد من فعاليات المدينة، ووضع حجر الأساس لبناء حاضرة عصرية جديدة، وأعطى الانطلاقة لعدد من مشاريع إعادة التعمير والبناء والتشجير الخاصة بمدينة أكَادير الجديدة. و أرخت الصور والوثائق التي تم جمعها من قبل هذه البعثة للتضامن الدولي مع المغرب بخصوص حدث زلزال أكَادير، فتم الوقوف على تقارير دقيقة عن حجم المساعدات ونوعيتها والجهات التي تكلفت بها تضامنا مع ضحايا الزلزال، حيث تبين أن المغرب كان يحظى بتقدير خاص من قبل الدول الصديقة خاصة فرنسا. و استغلت هذه البعثة العلمية تواجدها بالديار الفرنسية، فالتقت بجملة من الهيئات والجهات المشار إليها أعلاه، والتي لها صلة بالموضوع، من أجل وضع تصور مشترك يروم الإلمام بمختلف الجوانب العلمية والتقنية واللوجستيكية، التي من شأنها أن تضمن النجاح المأمول لمعرض الصور الخاصة بمدينة أكادير قبيل وخلال وبعد الزلزال الذي ضربها عام 1960، وذلك بهدف تعزيز الرصيد التاريخي الذي يجمع بين فرنسا والمغرب، وتمتين علاقات التعاون العلمي والثقافي التي تربط ما بين البلدين.