نشر المجلس الأعلى للحسابات مؤخرا تقريره السنوي برسم سنة 2012 ، الذي رفع إلى صاحب الجلالة الملك محمد السادس من طرف الرئيس الأول للمجلس، تطبيقا لمقتضيات الفصل 148 من الدستور. وأوضح بلاغ للمجلس أن هذا التقرير، الذي سلم أيضا إلى رئيس الحكومة ورئيسي مجلس النواب ومجلس المستشارين، يقدم حصيلة أنشطة المحاكم المالية في مختلف مجالات اختصاصاتها، ولاسيما تلك المتعلقة بمراقبة التدبير التي همت عددا من الأجهزة العمومية. وينقسم التقرير السنوي للمجلس الأعلى للحسابات برسم سنة 2012 إلى جزأين، يتعلق الأول بأنشطة المجلس الأعلى للحسابات، ويهم الثاني أنشطة المجالس الجهوية للحسابات. فبخصوص تدبير الدين العمومي، سجل التقرير عدة ملاحظات أهمها وجود نقص في تأطير مستوى المديونية، وغياب إطار لتحليل وتتبع إشكالية هشاشة الدين، والوتيرة المرتفعة في نمو الدين الداخلي، وتركيز الاكتتابات على سندات الخزينة قصيرة الأمد، ووجود نقائص تحد من تطور سوق سندات الخزينة. وفي ما يتعلق بتدبير المنتجات الصيدلية من طرف وزارة الصحة، فقد سجلت بخصوصه عدة ملاحظات من أبرزها، غياب سياسة صيدلية وطنية، وتحديد أسعار مرتفعة لبعض الأدوية، وعدم ملاءمة شروط تخزين الأدوية والمستهلكات الطبية، وعدم تحليل عينات الأدوية من طرف المختبر الوطني لمراقبة الأدوية، وتوفر مصلحة تسيير المنتجات الصيدلية على بناية عبارة عن وحدة لصناعة الأدوية لم يتم استغلالها منذ بنائها سنة 1993 ، والتي تستعمل كمطرح للمنتجات المنتهية صلاحيتها. وبخصوص تدبير الممتلكات ومشاريع الاستثمار العقارية من طرف مكتب التكوين المهني وإنعاش الشغل، سجل التقرير جملة من الملاحظات من بينها عدم وجود تصميم مديري عقاري تندرج فيه مشاريع إنشاء وتوسيع مؤسسات التكوين لمكتب التكوين المهني وإنعاش الشغل، وإحداث مؤسسات للتكوين دون دراسات أولية لتحديد الحاجيات، واستمرار العجز في عرض التكوين بالرغم من مجهودات تطوير البنيات التحتية،وعدم تصفية الوضعية القانونية للممتلكات العقارية. وسجل التقرير بخصوص شركة العمران الدارالبيضاء، ملاحظات همت على الخصوص تحقيق إنجازات متواضعة مقارنة بالتزامات الشركة بخصوص برامج السكن الاجتماعي المنخفض التكلفة بقيمة 140 ألف درهم و 250 ألف درهم، والارتجال في تحديد أثمنة البيع، بحيث تحدد أثمنة البيع دون الاستناد إلى دراسة للسوق أو إلى أي مرجع موثوق به أو معتمد، ومنح امتيازات بصفة غير مبررة لتعاونية عبر تطبيق ثمن يعادل تكلفة التجهيز، مع إضافة علاوة 10 في المائة. وبخصوص شركة العمران وجدة، سجل التقرير ملاحظات من أهمها توجيه الاحتياطي العقاري في غالبيته إلى السكن الترويجي، بالرغم أن تكوينه يتم كليا من العقار العمومي، وصرف مجمل منح صندوق التضامن للسكنى في إطار عمليات التأهيل الحضري وفي السكن الترويجي في بعض الحالات، بينما ينحصر هدف هذا الصندوق في تمويل العمليات المتعلقة بمشاريع السكن الاجتماعي وبرامج محاربة السكن غير اللائق، إضافة إلى التكلفة غير المضبوطة والنقص في التجهيزات فيما يخص عملية السكن بقيمة 140 ألف درهم، فضلا عن التأخر في الإنتاج فيما يتعلق بالسكن من فئة 250 ألف درهم. وفيما يخص تحصيل الغرامات والإدانات النقدية والصوائر والمصاريف القضائية من طرف وزارة العدل، أبرزت مهمة المراقبة المتعلقة به مجموعة من الملاحظات تتمثل أبرزها في تفاقم الباقي استخلاصه بشكل متسارع منذ أن تسلمت وزارة العدل مهمة تحصيل الغرامات والإدانات النقدية سنة 1993 ، بحيث فاق هذا الباقي متم سنة 2012 مبلغ أربعة ملايير درهم. كما أبدى تقرير المجلس الأعلى للحسابات بعض الملاحظات بخصوص طريقة عمل بعض المديريات الجهوية التابعة للمندوبية السامية في التخطيط ومدارس التعليم العالي ( المدرسة الوطنية للصناعة المعدنية والمدرسة الوطنية للإدارة والمعهد العالي للإدارة، والمعهد الوطني للإحصاء والاقتصاد التطبيقي والكلية المتعددة التخصصات بتازة). وبخصوص أنشطة المجالس الجهوية للحسابات، تضمن التقرير السنوي للمجلس الأعلى للحسابات ملخصات 93 تقريرا خاصا، همت خمسة أقاليم، و20 جماعة حضرية، وثلاثة مرافق مسيرة عن طريق التدبير المفوض، و62 جماعة قروية، ومرفقا عموميا محليا واحدا، ومهمة موضوعاتية واحدة، وجمعية واحدة استفادت من الدعم العمومي. وقد سجلت المهمات الرقابية عدة ملاحظات همت مجمل مناحي التدبير على مستوى الأجهزة التي خضعت للمراقبة، منها على الخصوص غياب مخططات التنمية وعدم تفعيل لجان المجالس وغياب رؤية مندمجة لإعادة هيكلة الأحياء ناقصة التجهيز، وضم أجزاء كبيرة من الأراضي المملوكة للخواص في عمليات إعادة الهيكلة، وغياب شبه تام للمرافق العمومية في غالبية الأحياء موضوع إعادة الهيكلة. كما سجل التقرير عجز الجماعة ومختلف المتدخلين عن إيجاد حلول لإشكالية الاستغلال العشوائي لمقالع الرمال، والترخيص وتجديد الترخيص باستغلال لوحات إشهارية دون الإعلان عن طلب عروض، الأمر الذي ينتج عنه ضياع في الموارد. وفيما يتعلق بتدبير النفقات، همت الملاحظات المسجلة التقصير في المراقبة الداخلية لتتبع استعمال الوقود، وغياب رؤية للتحكم في فاتورة الكهرباء واحتواء التراكم المتزايد للمتأخرات وغياب النظرة الشمولية بخصوص تقديم الإعانات والمنح المقدمة للجمعيات وعدم إبرام اتفاقيات للشراكة معها. وبالنسبة لمجال الممتلكات، تم تسجيل بعض الملاحظات من قبيل كراء مجموعة من الأملاك بدون عقود، واستغلال بعض الممتلكات من طرف أشخاص غير أولئك الذين تم التعاقد معهم، وعدم أداء واجبات الكراء من طرف العديد من مستغلي الأملاك الجماعية، وتقاعس المصالح المختصة عن اتخاذ الإجراءات المناسبة. وفيما يخص تدبير بعض المرافق العامة، سجلت المجالس الجهوية للحسابات عدة ملاحظات تتمثل أبرزها في ضعف شروط المنافسة المتعلقة بإجراء طلبات العروض من أجل إيجار الأسواق الأسبوعية وافتقار المجازر الجماعية لمعايير الصحة والسلامة، ووجود نواقص تعتري تدبيرها. وبالنسبة لمرفق توزيع الماء والكهرباء وتدبير التطهير السائل بالرباط وسلا والصخيرات- تمارة من طرف شركة "ريضال"، سجل التقرير عدة ملاحظات أهمها تأثير بعض المخالفات المرتبطة بالتسيير المحاسبي على الناتج الصافي السنوي وعلى حقوق كل من السلطة المفوضة والزبائن والأغيار، والرفع من التكاليف المسجلة، بواسطة نفقات غير تعاقدية وأخرى صورية، وكذا عن طريق زيادات غير مبررة. وفي ما يتعلق بمرفق توزيع الماء والكهرباء وتدبير التطهير السائل والإنارة العمومية بجهة الدارالبيضاء الكبرى من طرف شركة "ليدك" (ميدان الفوترة)، سجل التقرير عدة ملاحظات من أبرزها غياب مؤشر لتقييم أحقية وملاءمة الأرباح الموزعة من طرف المفوض له، ونقصان الشفافية والوضوح لدورة و مراحل التزود بالماء، وفوترة بعض الخدمات في غياب السند القانوني والتعاقدي، وتحويل أموال لفائدة فرع "ليدك للخدمات" رغم توقف نشاطه، واحتساب المساهمات دون الرجوع إلى الوثائق الرسمية والمعايير المعتمدة. و بخصوص تدبير مرفق جمع النفايات والتنظيف وتدبير المطرح العمومي لمدينة طنجة، همت الملاحظات إبرام الشركة المفوض إليها لعقود خدماتية مع الأغيار دون إخبار الجهة المفوضة، وغياب خدمتي جمع النفايات والتنظيف داخل المناطق الملحقة حديثا بالمجال الترابي لمدينة طنجة، وعدم تنظيم وتقنين عملية جمع وإيداع نفايات الأغيار في المطرح العمومي، والصرف العشوائي لعصارة النفايات (الليكسيفيا) مباشرة في الأنظمة البيئية المجاورة للمطرح العمومي. كما همت ملاحظات التقرير تدبير مرفق النقل العمومي بعمالة تزنيت، ومنها السماح ببداية الاستغلال بالاعتماد على رخصة مؤقتة قبل المصادقة على دفتر التحملات، وعدم إجبار الشركة على استغلال جل الخطوط الواردة بالاتفاقية، وعدم تطبيق الغرامات المتعلقة بخرق صاحب الامتياز للمقتضيات التعاقدية. و يقدم الجزء الثاني من التقرير والمخصص للجماعات الترابية نظرة موجزة حول المالية العامة المحلية، حيث سجل أهمية استثمارات الجماعات الترابية، والتي تمثل نسبة 20 بالمائة من استثمارات الدولة، في حين لا تتجاوز نسبة النفقات العادية معدل 8 بالمائة من مجموع النفقات العادية للدولة. كما أبرز التقرير تحسن مستوى الموارد التي عرفت ارتفاعا متوسطا بنسبة 6,92 بالمائة خلال الفترة من 2008 إلى 2012، مع تسجيل أهمية الموارد المحولة من طرف الدولة والتي قاربت نسبتها 62 بالمائة من مجموع مداخيل الجماعات الترابية سنة 2012، والمستوى المنخفض للدين بحيث لا تتجاوز نفقات خدمة الدين 10 بالمائة من مجموع نفقات التسيير. أما في ما يتعلق بمجال التدقيق والبت في الحسابات، فقد تم التدقيق والبت في ما يناهز 1020حسابا، مقدما من طرف مختلف المحاسبين العموميين، صدرت بشأنها أحكام بالعجز بمبلغ إجمالي قدره حوالي 31 مليون و57 ألف درهم. وخلص التقرير إلى أنه في مجال التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية، همت إجراءات المتابعة أمام المجلس 78 شخصا، وتم إصدار 82 حكما وقرارا.